شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الجزيرة تضرب من جديد.. وخبراء: فيلم “اللوبي” جسّد المهنية كما ينبغي

الجزيرة تضرب من جديد.. وخبراء: فيلم “اللوبي” جسّد المهنية كما ينبغي
"الرأي والرأي الآخر" شعار رفعته قناة الجزيرة القطرية منذ انطلاقتها في أواخر تسعينيات القرن الماضي، ومثلت في ذلك الوقت نقلة نوعية في التناول الإعلامي لقضايا العالم العربي جعلتها موضع نقد وتقييم مستمرين....

“الرأي والرأي الآخر” شعار رفعته قناة الجزيرة القطرية منذ انطلاقتها في أواخر تسعينيات القرن الماضي، ومثلت في ذلك الوقت نقلة نوعية في التناول الإعلامي لقضايا العالم العربي جعلتها موضع نقد وتقييم مستمرين تنوعا ما بين الموضوعية والتحيز وفتحا المجال للتنافس مع قنوات أخرى اعتبرت أن الجزيرة تمثل تيارا بعينه فحملت على عاتقها مسئولية مواجهتها فانتقل الهدف الإعلامي إلى أيديولجي في كثير من الأحيان.

وفي صباح الأحد 8 يناير الجاري استيقظ العالم على ما اعتُبر في الوسط السياسي فضيحة من العيار الثقيل تضمنت تفاصيل قد تتسبب في أزمة سياسية بين المملكة المتحدة البريطانية  وإسرائيل، حيث أعلنت الجزيرة عن إنتاج إعلامي وثائقي عملت عليه وحدة التحقيقات بالقناة على مدار ستة أشهر كاملة وتضمن التقرير الوثائقي الذي أعلنت الجزيرة عن بثه على أربع حلقات أن مسؤولا كبيرا في السفارة الاسرائيلية يتآمر مع “عميلة” له من كبار الموظفين في الحكومة البريطانية من أجل تدبير فضيحة أو مصيبة تُطيح بوزير في حكومة حزب المحافظين ببريطانيا، وذلك عقابا لهذا الوزير على موقفه الرافض للاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وهي الفضيحة التي تصدرت الصفحات الأولى للصحف في يوم العطلة الأسبوعية، وشغلت أيضا مئات المواقع الالكترونية الإخبارية في بريطانيا والولايات المتحدة واسرائيل ومختلف أنحاء العالم.

أكبر رد على ادعاء العمالة

وقال الإعلامي المصري مسعود حامد، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “إن ما قدمته الجزيرة من خلال هذا التقرير الوثائقي يعتبر ردا عمليا على الذين حاولوا مرارا وتكرارا الترويج لكون الجزيرة قناة زرعتها إسرائيل في المنطقة بالتعاون مع جهات أجنبية تسعى لهدم هيبة العالم العربي والتآمر عليه.

وتابع “حامد” قائلا: “إن مثل هذا السبق والعمل التحقيقي المتميز سيلقي بظلاله على طبيعة العلاقة بين تل أبيب ولندن ولن يمر مرور الكرام ولا يقل أهمية عن عمليات حربية محترفة حولت مسار علاقات عديدة على مدار التاريخ”.

وأشاد بتسمية الجزيرة لعملها بـ”اللوبي” وهو ما يعكس تصور الجزيرة لتحركات إسرائيل الدبلوماسية بما يحمل معنى التآمر على الآخر والرغبة في التوغل والسيطرة من خلال قنوات غير شرعية، على حد قوله.

وعطفا على المسار ذاته؛ قال الناشط السياسي محمد الخامس، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “الكثير من الأنظمة العربية التي فضحتها الجزيرة ادعت أنها عميلة لإسرائيل فكيف يفضح العميل من يعمل لحسابه؟!”.

وأضاف: “الجزيرة ليست في حاجة لإثبات انحيازها للمشروع العربي إلا أن تقرير ” اللوبي” الوثائقي كان اللبنة التي احتاجها البناء”، على حد قوله.

