– لن يكون هناك تحول ديمقراطي في مصر خلال السنوات المقبلة
– أفكار تنظيم الدولة لاتروق لشباب جماعة الإخوان
– على الإخوان التفريق بين العمل الدعوي والسياسي
– تفجير الكنيسة البطرسية.. يأس من تنظيم الدولة
– احتمالات تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية واردة في عهد ترامب
– الوضع الأمني في سيناء غير جيد
يرى الأكاديمي مختار عوض،أنه لن يحدث تحول ديمقراطي في مصر خلال الأعوام المقبلة، مشددا على أن أي تحرك شعبي سيكون فوضوي وأكثر عنفا.
وأكد عوض، وهو باحث زميل في برنامج دراسة التطرف في جامعة جورج واشنطن، في حوار خاص لشبكة “رصد” أن خطأ مبارك لم يكن في فتح المجال العام ولكن في ظنة أنه يمكن هو والأجهزة الأمنية أن يسيطرا على الحياة السياسة.
وأوضح بأن اساليب القمع في مصر هي احد أسباب استقطاب الشباب من قبل بعض جماعات العنف الثوري، مشيرا الى ان عدم وجود قابلية لافكار تنظيم الدولة بين الشباب المصري ومنهم شباب الاخوان، أدي الى يأس التنظيم ، وألجأه لاشعال الفتنة الطائفية، كما حدث في تفجير الكنيسة البطرسية.
ونصح “عوض” جماعة الإخوان بأن يفرقوا بين العمل السياسي والدعوى، وذلك في رده على سؤال حول رؤيته لمستقبل الجماعة .
نص الحوار
– كيف ترى مستقبل الثورات العربية بعد مرور 6 سنوات عليها؟
لا أعول على طرح إحياء الثورات واعتقد ان أي تحرك شعبي غالبا سيكون فوضوي أو عنيف اكثر من أي شيء لأنه سيكون ردة فعل أخيرة على فشل الحكومات في توفير الاحتياجات الأساسية للناس، ولكن لو تكلمنا عن مصر مثلا فلا اعتقد أنه سيوجد مساحة لتحول ديمقراطي حقيقي خلال الأعوام المقبلة ولكن اعتقد أن الحكومة ستدرك في وقت ما أن خطأ مبارك لم يكن في فتح المجال العام ولكن في ظنة أنه يمكن هو والأجهزة الأمنية أن يسيطرا على الحياة السياسة، فلو كان هناك مساحة بسيطة للعمل الحزبي الحر في مصر قد ينمو ذلك مع الوقت ليتحول إلى حياة سياسية وحزبية سليمة، أما في الدول الأخرى مازال هناك عقبات كثيرة، تونس كما ذكرنا ناجحة مقارنة بالآخرين ولكن لا نعلم ماذا سيكون تأثير الاقتصاد على ذلك لو فشل ،أو تصاعد الخطر الإرهابي.. سوريا وليبيا واليمن مازال أمامهم عقود قبل أن يكون هناك أي نوع من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الحقيقي.
– هل أدى فشل ثورات الربيع العربي إلى زيادة تجنيد الشباب العربي في صفوف الجماعات الإرهابية ؟
ما زل مبكرا إجابة هذا السؤال.. تونس-الديمقراطية الوحيدة في الوطن العربي- قد يكون من اهم صادرتها هي الإرهابيين في صفوف داعش والنصرة.
– ما تأثير “قمع السيسي” على شباب التيار الإسلامي بوجه عام؟
إجراءات الحكومة المصرية التي تعتمد بشكل أساسي على الأساليب الأمنية والقمعية عامل أساسي في تشرذم جماعة الاخوان والجماعات الإسلامية الأخرى التي تحالفت معها، وهي اكيد من ضمن العوامل التي ساعدت في تأجج الوضع وصناعة مناخ يسهل على الجماعات الجهادية استقطاب الشباب الإسلامي أو انشاء كيانات مسلحة جديدة من قبل هؤلاء الشباب، ولكن لا يوجد إجماع علمي على أن القمع هو السبب الوحيد أو حتى الرئيسي بشكل عام عندما نتكلم عن ولادة حالة من العنف، ولكن في مصر أرى ان القمع الشديد مع التحريض على العنف من قبل بعض القادة الإسلاميين، هو الخليط الذي صنع الوضع الحالي وسيولد الكثير من المتطرفين في المستقبل.
