في 15 يوليو الماضي، أحبطت تركيا محاولة انقلاب قام بها عسكريون، ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحكومته المنتخبه شرعيًا، واتهمت جماعة عبدالله جولن بالوقوف وراء هذا الانقلاب الفاشل.
الكاتب سعدات إيرجين، تحدث في مقال له بصحية “حرييت” التركية عن الضابط الذي بادر بإعلام أجهزة الاستخبارات التركية بالمخطط الانقلابي، فضلا عن تفاصيل التحركات التي قام بها جهاز الاستخبارات التركي استنادا لتلك المعلومات، لإحباط الانقلاب.
وأوضح “سعدات” أن الضابط فضل عدم ذكر اسمه، وأطلق على نفسه اسم “و.ك”، وكذلك لم يرد ضمن أي لائحة اتهام تخص ليلة محاولة الانقلاب، تجمعه علاقة وثيقة بتنظيم فتح الله غولن، وذلك منذ أن كان في المدرسة الابتدائية. ومن المثير للاهتمام أن اسم هذا الضابط.
وأضاف الكاتب -بحسب تقرير ترجمته عربي21- أنه وإثر إقرار قانون الطوارئ عقب محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا، تم فصل الضابط “و.ك” من عمله؛ لارتباطه بتنظيم غولن، ولكن بعد مرور فترة وجيزة، أُعيد هذا الضابط إلى عمله مرة أخرى، ولكن على اعتباره عنصرا في جهاز الاستخبارات التركي.
تفاصيل كشفها الضابط
الكاتب تطرق أيضًا إلى بعض التفاصيل الدقيقة التي كشفها جهاز الاستخبارات التركي بعد فشل محاولة الانقلاب، فقد ورد خبر استعداد مجموعة عسكرية للقيام بعملية عسكرية على الساعة الرابعة عصر يوم الانقلاب.
إثر ذلك، اتصل رئيس جهاز الاستخبارات التركي، هاكان فيدان بنائب رئيس الأركان ياشار جولر عند الساعة الرابعة والنصف، حتى ينقل له معلومات خطيرة تتعلق بتحركات عسكرية مرتقبة.
في أعقاب ذلك، زار مساعد رئيس جهاز الاستخبارات التركي مقر الأركان؛ بغية نقل خبر محاولة الانقلاب بشكل مباشر للجنرال غولر، وفي الوقت ذاته، توجه رئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان شخصيا إلى مقر رئاسة الأركان، والتقى رئيس الأركان خلوصي أكار، وقدم له تقريرا مفصلا حول الأخبار التي حصل عليها جهاز الاستخبارات فيما يتعلق بمحاولة الانقلاب.
ونقل الكاتب على لسان الضابط “و.ك” تفاصيل ذلك اليوم.
وقال “و.ك”: “كنت في رحلة مع عائلتي في منطقة أكجاي، وقبل يومين من محاولة الانقلاب، وتحديدا في 13 من يوليو، اتصل الضابط المسؤول عني داخل المؤسسة العسكرية وشدد على ضرورة وجودي على رأس عملي يوم 15 يوليو”.
وأضاف الضابط “و.ك”: “تركت عائلتي صباح يوم الانقلاب، وتوجهت إلى مكان عملي، وفور وصولي أخبرني الطيار مراد بولاط أننا سنطير معا هذه الليلة، إثر ذلك، قدم أحد المسؤولين البارزين، ويدعى دينيز أديمير، وقال لي إنه يعرف جيدا أنني أنتمي لتنظيم جولن، وسنقوم بعملية عسكرية هذا المساء، سأخطف هاكان فيدان بواسطة طائرة مروحية، وستتكفل أنت ومراد بولاط بالتحليق في أجواء المدينة، ستراق دماء كثيرة هذه الليلة”.
