ترى صحيفة “فينانشال تايمز” الأميركية أن نتائج انتخابات إيران سيكون لها عظيم الأثر على أسواق النفط خلال الأعوام المقبلة .
ربيع عام 2017 هو بالتأكيد موسم الانتخابات، في فرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية وسيعقبه انتخابات المستشارية في ألمانيا في الخريف، وبالنسبة لشركات الطاقة الدولية وسوق الطاقة العالمي، لا يوجد أي شيء أكثر أهمية من الانتخابات الرئاسية في إيران التي تجري في 19 مايو.
ويخوض الانتخابات 12 مرشحاً ولكن المنافسة الرئيسية ستكون بين الرئيس الحالي حسن روحاني ومنافسه إبراهيم رئيسي، والتصنيف الغربي على أنها منافسة بين المعتدلين والمتشددين، هو اختزال غربي مريح؛ فالفروق الدقيقة في السياسات والولاءات تجعل المقارنة بين المرشحين أكثر تعقيداً فالسيد “روحاني” ليس ليبرالي علماني والسيد “رئيسي” ربما ليس متشدداً كما يعتقد البعض على أساس وظيفته السابقة كمدعي عام .
ولكن الفائز في السباق سيكون له صوت فى اختيار خليفة المرشد الأعلى معتل الصحة آية الله على خامنئي، وسيحدد مواصلة الصراع المرير مع السعودية وتدمير اليمن وعما إذا كانت إيران ستواصل دعم نظام الأسد في سوريا، وعلى الصعيد الدولي ستكون قرارات الرئيس القادم حاسمة في تحديد العلاقة الإيرانية مع الولايات المتحدة ومستقبل نظام العقوبات الذي يقيد في الوقت الراهن الاستثمار الأجنبي وخاصة في قطاع النفط والغاز.
. ويضيف التقرير أن معظم شركات النفط العالمية تراقب الوضع الحالي في إيران؛ فعلى الرغم من رفع العقوبات الأميركية جزئيا عندما تم التوصل إلى اتفاق بشأن الخطط النووية الإيرانية في عام 2015 إلا أن بعض العقوبات مازال سارياً، وبموجب قوانين العقوبات الأمريكية الحالية لا يسمح لمواطني الولايات المتحدة بالمشاركة في أي نشاط يتعلق بإيران، وفي العديد من الشركات الغربية الكبرى يجب على كبار المدراء حاملي جواز السفر الأميركي مغادرة الغرفة عند مناقشة أي أمر يتعلق بإيران، كما تعيق العقوبات قدرة المستثمرين الدوليين على استخدام النظام المصرفي الدولي لتمويل النشاط في إيران.
وبعد قضية بنك” باريبا”، التي فرضت غرامة قدرها 8،9 مليارات دولار على بنك أوروبي لعدم التزامه بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، اتخذ ضباط الامتثال وجهة نظر سلبية حول أي مشاركة على الإطلاق .
ورغبة شركات النفط في الدخول إلى السوق الإيرانية مرتفعة جداً؛ إذ تحتفظ إيران باحتياطيات تصل الى 150 مليار برميل من النفط، وأكثر من 1000 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وخلف كل ذلك موارد ضخمة غير مستكشفة، كما أن التكاليف منخفضة، والكثير من الهياكل الأساسية اللازمة للتنمية موجود بالفعل حتى لو احتاجت إلى تحسين، ولدى معظم الشركات أهدافها المحددة، وبالنسبة للمنتجين، وقطاع الخدمات والقطاعات الداعمة لهما والفنيين والقانونيين المختصين، إيران بمثابة منجم ذهب ينتظر أن يفتح ..
