ضجّت وسائل الإعلام الاجتماعية، والبرامج الحوارية التلفزيونية المصرية والصحف بعد ظهور تقارير تفيد بأن رئيس البرلمان في البلاد ونائبيه استخدموا أموال الدولة لشراء السيارات بقيمة مئات الآلاف من الدولارات.
الضجة التي أثيرت حول ثمن المركبات يأتي في الوقت الذي يحاول المصريون فيه التكيف مع أقل التكاليف للصمود في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ عقود.
الفضيحة _بعد تقييم عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي بأن مصر “فقيرة وفقيرة جدا جدا”_ قد لامست وترا حساسا في بلد لا تزال تعاني من إدخال مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية اللاذعة و تدابير التقشف التي عملت على ارتفاع الأسعار وتفاقم الصراع من قبل معظم المصريين لتغطية نفقاتهم.
اللدغة كانت قاسية بحيث أنها يبدو قد عملت على تآكل بعض من الشعبية الساحقة التي يتمتع بها الجنرال الذي تحول إلى رئيس لاحقا بعد أن قاد التحرك الذي طرد خلاله سلفه في 2013.
سعر اثنين من المواد الغذائية الأساسية وهي السكر وزيت الطهي، زادت بشكل طفيف يوم الاربعاء لحاملي البطاقة التموينية، حسبما ذكرت وسائل الاعلام وهي أحدث ضربة لملايين المصريين الذين يعتمدون على دعم الدولة للمواد الغذائية من أجل البقاء.
في بلد يقطنه أكثر من 92 مليون نسمة حيث يعيش ما يقرب من ثلث السكان تحت خط الفقر بتعريف الأمم المتحدة، في حين أدت “الإصلاحات” الاقتصادية الأخيرة إلى رفع التضخم الأساسي إلى حوالي 26 في المئة في ديسمبر كانون الأول، مما اضطر الملايين من الفقراء والطبقة المتوسطة المصرية للتكيف مع حياة أقل مستوى من ذي قبل. فيما أدى تعويم الجنيه، الذي شهدته البلاد إلى فقدانه نصف قيمته مقابل الدولار، وتسبب في ارتفاع أسعار السلع المستوردة، بما في ذلك الجبن والقهوة.
وعمل على رفع الرسوم الدراسية في المدارس الدولية في مصر.
الضجة التي أثيرت حول السيارات ذهبت أبعد من ذلك عندما شكك عضو البرلمان البارز محمد أنور السادات علنا حول شراء رئيس البرلمان علي عبد العال ونوابه، وبحسب ما ورد فقد أحيل المذكور إلى اللجنة التأديبية للبرلمان.
دافع بيان للبرلمان عن عملية الشراء، حيث قال إن السيارات المشتراة كانت مدرعة بسبب المخاوف الأمنية – وبالتالي أدى ذلك إلى ارتفاع سعرها. تكافح مصر لاحتواء تمرد المتشددين الإسلاميين، من قبل الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء. غالبا ما تستهدف مليشيات الجهاديين قوات الأمن في مناطق استراتيجية، ولكنها تجرأت أيضا الى البر الرئيسى لاستهداف وزراء وأعضاء نيابة عامة وقضاة وتجمعات للمسيحيين. و
في سعيها للتأكيد على شرعية الشراء، وقال البيان أيضا أن الحكومة قد وافقت على تمويل إضافي للبرلمان بحوالي 22 مليون جنيه مصري (1.15 مليون $) بين عامي 2015 و 2016 لشراء سيارات للرئيس، نائبيه وغيرهم.
كلفت سيارة الرئيس حوالي 425800 $، في حين تم رصد ما مجموعه 12 مليون جنيه (حوالي 600،000 $) لسيارات نائبيه.
هكذا أديرت الأموال وأضاف البيان، “نقلق بشأن الاقتصاد عندما يتعلق الأمر بالإنفاق.” فيما قال الكاتب المخضرم حمدى رزق: لقد كان البيان معيبا وأن “أولئك الذين يريدون للآخرين شد الحزام يجب عليهم شد أحزمتهم الخاصة أولا.”
وقد لعب السيسي على المخاوف المصرية من الفوضى والعنف مشابهة لتلك الموجودة في الدول العربية الأخرى لحشد التأييد للحرب ضد المتشددين الإسلاميين، حملته على مرسي وحظر جماعة الإخوان والناشطين العلمانيين المؤيدين للديمقراطية ونشطاء حقوق الإنسان.
وقد تحدث أيضا في كثير من الأحيان عن “الأشرار” المتآمرين ضد هذا البلد. وأضاف “إذا خسرت مصر، فإنها لن تعود”، كما قال.
الانتقادات من الإنفاق الحكومي تحت حكم السيسي ليست جديدة في مصر – حيث فرشت الطرق العامة بسجادة حمراء كبيرة في العام الماضي لموكبه خلال زيارته لتدشين مشروع للإسكان، الحفل آنذاك سرعان ما أصبح هدفا للسخرية والانتقادات اللاذعة في وسائل الاعلام الاجتماعية. ولكن هذه المرة، كل شيء يبدو أكثر شخصية, حيث شككت الكاتبة مي عزام في مقالة نشرتها صحيفة المصري اليوم برسالة السيسي.
حيث تساءلت “”إذا افترضنا أننا بلد فقير جدا مثلما قال السيد الرئيس، فلماذا يقوم رئيس البرلمان بشراء سيارات بقيمة 18 مليون جنيه من أموال هذا البلد الفقير جدا؟” وتابعت “عن أي مصر تتحدث سيادة الرئيس؟ مصرنا التي تصبح أكثر فقرا؟، أم مصركم التي تصبح أكثر إسرافا؟”.
*نشر هذا المقال في صحيفة tampabay بواسطة: حمزة هنداوي.