لا يمكن فصل الفيلم المسيء للنبي الأعظم وتوقيت نشره عن التحولات الأخيرة التي حدثت في الوطن العربي بدء من تونس ومرورًا بمصر واليمن وسورية والصومال ووصول الإخوان إلى سدة الحكم فيها – باستثناء سورية القادمة على الطريق إن شاء الله – هذه التحولات الايجابية التي فاجأت الدنيا لم ترق لكيانات عالمية كبيرة وفقا للتحالفات الدولية ولغة المصالح المالية لتلك الدول والقائمين عليها التي تتعارض مع أي أفكار ترفض الفساد وتسعى لمحاربته بكل الوسائل المشروعة .
ولا أستطيع أن أفهم مجريات الأحداث السلبية التي تحدث في كل هذه الدول بمعزل عن محاولات أقطاب الدولة العميقة العودة إلى واجهة الأحداث من جديد عبر إحداث القلاقل والمواجهات المختلفة على أكثر من صعيد لتشتيت الأذهان وعرقلة الجهود المبذولة للعبور بالسفينة إلى بر آمن .
ولا يمكن إبعاد الفيلم المسيء للرسول الكريم عن فصول هذه الحرب القذرة التي تتكاتف فيها قوى ثلاث في ما يشبه مثلث برمودا قاعدته قوى تقطع أوصالها أفكارها المختلفة وتلملم شتاتها كراهيتها التيار الإسلامي ، وضلعا المثلث قوى مسيحية متطرفة معظمها في الخارج وأيدي يهودية خبيثة تفرق لتسد .
أغلب الظن التقاء مصالح هذا الثالوث الوضيع ليعيد رسم خارطة الوطن العربي من جديد وفق تحقيق كل فريق لأهدافه وأحلامه التي يحيا لها ويدافع عنها باستماتة . الفريق الأول النصارى الذين يحلمون منذ ألف عام أو يزيد بدولة قبطية منفصلة في جنوب مصر ، خصوصا بعد نجاح الغرب في تقسيم العراق والسودان وسعيهم إلى تقسيم سورية . الفريق الثاني اليهود وهؤلاء يهمهم إضعاف الدولة المصرية عبر هذا التقسيم الذي سيدخلها في آتون أزمات طائفية لا تنتهي ونكون قد شغلنا بأنفسنا في الداخل ليتمكن اليهود من السيطرة والنفوذ على منطقة الشام ويضيقون الخناق على مصر . أما الفريق الثالث فيمثل قاعدة هذا المثلث الساقط وهم الكارهون للتيار الإسلامي ويتحالف معهم أذناب الفساد من نظام مبارك . كارهو التيار الإسلامي هم علمانيو مصر الساعين إلى هدم القيم الإسلامية عبر دولة علمانية لا سقف للحريات بها ، لذا يحاولون تشويه صورة الإسلاميين وفى مقدمتهم الرئيس المنتخب محمد مرسى وجماعته وحزبه .
من خلال السرد السابق لا استطيع اعتبار الفيلم المسيء للنبي إلا كجزء من تلك المحاولات التي تتصيد في الماء العكر وتحاول تشويه صورة الإسلاميين وإحراج الرئيس مرسى أمام الدول الإسلامية والعربية التي اعتبرته رمزا مشابها لأردوغان تركيا ، خصوصا بعد أن ارتفعت أسهمه كثيرا في الأيام الأخيرة لاسيما بعد خطابه في طهران .
الفجرة الذين تعمدوا اختيار هذا التوقيت لنشر فيلم الإساءة للنبي الكريم في وقت بدأت فيه مصر تتعافى وتتجه نحو الاستقرار ، وبدأت الاستثمارات تتقدم على بابها إنما يسعون إلي أحداث فتنه داخليه و جر مصر إلي معارك خارجية ,حتى لا تتمكن من إعادة البناء ومن ثم إفشال الثورة . لذلك مهما بلغ بنا الغضب من هذا الفيلم علينا ألا نمكن هؤلاء من بلوغ أهدافهم الدنيئة ولن يتحقق إلا إذا أحسنا اختيار طرق التعبير عن هذا الغضب ، حتى يخزيهم الله كما أخزاهم في المحاولات السابقة طوال 20 شهرا سابقا .
ولو عدنا إلى الوراء قليلا بالتزامن مع إعلان انفصال جنوب السودان وتدشين دولته المستقلة ، أعلن عدد من أقباط المهجر والجمعية القبطية الأمريكية وعلى رأسها هذا الموريس " الكاذب " الذي لا يفتأ يهاجم مصر وجيشها ومسلميها بجرائم مختلفة ، قد أعلن أنه سيتم تدشين هذه الدولة القبطية في مصر في الجنوب يوم إعلان "المسيحيين" في جنوب السودان دولتهم المستقلة.
في اجتماع قالوا إنه " ضم الهيئة التأسيسية للدولة القبطية وتم انتخاب الدكتور عصمت زقلمة رئيسا للدولة القبطية والمستشار موريس صادق سكرتيرا تنفيذيا للدولة القبطية والمهندس والإعلامي نبيل بسادة أمينا عاما للدولة القبطية والمهندس إيليا باسيلى مفوضا عاما للتنسيق الدولي للدولة القبطية .