ويحتاج الإيرانيون بالتأكيد إلى الاستثمار والتكنولوجيا، وارتفع الإنتاج منذ التوصل إلى الاتفاق النووي وبلوغ الإنتاج اليومي إلى 3.8 ملايين برميل، يصدر منها يومياً 2.3 مليون برميل، ولكن هناك دلائل تفيد أن هذه الأرقام هي حدود إيران القصوى وسيكون من المستحيل الوصول بإنتاج النفط إلى 5 أو 6 ملايين برميل، وهو ما تسعى الحكومة إلى تحقيقه والبدء في إنتاج كميات كبيرة من الغاز للتصدير دون مشاركة دولية كاملة النطاق، وسيكون من المستحيل على الحكومة الإيرانية أن تلبي توقعات أولئك الذين يعتقدون أن الاتفاق النووي سيضع حداً لعقود من المصاعب الاقتصادية دون زيادة إنتاج النفط والمبيعات.
.وحتى الآن، اقتصرت مشاركة الشركات الكبرى على إجراء محادثات استكشافية حول الصفقات المحتملة التي لا يمكن أن تصبح حقيقية إلا إذا تمت إزالة العقوبات، وحتى هذا النقاشات تم تقييدها في الأشهر الستة الماضية بسبب حالة التشكك في نوايا الرئيس ترامب الذي وصف الاتفاق النووي الإيراني بأنه “أسوأ صفقة على الإطلاق” ولكن من الواضح أنه لم يمزق الاتفاق خلال أول 100 يوم في البيت الأبيض، وأصبحت حالة اللايقين تكتيك تفاوضي أميركي، في مواجهة المستثمرين المحتملين الراغبين في الاستثمار في إيران الذين لا يمكنهم فعل أي شيء سوى الانتظار.
ومن بين الشركات الغربية التي ترغب في التعامل مع إيران، شركة النفط والغاز الفرنسية “توتال”، حيث اتخذ الرئيس التنفيذي لشركة “توتال” “باتريك بويان” زمام المبادرة في التعامل مع إيران ووافقت الشركة على مشروع مشترك لتطوير المرحلة 11 من حقل الغاز الضخم “جنوب بارس”. ويعمل توتال بالشراكة مع شركة”سي إن بي سي” المملوكة للحكومة الصينية التى يمكنها تمويل المشروع عبر البنوك الصينية، مما يجعلها محصنة ضد العقوبات الاميركية، ولكن حتى مع دعم من الحكومة الفرنسية لشركة “توتال” مازالت الشركة متخوفة من استمرار العقوبات ضد إيران .
وفي الوقت الراهن، قدمت شركة “أو إن جي سي” الهندية المملوكة للدولة عرضاً بقيمة 3 مليارات دولار لتطوير حقل غاز “فرزاد بي” ومجموعة من الشركات الروسية بقيادة “روزنيفت” و”لوكويل” أكثر الشركات نشاطاً في إيران .
وستحدد نتائج الانتخابات في البلاد محصلة هذه الاستثمارات؛ إذ أن هناك خطر واضح من أن المواقف الراسخة والعداء المتبقي بين إيران والولايات المتحدة، والذي يعود إلى عقود، يمكن أن يجمد الوضع ويؤخر الاستثمار الجاد لسنوات قادمة.
ومن ناحية أخرى، لا توجد أية دلائل على أن الإدارة الأمريكية الجديدة تريد الدخول في حرب فعلية أخرى في الشرق الأوسط، وكل تشير الدلالات إلى أن الشركات الأمريكية ترغب في المنافسة مع الشركات الأخرى في السوق الإيراني، ويمكن أن يكون هناك تبادل للمصالح في “مراجعة” الاتفاق النووي القائم .
وإذا حدث ذلك وخففت العقوبات، فإن الاستثمار سيتدفق إلى إيران بسرعة كبيرة، وسيمول عملية التطوير والإنتاج الجديدة، وسيتم ضخ هذا الانتاج في السوق بسرعة كبيرة وعلى أي شخص يريد معرفة ما سيجري في سوق النفط خلال العامين المقبلين فإن عليه أن يراقب نتائج الانتخابات الإيرانية بعناية فائقة