نشرت صحيفة “تسايت” الألمانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن “شعبوية” عبد الفتاح السيسي، التي فاقت كل التوقعات، مشيرة إلى أن ما أسمته “النظام العسكري” نجح في نسف مبادئ الديمقراطية أمام أعين المجتمع الدولي.
وقالت الصحيفة إن الجيش المصري متمسك بمقاليد الحكم منذ سقوط الرئيس محمد مرسي، سنة 2013، معتمدا في ذلك على الشعبوية واستغلال الدين لمآرب سياسية.
وأكدت الصحيفة أن هذا المزج بين الشعبوية واستغلال المشاعر الدينية للمصريين، ساعد “السيسي” على بسط نفوذه، حيث يحاول تنصيب نفسه كـ”نموذج للرئيس المصري الخلوق الذي يحتذى به”. كما أن الملفت للنظر هو تنصيب السيسي نفسه “الناطق الرسمي” باسم الدين، محاولا بذلك تبرير سياسته القمعية والحصول على تفويض شعبي لممارسة السلطة حسب أهوائه، كما تقول الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن الأجهزة الأمنية والعسكرية تستغل المساجد والكنائس لفرض رؤيتها الدينية، وذلك عبر إيهام الناس بأن طاعة السيسي واجب مقدس، في محاولة منه لإقناع المصريين بأن الدولة تسعى إلى حمايتهم من براثن التطرف، كما يسعى السيسي لإيهام الشعب المصري بأنه حامي “الأخلاق الحميدة”، وبأن كل الأفكار والمبادئ المعارضة لتوجهاته “مغلوطة ولا تتوافق مع مبادئ الشعب المصري”.
وأضافت الصحيفة أن السلطة الحاكمة تعتبر نفسها ضامنة للاستقرار وحامية للشعب، علما أن الجيش المصري سبق وأن تقلد الحكم سنة 1952 عقب انقلاب عسكري نظمه في ذلك الوقت ضباط في الجيش المصري لينصبوا لاحقا أنفسهم بمثابة “آباء” للشعب المصري.
وأشارت الصحيفة إلى أن السياسيين المصريين شككوا في قدرة الجيش على تسيير شؤون البلاد، مشددين على أن الجيش المصري لا يريد سوى أن يخدم مصالحه، قائلة: “من جهة أخرى، يسعى الجيش المصري، من خلال شعبويته، إلى تكريس نظام حكم يتعارض مع الدستور ومع مبادئ الديمقراطية، وفي هذا الإطار، وضع النظام العسكري سنة 2014 دستورا يتماشى مع مصالحه”.
ووفقا لهذا الدستور، لا يمكن للبرلمان مناقشة الميزانية المخصصة لوزارة الدفاع، علاوة على ذلك، ألغيت كل آليات مراقبة القوات المسلحة، كما توسعت مجالات اختصاص القضاء العسكري، حيث مَثُلَ آلاف المصريين، من طلبة وناشطين حقوقيين، أمام المحاكم العسكرية منذ سنة 2013.
وأضافت الصحيفة أن نفوذ الجيش المصري شمل أيضا المجال الاقتصادي والاجتماعي، وفي هذا الإطار، أصدر السيسي سنة 2015 قرارا يسمح للجيش بإنشاء الشركات الربحية، وفي المقابل، هاجمت وسائل الإعلام الحكومية العمال والموظفين الذين طالبوا بزيادة الأجور، واتهمتهم بأنهم يخدمون “أعداء الشعب المصري”.
بالإضافة إلى ذلك -بحسب الصحيفة- تقوم وسائل الإعلام المصرية بالتشهير بكل المنظمات غير الحكومية التي تندد بانتهاكات حقوق الإنسان وتنتقد السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، وقد استغلت السلطة الحاكمة هذه الظروف، وأصبحت تنتهج سياسة معادية للشعب، مدعية بأنها تخوض حربا ضد التطرف، وأنها تسعى إلى تحقيق الاستقرار في البلاد.
في الوقت نفسه، تقمع الحكومة المصرية كل نفس معارض، ولهذا الغرض عدّلت السلطة الحاكمة القوانين بشكل يتعارض مع قيم العدل والمساواة ويتنافى مع مبادئ الحوكمة الرشيدة، ومن بين القوانين التي تم إصدارها؛ قانون مكافحة الإرهاب، كما جاء في تقرير الصحيفة.
وبينت الصحيفة أنه رغم سعي النظام المصري إلى بسط نفوذه، إلا أنه فشل في تحقيق الطفرة الاقتصادية المنشودة، كما فشل في فرض النظام الذي لطالما تشدق به في كل مناسبة، في المقابل، عمل النظام المصري على تطويع البحث العلمي لصالحه
ولفتت إلى أن النظام الحاكم المصري يعمد إلى تهميش هموم شعبه، وبدلا من اتخاذ إجراءات تساهم في تهدئة الأوضاع، استمرت الحكومة المصرية في اتخاذ إجراءات تعسفية باسم الشعب، ومع صعود الرئيس الأميركي، دونالد ترامب للحكم، فمن المحتمل أن يواصل السيسي سياسته القمعية، متجاهلا بذلك كل الأصوات التي تندد بسياسته الاستبدادية.
وقالت الصحيفة إن العديد من الحقوقيين أصبحوا متخوفين من استقواء السيسي بالإدارة الأميركية الجديدة؛ نظرا لأن ذلك يعني تماديه في قمع أصوات معارضيه بمباركة المجتمع الدولي، الأمر الذي سيؤدي إما إلى سجنهم أو نفيهم خارج البلاد.