وتابع الضابط “و.ك”: “في أعقاب ذلك، توجهت إلى مقر جهاز الاستخبارات لأعلم المسؤولين هناك عن هذه العملية العسكرية، وقد قام ثلاثة عناصر باستجوابي هناك؛ وذلك بغية معرفة تفاصيل أكثر عن حقيقة ما يحدث في الخفاء، وأبلغتهم بأن هناك احتمالًا كبيرًا بأن تقع محاولة انقلاب، وذلك على خلفية قرار الهيئة العسكرية العامة بتنفيذ عمليات تطهير على نطاق واسع داخل المؤسسة العسكرية ضد العناصر الذين ينتمون لتنظيم جولن”.
وأورد الكاتب أن عناصر جهاز الاستخبارات حاول التأكد من صحة أقوال الضابط “و.ك”، حيث طلبوا منه مدهم بأرقام الهواتف المحمولة للضباط المتورطين في هذه العملية، كما أمروا الضابط “و.ك” بالاتصال بأحد هؤلاء المسؤولين، فبادر “و.ك” بالتواصل مع الضابط أديمير الذي أعلمه بضرورة الحضور إلى المقر؛ نظرًا لأن قائد القوات البرية سيقوم بزيارة القاعدة الجوية.
وبين الكاتب أن عناصر الاستخبارات وظفوا “و.ك” كجاسوس لهم داخل القاعدة، حيث وضعوا جهاز تنصت بين ثيابه للاستماع لتفاصيل العملية التي تحاك في السر، وفي هذا الصدد، قال “و.ك”: “ترددت كثيرا في البداية، ولكني قبلت فيما بعد تولي مهمة التنصت على الانقلابيين”.
ليلة الانقلاب
في أعقاب ذلك، توجه “و.ك” إلى مقر القيادة الجوية. في الوقت ذاته، أرسلت رئاسة الأركان قائد القوات البرية صالح زكي جولاك إلى مقر القيادة الجوية، للقيام بعملية تفتيش، والتحقق من وجود أي تحركات عسكرية مريبة، إثر المعلومات التي وردت من قبل جهاز الاستخبارات.
وأفاد الكاتب بأنه وبعد مرور بعض الوقت، اتصل أديمير بالضابط “و.ك”، وقال له: “هناك مهمة جوية تنتظرنا، سنذهب حالا”.
وذكر “و.ك” أن “العديد من الجنود والمدنيين كانوا يتهيأون للطيران، لقد كانت هناك مجموعة ضخمة من الأسلحة والذخائر، في حين كانت جميع الطائرات المروحية جاهزة في الخارج وفي انتظار الأوامر”.
وقال إن “مراد بولاط كان المسؤول عن الطائرات المروحية، وقد توجه تجاهي بولاط قائلًا: “تجهز، سنطير نحو قاعدة أكنجي العسكرية”.
ووفقا للمعلومات التي صدرت من قبل المحكمة، فقد اتصل الضابط “و.ك” بأحد عناصر الاستخبارات، وأخبره بما يحدث، معربا عن شكوكه حول إمكانية حدوث انقلاب.
وأشار إلى أن العديد من المروحيات تستعد للتوجه نحو قاعدة أكنجي العسكرية، ونتيجة لذلك، طلب ضابط الاستخبارات من الضابط “و.ك” مغادرة القاعدة العسكرية، والامتناع عن الذهاب لقاعدة أكنجي، وأمره بالتوجه لمكان محدد، حيث من المفترض أن يلتقيا.
وقال الكاتب إن الضابط “و.ك” نفذ الأوامر مباشرة، حيث غادر مقر القيادة الجوية، وأبى المشاركة في مهمة الطيران باتجاه قاعدة أكنجي العسكرية، وتوجه للمكان الذي حدده له ضابط الاستخبارات.
في ذلك الوقت، كانت محاولة الانقلاب قد انطلقت فعلا، في حين نشبت العديد من الاشتباكات في جميع أنحاء العاصمة أنقرة.