– كيف ترون إجراءات مكافحة الإرهاب في سيناء؟ وماهو تأثيرها على السكان المحليين؟
بشكل عام الحكومة المصرية تحاول أن تبني العلاقات مع القبائل وتتعامل مع الأضرار الجانبية لحوادث القتل الغير متعمد في الاشتباك.. حدث بعض التقدم في بعض الأماكن في سيناء ولكن مازال الوضع الأمني غير جيد والعمليات النوعية مستمرة من قبل تنظيم ولاية سيناء، خصوصا في العريش.. السؤال الأساسي في سيناء هو دائما متعلق بقدرة الجيش على تطبيق استراتيجية شاملة لمكافحة التمرد تعتمد بشكل أساسي من جهة على تطوير العقيدة القتالية للتعامل مع الخطر الغير التقليدي من اندماج منظومات سلاح وتدريب متطورة في القوات، والأهم من كل ذلك بناء علاقات وطيدة مع الأهالي لكسب ولائهم وحرمان المسلحين من حاضنة شعبية..مثلا مازال هناك الكثير من المشاكل الاقتصادية وإجراءات أمنية قد تكون في جملتها ضاغطة على الأهالي وكما رأينا في واقعة تصفية بعض الشباب من قبل الشرطة ادعى أهاليهم أنهم كانوا محبوسين أساسا (ومازال لا يوجد لدي معلومات كافية لتكوين رأي فاصل في هذه الواقعة الغريبة) هناك حاجة للشرطة بالخصوص لبناء علاقات ثقة مع الأهالي وترميم الشرخ الموجود في الثقة.
– ما مدى قدرة حركات العنف البعيدة أيديولوجياً عن تنظيم الدولة والتي تتبنى خطاباً ثوريًا– حركة حسم كمثال – على جذب مؤيدين وأعضاء لها ؟
هذه الحركات لديها فرصة أكبر لأنها الأقرب لفكر الإخوان المسلمين ويبدو أن القائمين عليها أساسا أعضاء حاليين داخل التنظيم وأعضاء سابقين وكذلك حركة العقاب الثوري من قبلهم.. قاعدة شباب الاخوان هي ثمينة للتنظيمات الجهادية ولكن أعتقد أن الشباب الإخواني بالخصوص وغيرهم من الإسلاميين المناصرين للإخوان لا يوجد عندهم تقبل لأفكار داعش وأن الهدف الأهم لهم هو قلب نظام الحكم في مصر، فلهذا السبب تنظيمات إسلامية مثل حسم ولواء الثورة تتبع الخطاب “الثوري الإسلامي” هي التي لديها الفرصة الأكبر في استقطاب شباب الاخوان والإسلاميين.
– يرى البعض أن استهداف تنظيم الدولة للكنيسة البطرسية له دلالات خطيرة.. كيف ترون هذا الحادث الإرهابي؟
بالفعل تطور خطير جدا لانه يحاول أن يطبق استراتيجية داعش في خلق عنف طائفي وأيضا القتل العشوائي للمدنيين. رأينا “دعشنة” أنصار بيت المقدس أولا في حادثة إسقاط الطائرة المصرية فنرى التنظيم يقتل في هجوم واحد اكثر من 200 مدني وهو رقم أضعاف عدد المدنيين الذين قتلهم التنظيم منذ 2011، ثم من فترة سبتمبر 2015 الى يونيو 2016 كانت هناك خلايا ناشطة للتنظيم في القاهرة الكبرى وبالأخص في الجيزة، وكان التنظيم وقتها يضع العبوات الناسفة قرب كمائن على الطريق الدائري وأماكن أخرى من السهل جدا تفجير أي سيارة مدنية مارة على الطريق أو مقتل اي مواطن أن يقتل بسببها، ولكن لم يحدث ذلك بسبب فشل التنظيم في صناعة عبوات متطورة وأحيانا بسبب يقظة المواطنين في البلاغ عن أجسام غريبة، ورأينا التنظيم في نهاية العام الماضي يقتل قس ويتبنى العملية لأول مرة ثم كان ذبح شيخين صوفيين ،لذا فالطريق لحادثة تفجير الكنيسة كان واضحا من حيث توجه التنظيم إلى هذا النوع من الحوادث.
ويضيف: أرى في كتابات بعض الداعشيين المصريين وآخرين أن هناك حالة من اليأس لعدم وجود قابلية لأفكارهم في الوادي وأيضا صعوبة تحويل مصر إلى “أرض خصبة للجهاد” لأسباب كثيرة، ومن رأيهم أن إشعال العنف الطائفي قد يساعدهم في الوصول إلى ذلك، وكما رأينا فإنهم لا يعتبرون المسيحيين أساسا من أهل الكتاب ،وكان هناك تهديد واضح في مقال طويل في إحدى إصدارات التنظيم (مجلة النبأ) ضد الصوفيين، قلا استبعد الهجوم على مسجد يتردد عليه الصوفية أو مولد، ولا اعتقد أنه يهمهم لو قتل أي عدد من المدنيين ،حتى لو كانوا مسلمين سنة.
