شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وعادت “الكورة” إلى مكانتها الطبيعية – فادى رمزى

وعادت “الكورة” إلى مكانتها الطبيعية – فادى رمزى
بعد ان انهينا حديثنا السياسى المعتاد، فجأة سألنى صديقى: "هو الأهلى لعب ماتش قريب فى بطولة افريقيا؟" ... بلمت...

بعد ان انهينا حديثنا السياسى المعتاد، فجأة سألنى صديقى: "هو الأهلى لعب ماتش قريب فى بطولة افريقيا؟" … بلمت لثوانى ثم قلت: "أه … واتعادل باين" … فرد: "لأ ياعم باين خسر 2:3" .. قلت له: "لآ الزمالك هو اللى خسر … انا قريتها من يومين فى الجرنال، استنى كده اشوفها ع النت" … ثوانى قليلة واكتشفنا تدنى معلوماتنا الكروية … فالأهلى فاز، والمنتخب هو اللى خسر بهذه النتيجة ..

ملحوظة: منذ عدة سنوات كنت ستجدنى انا وصديقى هذا على اى كافية او قهوة نغطى "فعاليات" تلك المباريات، على الهواء مباشرة بمنتهى الحماسة والنشوة … ولن يفوتنا اوفسايد حتى لا نتناقش حوله لدقائق عديدة بمنتهى القوة.

مؤخرا فقدنا تلك الحماسة تماما … وان كنا استعدنا بعضا منها اثناء مباريات اليورو الأخيرة، وهللنا لفوز اسبانيا وانسجمنا مع لعبها، وفى الهافتايم كنا عادى نتجادل حول البلد واحوالها.
بعد نهاية اليورو "ربما" نشاهد مباراة الأهلى والزمالك القادمة فى كأس أفريقيا … على سبيل التغيير واهى فرصة نتقابل مع باقى اصدقاءنا ونروّح شوية عن انفسنا.
نعم … هكذا صارت كرة القدم فى حياتنا … لقد عادت الى مكانتها الطبيعية.

كانت كرة القدم منذ اقل من سنتان هى المتنفس الوحيد للتعبير عن غضبنا وسخطنا وايضاً للشعور بالفخر بالإنتماء لوطننا الغالى … فقط اذا فاز فريقنا او منتخبنا بكأس أفريقيا !!
فاكرين كيف كان حال الشوارع فى 2006 و2008 و2010 … بعد ان فاز منتخبنا بكأس الأمم الأفريقية … كانت الأعلام مالية الدنيا، والهتافات مدوية … والوان العلم المصرى على جباهنا وخدودنا ..

أتذكر جيدا يوم ان نزلت مع اسرتى يوم التنحى … يوم 11 فبراير 2011 … لأول وهلة ظننت ان مصر قد فازت بكأس افريقيا مرة رابعة، ثم ما ان رأيت الدبابات حتى تذكرت ان ما كنا نظنه مستحيلا قد حدث بالفعل، فقد تنحى الغول مبارك عن الرئاسة … ويومها ايقنت انه لا يوجد مستحيلات فى هذه الدنيا، وبعد ان احتضنت العديد من الأصدقاء الأوفياء الذين قابلتهم فى الميدان، نظرت للسماء اذ ربما ارى العنقاء تطوف اجواء المحروسة.

لقد عادت كرة القدم لمكانتها الطبيعية … ولم اعد ابدأ قراءاتى الصحفية اليومية بصفحة الرياضة، ولم تعد على قائمة قنواتى المفضلة مودرن شلبوكة، علشان خاطر المستكاوى فقط والله، ودريم غندور و… مش فاكر حتى مصطفى عبده كان فى اى قناة فضائية.

صارت كرة القدم للترويح والتنفيس فى لحظة معينة حسب جدول انشغالاتنا … او نخصص لها الوقت المناسب مادامت هناك فرصة، ولا نتصارع حولها وننشغل بلعن الحكام، فهم طلعوا اغلب من الغلب بالنظر لمن الآن يحكموننا.

