الظاهر أن الجو العام الرسمي العربي -بلا استثناء- أنه بات لا يقوى على إخفاء مشاعره الجياشة تجاه إسرائيل والتطبيع معها والتمرمغ بأحضانها، والظاهر أيضا أنه لم يعد قادرا على كتمان لهفته وفرحته بقرب تصفية القضية الفلسطينية بالكامل والتخلص منها ومن همها وأهلها إلى الأبد، هذا الجو العام الرسمي العرلي ظهر جليا بشدة من خلال حجم الحقائق الضخم التي بات يعلمها المواطن العربي حتى ذاك البسيط المعدم، حقائق صادمة حول ما يخطط ويحاك لهذه الأمة ولقضيتها التي كانت يوما أساس كل القضايا، وحقائق عما سيحدث تاليا وكيف سيحدث وكيف سينفذ ومن سينفذ ومتى سينفذ، وكأن مثل هذه المعلومات الدقيقة والخطيرة حول التعامل الجديد مع إسرائيل والقضية الفلسطينية وجدت لها طريقا سهلة مُسَهَّلة إلى العلن على غير العادة! ربما أن القادة العرب وصناع قرارهم السياسي لسان حالهم وكأنه يقول يقول لنا “أيها المواطن العربي أياً كنت، هذا ما سيحدث، وليكن بعلمك أننا أردنا لك أن تعلم، فقط من باب العلم بالشىء لا أكثر، شاهد ولا تتدخل، وإياك ثم إياك أن تتدخل أو تعترض أو تحتج أو أن تفكر حتى بأن تبدي رأياً، لا يهمنا رأيك ولسنا بحاجة له ولم يكن يهمنا ما كان يهمك أصلا”.
يا أيها المواطنون العرب، يا من عانيتم نار الظلم والقهر والفقر والتكميم والتكتيم والخيانة والفساد في أتون أنظمتكم العربية، يا من خُطط لإفقاركم وتخلفكم وتشرذمكم من منكم بات لا يعلم عن قرب سن قوانين تجرم من يدعو على إسرائيل بالفناء والزوال؟
من منكم لايعلم بأنه لن يستطيع في القريب التلفظ علنا بجمل من قبيل “القضية الفلسطينية، اللآجئين الفلسطينيين، القدس عاصمة فلسطين، الأسرى في سجون الإحتلال، أراضي 67، فلسطينيي 48، فلسطينيي الشتات، مخيمات اللجوء الفلسطيني”؟
من منكم لا يعلم بأنه يؤسس حاليا لجيل عربي فاسد سينظر إلى المقاومة الفلسطينية كتقليد بائد متخلف من عصور الديناصورات، وأن المقاومة إرهاب والإحتلال سلام ونبذ اليهود تخلف وتحجر فكري، ومجرد التفكير بزوال إسرائيل إجرام وتطرف؟.
يا أيتها الجماهير العربية العريضة المكلومة، هل بينكم رجلٌ رشيد ولا يعلم أن أزمة الخليج الأخيرة وحصار قطر وتوابعها هي خطوة أولى فقط، من ضمن خطوات طويلة للبدء بتأسيس الدويلة الفلسطينية على تراب غزة بعد اغتيالها واغتيال شعبها ومبانيها وحواريها ومزارعها وأشجارها وبحرها وجوها، وبعد اغتيال مقاومتنا؟
من بقي من الشرفاء منكم ولا يعلم بعد أن هذه الدويلة سيراد لها أن تولد ميتة، وربما ستمتد نحو جزءً أو أجزاءً من سيناء؟
من لا يعلم بأنهم أرادوا أيضا من خطوة كهذه التخلص من الإعلام الحر والكلمة الجريئة والتغطية المباشرة والتواجد في قلب الحدث؟ أنتم تعلمون يا جماهيرنا العربية جيدا أنهم يريدون منكم أن تشاهدوا عملية التنفيذ خطوة بخطوة من خلال إعلام موجه يقلب لكم الحقائق ويُزين لكم أعمالهم الشيطانية ويغسل لكم أدمغتكم ويُشْرِبَكُم الخسة والنذالة والجبن في قلوبكم.
هم يريدون منكم أن تذهبوا أبعد من ذلك، هم يردون أن تلجأوا مرغمين للتضامن مع إسرائيل حين تُغتال غزة وأهلها بنسائها وأطفالها وشيوخها وشبابها وشوارعها وحاراتها وصفيحها، ومقاومتنا، من منكم لا يعلم ذلك؟.