سلّطت شبكة «الجزيرة» الضوء على المعارك الأخيرة في العراق ضد تنظيم الدولة في آخر معاقله المتبقية في قضاء الحويجة، التابعة لمحافظة كركوك العراقية، والمقرر أن تجري استفتاء على الاستقلال في 25 سبتمبر الجاري. وقالت الشبكة إنّ هناك تخوفات من البيشمركة الموجودين الآن على مشارف المدينة، ومن جهة الجنوب هناك القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي؛ ومن المحتمل أن يحدث صدام قريب.
وأضافت، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ قوات البيشمركة تعهّدت بالدفاع عنها لو اضطرهم الأمر إلى ذلك؛ سواء ضد التنظيم أو أيّ قوات أخرى تريد السيطرة عليها. وفي زيارة للمنطقة للصحفي «أسامة بن جافيد»، عرض الأمر من هناك ومن وجهة نظر القوات البيشمركة المرابطة.
«الحرب المقبلة في العراق لن تكون ضد الجيش العراقي؛ بل ضد المقاتلين الذين يريدون طردنا من أرضنا»، هكذا قال جندي بيشمركي كردي لـ«الجزيرة» بعد خروجهم مدينة كركوك وتوجههم إلى الجبهة بالقرب من «الحويجة» التابعة لتنظيم الدولة.
وأضاف: «هذه وجهة نظري الشخصية».
«أنا جندي وأنفّذ الأوامر، لكنّ شعوري أنّهم لا يريدون منّا أن نحافظ على كركوك، التي هي من حقنا، وسترى بعد الاستفتاء أننا سنقف إلى جانب شعب كردستان في جميع المجالات، وسيصوتون للبقاء كجزء من كردستان»، وقال أيضًا إنّ «الطريق ملغّم؛ لكننا اقتربنا من كركوك»، المنطقة المتنازع عليها في شمال العراق؛ حيث سيُجرى استفتاء على انفصالها غدًا.
وتضيف الجزيرة: «يمتد الجدار العازل إلى أقصى حدّ يمكن للعين رؤيته على ضفاف قناة رافدية صغرى، ونحن نقود على جسر متبقٍّ يربط الجانب الآخر من ضفاف النهر، وبينما نقترب من الجسور المدمرة على الجانب الآخر من الجدار الحاجز يخبرنا البيشمركة أنّ مقاتلي التنظيم على بعد بضعة كيلومترات من هنا ولا يزالوا يقودون هجمات».
وفي مايو، تمكن اثنان من المقاتلين اجتياز جميع الحواجز ونقاط التفتيش ونفّذا هجومًا على قاعدة عسكرية، وانضمت قوة منهم للحراسة، بينما حراس آخرون على موقع مرتفع يؤدون واجبهم كخط الدفاع الأخير بين مقاتلي البيشمركة وتنظيم الدولة.
وتقع مواقع تنظيم الدولة على بعد كيلومترين تقريبًا، وقيل لنا ونحن نتسلق بناء مصنوعًا من الطين، من المحتمل أن يكون مجرد حاجز بصري لإبعاد أعين القناصة عن القوات الموجودة، ورأينا الزجاج المقاوم للرصاص يزين الجدران، وأخذ الزجاج من المركبات المدمرة وبعضها من المعدات التي تخلت عنها القوات العراقية في عام 2014 أثناء فرارهم من تقدم تنظيم الدولة.
وقالت الشبكة إن جنود البيشمركة هنا فخورون جدًا بأنهم هزموا «تنظيم الدولة» وردعوا مقاتليه عن القواعد العسكرية وريف مدينة كركوك بمساعدة خارجية محدودة جدًا، مضيفة: «يقولون إنهم لا يريدون الحرب؛ ولكنهم مستعدون لذلك إذا فُرضت عليهم. الحويجة هي آخر معقل لتنظيم الدولة، لكن لم يستطع أحد أن يحكم هذه المنطقة لسنوات».
وتابعت: «عرضوا علينا الماء والشاي بينما نزور المواقع المتعددة الموجودين فيها، وأنشؤوا خط دفاع بارتفاع أمتار قليلة، وحفروا الخنادق على الطرق المؤدية إلى الحويجة، بينما تتقدم القوات العراقية والمليشيات الشيعية من جنوب المدينة، ومنذ بدء هذا الهجوم لم تشارك البيشمركة حتى الآن».
وأضافت أيضًا أنّ هناك أهمية استراتيجية للحويجة؛ لأنها البوابة بين صلاح الدين وديالى إلى كركوك والأنبار. ولسنوات عديدة كانت الطرق الخلفية لسلسلة «جبال حمرين» القريبة توفّر طرقًا للتهريب؛ ما يصعّب من السيطرة على هذه المنطقة، وتقول التقديرات إنّ أقل من ألفي مقاتل من تنظيم الدولة لا يزالون في الحويجة؛ ولكنّ ما سيأتي بعد التنظيم فيها أكثر مشقة للبيشمركة.
فهناك إجماع على أنّ أيام التنظيم فيها أصبحت محدودة، ولم تُرسم التوقعات بشأن مستقبل هذه المنطقة. ونظرًا للطابع الطائفي للقوات التي ستحل محل تنظيم الدولة؛ يواجه الأكراد عزلة سياسية بعد إصرارهم على التصويت من أجل الاستقلال. ويقول الناس هناك إنّ «كركوك»، الغنية بالنفط، عراق صغير؛ بسبب تكوينها السكاني المختلط، فبينهم الأكراد والتركمان والمسيحيون والعرب.
وختمت: «وبينما نمضي عبر الحقول المفتوحة والجسور المدمرة والحواجز، لا يسع المرء إلا أن يعتقد أنه مع التوترات العرقية والطائفية المتزايدة فمن المحتمل أن يكون بقاؤه على قيد الحياة هناك أمرًا إعجازيًا».