لقد خرج المنتخب من بطولة افريقيا … يا خسااااارة … طب حظ اوفر فى تصفيات كأس العالم … ولو خرجنا منها مش كارثة قومية … فمجالات الفخر ببلدنا قد اصبحت متاحة وفى مجالات عديدة اكثر اهمية … ولها تأثير مباشر وفورى علينا وعلى مستوى وأسلوب معيشتنا.

تخيلوا لو حصلنا على ميداليات عديدة فى اولمبياد لندن القادمة … بالتأكيد سنسعد جداً، ونشعر بالفخر … ولكن كلها يومين وننشغل بالدستور المطلوب والبرلمان المحلول والرئيس اللى مطلوب منه الكثير من الحلول.

وبالتأكيد لو قام محمد مرسى باستقبال الفرق فى القصر الجمهورى وصرف المكافآت المبالغ فيها، منتخب مصر حصل على مكافأة للهزيمة فى ام درمان عن "عدم التأهل" لكأس العالم 2010، بالتأكيد سيتعرض مرسى وقتها لإنقتادات شديدة … من الشعب اللى طموحاته كبيرة ومن الإعلام اللى اساسا مش طايق له كلمة.

لقد كان مبارك يبالغ فى الإعتناء بكرة القدم لأنها تلهى الشعب عنه وعن نظامه، وعند نجاحاتها يمكننا ان نتوهم اننا قد صرنا دولة متحضرة … بل ان الأغانى الوطنية قد صارت تؤلف وتلحن ويعاد بث القديم منها مع مشاهد لأهداف زيدان وابو تريكة !!!

أى هوان هذا كنا فيه ؟؟؟ كيف لم نقم بثورة منذ 10 سنوات فى ظل انحصار آمالنا، كشعب مكون من 80 مليون نسمة يعانى اغلبهم من انعدام الكثير من سبل الحياة الكريمة المحترمة، فى الفوز بكأس افريقيا كل سنتان … ويا سلام لو معاهم فوز الأهلى أو الزمالك بكأس الأندية … او ياااااه بقى،  نتغلب فارق هدف من البرازيل ونفوز على ايطاليا … ده احنا عالم اول واحنا مش عارفين، واتارى الفقر والجهل دول من فقرات الكاميرا الخفية، وإحنا من طيبتنا قلنا ذيع يا ابراهيم خلينا نغير شوية !

لقد اخترنا بمزاجنا ان نضع كل همنا فى الكرة … ونستعين بها من اجل السلامة النفسية والشعور بالفخر والرضا عن احوالنا … نحن ندين لها بالفضل حقيقى، فبدونها كنا من زمان ضربنا ولسعنا ..

ولكن الساحرة المستديرة تم بالتأكيد استغلالها، لإدارة رؤسنا بعيدا عن اس الفساد فى حياتنا، وهو ليس مبارك وحده بل نظامه كله الذى لعب بنا الكرة وفى اوقات توقف الموسم الكروى كان يخرج خفافيش الفتنة الطائفية حتى موعد مباراة القمة القادمة.

 عادت الكرة الى مكانتها الطبيعية ..

لعبة تثير الحماسة والإهتمام، وبها دراما تخفف عنا الأحمال … بس خلاص، هذا هو مقدارها … ولا يجب ان تجعل المصرى يفقد اعصابه او يصاب بأزمة قلبية لو خسر فريقه او يرمى يمين طلاق على ام العيال لو غيرت القناة من قدامه … فالآن توجد اسباب أكثر أهمية لكى يحدث لك كل هذا لو اعطيت للأحداث الجارية الفرصة، فيكفى ان تكون ثورجى وزوجتك فلولية حتى يلعب الشيطان برأسك وتنسى العشرة.

ولم تعد الكرة تجعل فارس احلام البنت المصرية عماد متعب او احمد حسن، فالآن يسرى فودة وعمرو حمزاوى وحتى ابو حامد يتصدران الأحلام العذرية … وصار من الطبيعى ان تتأخر البنت خارج المنزل بسبب وجودها الضرورى فى اى اعتصام او مليونية، أو لأداء أنشطة سياسية او مجتمعية تشعر بوخزات الضمير لو لم تفعلها.

عادت كرة القدم إلى مكانتها الطبيعية ..

ويارب ماحد يرجعها تانى من هناك … كفاية عليها قوى كده.

المصدر: رصد



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023