الاعتذار دليل المصداقية

من جانبه قال الإعلامي د. حمزة زوبع: “إن مهنية العمل الإعلامي تجسدت في هذا التقرير الذي وضع دولة الكيان الصهيوني، في مأزق دفعها للاعتذار رسميا وهو أمر ليس بالهين في عالم السياسة ودليل قوي على صدق ما ورد في التقرير”، على حد قوله.

وأضاف “زوبع”، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “إن العمل الإعلامي عندما يُعطى الوقت الكافي والإمكانات المناسبة والعقلية الإعلامية الواعية بالإضافة للإنصاف والتجرد يجب أن يخرج على أكمل وجه مثلما فعلت الجزيرة”. متابعا بقوله: “إن وحدة التحقيقات عندما تعمل لمدة ستة أشهر في عمل كهذا يحمل الكثير من المغامرة فلا نملك سوى أن نرفع القبعة للمهنية والمثابرة التي قدمها عناصر هذه الوحدة الإعلامية وهو أمر ليس بالمفاجأة من قناة في حجم الجزيرة”.

وعلى مستوى الحدث ذاته قال “زوبع”: “ليس جديدا على الصهاينة اختراق البلدان التي سمحت لهم بالوجود اصلا ودعمت احتلالهم، ونتنياهو نفسه يقول أسوأ مما قاله الموظف الصهيوني الصغير في سفارة الكيان في لندن”.

وتابع “زوبع” تصريحاته قائلا: “اللافت أنه لا أحد تحدث إعلاميا كما لو كان ما قاله الموظف الصهيوني كلاما تافها أو غير ذي قيمة”، لافتا إلى أنه “حين يطالب موظف بسفارة بلد ما بالتخلص من وزير الشؤون الأوربية والأمريكية آلان دنكن، فهذا يعني أن الرجل يمثل عقبة أمام التحركات الصهيونية في أوربا كما يكشف عن حجم النفوذ الصهيوني وحجم الكراهية اليهودية لأي سياسي لا يخضع لابتزازهم”.

أصداء التقرير

ومنذ أعلنت الجزيرة عن تقريرها وعزمها بثه بالصوت والصورة على أربع حلقات ابتداء من الأحد القادم أخذت ردود الأفعال في التوالي بما يعكس مستوى تأثير العمل في الواقع الإعلامي والسياسي، حيث نشرت صحيفة “ميل أون صانداي” البريطانية مقالا مهما لوزير سابق ضمن تغطيتها لفضيحة اللوبي الصهيوني، التي كشفتها اليوم، قال فيه إن الوقت حان لإنهاء مشكلة شراء إسرائيل للسياسة البريطانية.

وقال الوزير السابق، الذي طلب من الصحيفة عدم ذكر هويته: “لقد بات جليا أن بعض الناس في حزب المحافظين وفي حزب العمال يعملون مع السفارة الإسرائيلية، وهي بدورها تستخدمهم لشيطنة وتدمير أعضاء البرلمان الذين ينتقدون إسرائيل. هناك جيش من المعتوهين في البرلمان في خدمة إسرائيل”.

من زاويتها قالت إيميلي ثورنبيري وزيرة خارجية الظل في بريطانيا، الأحد، إن الكشف عن أن موظفا رسميا في السفارة الإسرائيلية ناقش كيفية الإطاحة بوزير في الحكومة ونزع المصداقية عنه هو وأعضاء آخرين في البرلمان البريطاني بسبب آرائهم تجاه قضية الشرق الأوسط “لأمر مقلق جدا”.

وأضافت “ثورنبيري” أن التدخل غير اللائق في منظومتنا السياسية الديمقراطية من قبل دول أخرى أمر غير مقبول أيا كانت الدولة المتورطة، مشددة على أنه “ببساطة لا يكفي بتاتا أن تعلن وزارة الخارجية بأن ملف القضية قد أغلق. فهذا موضوع يتعلق بالأمن القومي”.