– ما مدى تأثير خسارة تنظيم الدولة للأراضي في العراق وسوريا على قوته في مصر؟
بكل بساطة خسارة الأرض في العراق وسوريا والأهم من ذلك ليبيا يسرع في أي خطط للتنظيم للتمدد في وادي النيل وخصوصا في الصحراء الغربية، وأيضا مع فشلهم في هذه الأماكن هم بحاجة لإثبات وجودهم وأنهم مازال عندهم القدرة على الهجوم فذلك من ممكن أن يسرع من أي عملية نوعية في مصر لأن هناك الآن أموال أكثر قد يتم تخصيصها والأهم من ذلك وقت واهتمام مخططي العمليات الخارجية عند داعش.
– في دراستكم “تصاعد التمرد الإسلامي في مصر” يتهمكم البعض بتجاهل الإجراءات القمعية التي يمارسها النظام المصري ،بما في ذلك القتل خارج القانون.. ما تعليقكم؟
هذا غير صحيح وهناك إشارة لكل ذلك وحتى بشكل واضح في خاتمة الدراسة للتأكيد.. اتفهم موقف الإسلاميين أن قمع النظام هو السبب الوحيد في وجود إرهاب او تطرف بعض شبابهم ولكن لا اعتقد ان ذلك النوع من التحليل المسيس أو العاطفي يساعد في فهم الواقع او التعامل معه.. نعم الانتهاكات عامل رئيسي ولكن أيضا دوافع إيدلوجية واضحة وغيرها ولكن هناك عوامل ثانوية أيضاً منها الاقتصادي والنفسي.
قلت في الدراسة: “تحتاج الحكومة إلى التصدي للدور الذي لعبته في التطرّف المستمر، عن طريق تصحيح الأوضاع المزرية في السجون، والإفراج عن المحتجزين الذين لم يرتكبوا أعمالاً إجرامية، ووقف ممارسات مثل الاختفاء القسري وعمليات القتل المزعومة خارج نطاق القضاء، والاعتداءات الجنسية التي توفّر للجهاديين أداة أساسية للتجنيد.”
وايضا هناك اضطهاد للمسيحين في مصر على مدار قرون وأحيانا حوادث قتل من قبل مسلمين والدولة ولكن لم نر ظهور مليشيات مسلحة (هذا طبعا بغض النظر عن نظرية المؤامرة الطائفية عند البعض مفادها أن المسيحيين يخزنون أسلحة في كنائسهم).
– ما احتمالات تصنيف إدارة ترامب للإخوان كجماعة إرهابية ؟
عالية جدا.. الاقتراح لدية شعبية عند الكثير من الجمهوريين والفكرة تعود لما قبل ترامب، ولكن مع انتخابه طبعا يوجد الآن زخم وراء ذلك. سيكون هناك بعض الاعتراض من قبل الديمقراطيين ولكن سياسيا في الداخل الأمريكي لا يوجد دافع سياسي لأي عضو كونجرس حتى من يعارض الرئيس الجديد أن يعترض على التصنيف بشكل كبير لأن هناك ثمن سياسي لذلك.
– كيف ترى مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة؟
اعتقد أن جماعة الاخوان أمام مفترق طرق الآن، سيكون لها دور في المستقبل لو أنها اختارت ذلك.. الأفكار في الاخر لا تموت، ولكن اعتقد أن مصر والكثير من الدول ذات الغالبية المسلمة تدريجيا تبتعد عن الطرح الإسلامي التقليدي للدولة.. هناك مثال حركة النهضة في تونس قد يتعلم منه إخوان مصر، ولكن لا أرى ان هناك إدراك حقيقي عند الإسلاميين بشكل عام في مصر أنهم اقلية من ضمن الأقليات حتى لو كان هناك مراحل في التاريخ اكتسبوا تأييد شريحة كبيرة من المسلمين. لهذ السبب هم بحاجة لتقديم بعض التنازلات لكي يكون عندهم القدرة على مخاطبة الناس.. سيظل هناك دائما مساحة للإسلام المحافظ في المنطقة و على الإسلاميين تطوير أنفسهم لطرح نماذج لأحزاب سياسية تندمج مع الدولة الحديثة وأيضا مساحة أخرى لمن يريد العمل الاجتماعي والخيري.. فكرة حسن البنا المرتكزة على قدرة الاخوان على صناعة تنظيم منغلق يجمع بين الدعوي والسياسي ويرى في نفسه أنه طليعة المسلمين لإحياء الخلافة ،اعتقد هذه الفكرة قد ماتت ولن يكون هناك قطاع عريض من المسلمين – على الأقل في مصر- عندهم رغبة في الانضمام لمثل هذا التنظيم.