بعد عرض تسع حلقات من الجزء الثاني لمسلسل “الجماعة”، يشهد موجة غضب شديدة من محبي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والحكم العسكري لما سُرد به؛ خاصة خضوع حركة “الضباط الأحرار” إلى آراء الأديب سيّد قطب قبل انضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين، باعتباره المستشار السياسي والثقافي لهؤلاء الضباط، الذين كانوا ينادونه دومًا بـ”أستاذ سيد”، وفقًا لأحداث المسلسل حتى الآن.
ويصرُّ الكاتب وحيد حامد في كلِّ تصريح له على أن مسلسل “الجماعة ” مطابقٌ للأحداث التاريخية وفقًا لمراجع موثّقة؛ لكن هذا الأمر لم يأتِ على أهواء مؤيدي النظام العسكري.
يضرب النظام العسكري
يقول المخرج خالد يوسف، الذي ساعد في أحداث الانقلاب العسكري الأخير بمصر وصوّر مظاهرات 30 يوليو: “لم أُسْتَفَزّ في حياتي على أثر تشويه وتزييف التاريخ مثلما حدث عندما شاهدتُّ مسلسل الجماعة 2، وكنت لا يمكن أن أعلّق إلا عندما استمعت لمؤلفه الأستاذ وحيد حامد، الذي لديه إصرار عجيب على أن ما سرده في مسلسله هو الحقيقة المطلقة، وأنه قد استوثق بشكل علمي من كل حرف قد كتبه”.
وأضاف: “إنْ كان الإخوان قد شاركوا في ثورة يوليو أو أصحاب فضل عليها، وهم مَن صنعوا ثورة 25 يناير، كما يُصرّ دائمًا الأستاذ وحيد؛ يصبح من غير المعقول أن نحاربهم الآن (دي البلد تبقى بتاعتهم)، ولم يكن لنا حق أن نثور عليهم في 30 يونيو”.
واختتم المخرج مقالته بصحيفة “المصري اليوم”: “هذا الاعتقاد يضرب في شرعية كل الأنظمة وكل الرؤساء الذين حكموا مصر؛ بدءًا بجمال عبدالناصر ومرورًا بالسادات ومبارك والمجلس العسكري حتى السيسي. والوحيد الذي يصبح غير مطعون في شرعيته هو رئيسهم محمد مرسي”.
الإخوان والضباط الأحرار
من جانبه، اعترض سامي شرف، سكرتير جمال عبدالناصر لشؤون المعلومات ووزير الدولة لشؤون الرئاسة في آخر عهده وأوائل عهد الرئيس السادات، على ما اعتبره “ادعاءً غير صحيح من مؤلف المسلسل بأن عبدالناصر كان عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين قبل ثورة يوليو”.
إلا أن رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع اليساري، رفعت السعيد، نفى صحّة ما قاله سامي شرف بأن عبدالناصر لم يبايع جماعة الإخوان قبل اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، وقال إن “ضباطًا بالجيش تعاونوا مع الجماعة باعتبارها الفصيل الذي يقف في مواجهة الاحتلال البريطاني، بالتزامن مع انخفاض شعبية حزب الوفد”.
فيما قال الكاتب صلاح عيسي إن “الواقعة للأسف صحيحة”.
ومن جانبه، أوضح الناقد طارق الشناوي جدلية الإخوان والضبّاط الأحرار في المسلسل قائلًا: “تبقى جدلية الميول الإخوانية لعبدالناصر، الذي كان يحمل اسمًا حركيًا (زغلول)؛ فالمسلسل ترك مساحة ضبابية بين اتهام عبدالناصر بأنه مُنضمٌّ تنظيميًّا للإخوان وبين كونها مجرد شائعة؛ إلا أنه حسم الموقف عن طريق تنظيم الضباط الأحرار الذي أنشأه عبدالناصر”.
سيد قطب مُنظّر وفيلسوف
كتب الدكتور خالد منتصر، عبر حسابه الشخصي بموقع “فيس بوك”: “ناقص وحيد حامد يقول إن عبدالناصر خد رأي سيد قطب في ماركة الكافولة بتاعة ابنه خالد ونوع اللبن الصناعي بتاع عبدالحكيم. (الجماعة 2) جعلت من سيد قطب مُنظّر الثورة وفيلسوفها”.
وتابع: “عبدالناصر كل شوية يسأله نصيحتك إيه يا أستاذ سيد؟ وساعة قانون الإصلاح الزراعي لما زعق له وقال له ما أنتم خلاص خدتوا القرار اعتذر عبدالناصر بسرعة وقال له ده مجرد مشروع؛ فالحمد لله سيد قطب وافق لهم فنفّذوا”.
لدينا الوثائق
وقال وحيد حامد إن “التاريخ لا يُكتب بأمزجة السياسيين. أنت أمام وقائع وعشرات الوثائق التي تتناول حدثًا واحدًا من مختلف الزوايا، عبدالناصر ترك الإخوان وأسّس تنظيم الضباط الأحرار بشروط محددة وردت في المسلسل؛ وهي أن الانتماء للوطن وليس لأحزاب أو جماعات”.
وأضاف: “الإخوة الناصريون غاضبون وجعلوني مرشدًا للإخوان دون أن ينظر أحد بعين الحيدة. وفي الوقت نفسه لن يستطيع أحد جرجرتي إلى معارك جانبية، والمسلسل قادر على الدفاع عن نفسه. لدينا الوثائق الدالة على كل مشهد”.