وقال المتحدث باسم الحزب القومي الأسكتلندي للشؤون الخارجية، وعضو البرلمان البريطاني، أليكس سالموند، الأحد، إنه يتوجب على الحكومة البريطانية المبادرة فورا بطرد مسؤول السفارة الإسرائيلية شاي ماسوت من البلاد بعد أن صور وهو يناقش كيف “يطيح” بواحد من كبار الوزراء في الحكومة البريطانية.

وشبَّه برلماني بريطاني حالي ووزير دفاع سابق ما تقوم به إسرائيل حاليا بالسر في بريطانيا بالأفعال السرية التي كان يقوم بها جهاز الاستخبارات التابع للاتحاد السوفيتي (كي جي بي) خلال فترة الحرب الباردة.

ونقل الكاتب البريطاني المعروف بيتر أوبورن في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي”، وترجمته “عربي21” عن السير نيكولاس سواميس، وهو الحفيد الأكبر لزعيم بريطانيا في الحرب العالمية الثانية الراحل وينستون تشيرشيل، قوله “إن نشاطات السفارة الإسرائيلية شبيهة بتلك التي كان يقوم بها عملاء المخابرات السوفياتية الكيه جي بي”.

التأثير على مستوى الصحافة

وتصدر خبر الفضيحة الإسرائيلية التي كشفتها قناة الجزيرة الإنجليزية أغلب الصفحات الأولى والمواقع، بما في ذلك الصحف والمواقع اليمينية المحسوبة المتعاطفة مع اسرائيل، فضلاً عن أن كافة المواقع الصحفية الإسرائيلية اضطرت لنشر الفضيحة مع فيديو الجزيرة ذاته بعد أن تحول الى الخبر الأول في صحف بريطانيا، وبعد أن أصبحت العلاقات الدبلوماسية بين لندن وتل أبيب مهددة بالتوتر.

وخصصت جريدة “ميل أون صنداي” صفحتها الأولى بالكامل للفضيحة دون أن تضع معها أي خبر آخر، وعنونت تقول: “مؤامرة اسرائيلية لإسقاط وزير من حزب المحافظين”، فيما تجدر الاشارة الى أن “ميل أون صنداي” هي الصحيفة الأوسع انتشاراً والأكثر توزيعاً في بريطانيا من بين نظيراتها من صحف آخر الأسبوع.

أما جريدة “أوبزيرفر”، وهي العدد الأسبوعي الذي يصدر كل أحد عن جريدة “الغارديان” المعروفة، فكتبت على صفحتها الأولى: “مبعوث إسرائيلي يتآمر لإسقاط نواب في البرلمان”، في إشارة الى وزير الشؤون الخارجية آلان دانكين، وهو عضو في البرلمان أيضاً عن حزب المحافظين الى كونه وزير في حكومة تيريزا ماي.

ونشرت جريدة “إندبندنت” التي تحولت إلى صحيفة الكترونية تسجيل الفيديو على موقعها الإلكتروني، وعنونت للفضيحة بالقول: “مسؤول في السفارة الاسرائيلية تم تصويره وهو يناقش كيفية إسقاط السير آلان دانكين وغيره من البرلمانيين البريطانيين المؤيدين للشعب الفلسطيني”.

وبثت كل من قناتي “سكاي نيوز” وقناة “آي تي في” البريطانيتين أيضا تسجيل الفيديو الذي يُمثل فضيحة على مستوى العلاقات الدبلوماسية بين بلدين.

ولاحقا لذلك نشرت جريدة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريراً قالت فيه إن السفارة الاسرائيلية في لندن قدمت اعتذارا رسميا للحكومة البريطانية عما بدر من المسؤول فيها وعن ضلوعه في مؤامرة لإسقاط وزير من منصبه بسبب انتقاده للاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023