يُعد سد الفرات من أهم السدود في سوريا والوطن العربي، حيث يحتوي على محركات لتوليد الطاقة، إضافة إلى أنه يعتبر جسرًا بريًا يصل بين ضفتي نهر الفرات الشمالية والجنوبية في المنطقة.
وتوجد عند المدخل الشمالي للسد قناة “البليخ” لموازنة تصريف المياه وتخفيف الضغط على السد، وتستخدم لأغراض الري أيضا، كما أن للسد ثماني بوابات تصريف مياه مزودة بعنفات توليد الطاقة الكهربائية.
ويولد سد الفرات 880 ميغاواط بالساعة إذا عملت مجموعاته الثماني التي تبلغ طاقة كل واحدة منها نحو110 ميغاواط، وتعتبر محطة سد الفرات أول محطة كهرمائية في سوريا.
و”يحتجز” السد خلفه بحيرة تبلغ طاقتها التخزينية 14 مليار متر مكعب من المياه، ويبلغ طولها 80 كلم، ويصل عرضها إلى 5 كلم، وكانت البحيرة إحدى أهم موارد الثروة السمكية في سوريا.
وبالإضافة إلى أهميته في الري وتوليد الكهرباء، يحتوي سد الفرات على مواقع أثرية قريبة منه ومن بحيرة الطبقة، من أبرزها قلعة جعبر الأثرية وبرج عليا، ومئذنة أبو هريرة، وقبر السلطان العثماني الغريق سليمان شاه.
بدأ تشييد السد عام 1970 بواسطة خبراء من الاتحاد السوفييتي، كانوا مسؤولين بالدرجة الأولى عن المشروع وفعاليته، بحسب المهندس الروسي، جينادي نيفيديوف، الذي ترأس الدفعة الأولى من الخبراء السوفييت، وكان مشرفًا على قطاع مشروع المحطة الكهرومائية، وعمل في الفترة من عام 1970 حتى 1973.
وقال “نيفيديوف”، في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم” في 2008، إن الاتحاد السوفييتي أوفد مهندسين وخبراء من كافة الاختصاصات من البناة وعمال التركيب؛ وبلغ العدد الإجمالي للاختصاصيين السوفييت في سوريا مع عوائلهم 12 ألف شخص، في حين شارك ببناء السد حوالي 1500 عامل ومهندس سوري، بحسب أرقام رسمية.
وأضاف المهندس الروسي أن “المرحلة الأولى بدأت بالحفر والتجريف داخل حفرة أساس المحطة الكهرومائية، إضافة إلى تلحيم هياكل التسليح الفولاذية قبل صب الخرسانة، وبعد ربط الهياكل الفولاذية ببعضها، بدأ بناء المحطة إلى أن تم ركم السد وإغلاق المجرى نهائيًا في 1973”.
معارك بعد اندلاع الثورة السورية
تمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على سد الفرات في فبراير 2013 وانتزاعه مع مدينة الطبقة من قوات النظام السوري التي قصفت السد وألحقت به بعض الأضرار. غير أن تنظيم الدولة تمكن من السيطرة على السد نهاية 2013 بعد هيمنته على كامل محافظة الرقة إثر معارك مع المعارضة المسلحة.
وشهد محيط السد من الجهة الشمالية اشتباكات عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة؛ في مسعى من القوات الكردية والأميركية لبسط السيطرة على السد ثم مدينة الطبقة، من أجل نقل المعارك لاحقا إلى الجزء الغربي من مدينة الرقة التي تعد أبرز معاقل تنظيم الدولة في سوريا.
وبحسب وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم الدولة، فإن سد الفرات مهدد بالانهيار في أي لحظة بسبب الضربات الأميركية، والارتفاع الكبير لمنسوب المياه المحتجزة خلف السد في أكبر البحيرات الصناعية المعروفة باسم “بحيرة الأسد”.
وأضافت الوكالة أن بوابات تصريف السد أغلقت بعد انقطاع التغذية الذاتية من التيار الكهربائي، مما أدى إلى توقف جميع تجهيزات وأقسام السد عن العمل بشكل كامل؛ مشيرة إلى صعوبة وصول فرق الصيانة إلى جسد السد ومبانيه بسبب كثافة القصف الجوي والمدفعي واحتدام المعارك في مدخل السد.
ويبلغ طول سد الفرات 4500 متر، بحسب أرقام رسمية، في حين يبلغ عرضه من القاعدة 512 مترًا ومن القمة 19 مترًا وارتفاعه 60 مترًا، ويرتفع عن سطح البحر 308 أمتار، ويتسع جسم السد لـ 41 مليون متر مكعب من المياه، ويحتوي على ثماني بوابات تصريف مياه مزودة بعنفات توليد الطاقة الكهربائية.
خطر الانهيار
وانهيار سد الفرات يعني -كنتيجة مباشرة- غمر ثلث مساحة سوريا؛ فضلا عن تأثر مناطق واسعة في العراق تصل إلى مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.
وتصدّر “سد الفرات” حديث وسائل الإعلام، خلال الأيام الماضية، نتيجة احتراق غرفة العمليات فيه وخروجها عن الخدمة، بعد تعرّضها لقصف العمليات العسكرية التي يشنها “التحالف الدولي” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ضد “تنظيم الدولة”، بمعقله الرئيسي في سوريا، مدينة الرقة.
تحذيرات أطلقها مهندسون عملوا سابقًا في السد، من استمرار العمليات العسكرية في محيطه، والتي قد تؤدي إلى انهيارٍ كارثي، “لم يحدث قبل هذا التاريخ ولن يحدث بعده”، بحسب توصيف مدير السد السابق المهندس، عبد الجواد سكران، في حديثٍ إلى موقع (عنب بلدي).
ونشرت وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم الدولة، الأحد 26 مارس الماضي، تسجيلًا يظهر احتراق غرفة التحكم وتحطّم أغلب التجهيزات الموجودة. وأوضحت “أعماق” أن “ديوان الخدمات” غير قادر على إرسال ورشات الصيانة إلى سد الفرات (الطبقة)، نتيجة القصف الأميركي المكثف على المنطقة.
وظهر في التسجيل المهندس أحمد الحسين، مسيّر أعمال السد، وتحدث عن القصف الذي يتعرض له سد الفرات من قبل الطائرات، وتحطّم أغلب التجهيزات الموجودة في داخله. وأوضح أن “التغذية الكاملة فقدت عن محطة السد، وبدأت المياه بغمر كافة التجهيزات”، لافتًا إلى أن “السد خرج عن الخدمة بشكل كامل”.
لاحقًا، أعلن التنظيم مقتل الحسين إلى جانب مساعده الفني حسين الخلف، بقصف جوي استهدفهم أثناء محاولتهم الدخول إلى السد للقيام بأغراض الصيانة، الإثنين 27 مارس، تزامنًا مع هدنة أعلنتها قوات “سوريا الديمقراطية”.