كيف نفهم الفيلم المسيء بعيدا عن ذلك المخطط الثالوثى القذر بعد أن زعم المؤسسون لمشروع الدولة القبطية إن دولتهم "ستشمل حكما ذاتيا للأقباط في مصر" وسيعمل "المؤسسون ولجنة المائة والأعضاء بداخل مصر ومنهم نجيب جبرائيل ومايكل منير وخارجها على حشد التأييد لفكرة الدولة الجديدة بين أقباط مصر والتي ستكون على شاكلة "دولة أكراد العراق".
وأشاروا إلى أن أقباط مصر سيعيشون في ذات المناطق على امتداد مصر كلها ، وسيكون لهم تنظيم سياسي مستقل عن الحكومة المركزية في صورة حكم ذاتي وسيكون لهم محاكم خاصة وقضاة مسيحيون يحكمون وفقا لأحكام "الكتاب المقدس"، ومحاكم مدنية تطبق القانون الفرنسي، ومحاكم جنائية تطبق القانون الدولي، ومحاكم أخرى مختلفة تنظر النزاعات بين المسلمين والأقباط، وسيكون لهم وزارات مقابلة للوزارات الحكومية بما فيها الشرطة والمخابرات وأمن الدولة وكذلك جامعات ومدارس قبطية، على أن يكون للجامعات القبطية والمدارس القبطية حق تربية أجيال لتعليمهم اللغة القبطية وإبعاد اللغة العربية " لغة المحتل المسلم " عن هذا التعليم.
كما زعموا أن "الدولة القبطية" ستقوم بتعيين سفراء أقباط لها في كل الدول أسوة بدولة الفاتيكان ، كما ستعمل الدولة القبطية من دون رقابة من الحكومة المركزية في مصر التي قالوا إن دورها "سيقتصر على إدارة شئون رعاياها المسلمين على أن تشترك هذه الدولة القبطية مع الحكومة المركزية في إدارة جيش البلاد ويمثل فيه الأقباط بكل الرتب العسكرية لحماية أمن مصر".
كيف نفهم الفيلم المسيء بعيدا عن ذلك المخطط الثالوثى الوضيع بعد أن أوضح مؤسسو هذه الدولة الوهمية – في بيان نشر على الانترنت – أنهم سيلتقون بسفراء الدول الخمس في مجلس الأمن بنيويورك وبسفراء الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية الصديقة وبعدد من أعضاء الكونجرس وأعضاء لجنة الحريات الدينية لبحث إمكانية دعم الولايات المتحدة والدول الأوروبية ودول العالم للدولة القبطية الجديدة . توجه هؤلاء المؤسسون آنذاك بالشكر خصوصا لبابا الفاتيكان والرئيس الفرنسي السابق ساركوزى لمساندتهما الأقباط، وأرسل الموريس الكاذب خطاب لرئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو من "الدولة القبطية" شكرا لما يقوم به من مجهود ومساعدات "للدولة القبطية الحديثة .
يذكر أن هذا " الموريس الكاذب " مسيحي مصري – أمريكي يعمل فى المحاماة ، ويعد أحد أقباط المهجر من مواليد عام 1943 ، هاجر لأمريكا في العام 2000، وشغل منصب رئيس الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية، كما شغل عضوية نقابة المحامين المصرية والأمريكية .
واشتهر موريس بمواقفه المتطرفة تجاه مصر عامة والمسلمين خاصةً، وكان أول من طالب في عام 2004 بتدخل "إسرائيل" في شئون مصر الداخلية لحماية الأقباط عقب أزمة وفاء قسطنطين.
واستغل " الفاجر " ثورة يناير، وطالب بالتدخل الدولي بزعم توفير الأمن والعدالة لـ"المسيحيين" في مصر، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل طالب بإنشاء ما يسمى "الدولة القبطية" التي تساهم – على حد قوله – في الحكم الذاتي لهم داخل مصر، وتساعدهم على الحصول على حقوقهم المهدورة.
وله العديد من الآراء والمواقف التي أثارت جدلاً واسعًا، وجعلته مثارًا للجدل والشك، من بينها مطالبته بالتدخل الدولي في شئون مصر الداخلية ومنع المعونة الأمريكية عن مصر، إضافة إلى إصداره العديد من البيانات والتصريحات التي هنأ فيها رئيس الوزراء " الإسرائيلي " بضرب أسطول الحرية، وتهنئته السنوية لـ"إسرائيل" في ذكرى النكبة، معتبرًا أن "إسرائيل" من أعظم الدول والشعوب المتقدمة التي استطاعت أن تخطو خطوات نحو الديمقراطية والمدنية.
لذلك كله لا يمكن أن نفهم الفيلم المسيء للنبي بعيدا عن هذه المثلث القذر ، لكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ، ونعول على نصر الله لمصر وسائر الأقطار العربية والإسلامية أمام هذه الحرب القذرة التي يشنها أعداء الإسلام في كل مكان .