تسبب إعلان وزارة الأوقاف عن انتهائها من إعداد موضوعات خطب الجمعة لـ5 سنوات مقبلة، فى حالة من الجدل بين أعضاء لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، إذ أبدى عدد منهم موافقتهم على إجراءات وزارة الأوقاف، بينما تحفظ آخرون على عدم إخطار الوزارة لهم بهذه الخطوة قبل الإعلان عنها، رغم وجود وزير الأوقاف محمد مختار جمعة بمجلس النواب خلال الأسبوع الماضى.
إفلاس وتكريس للاستبداد
من جانبه قال أستاذ الفقه المقارن بدر الدين عماد، في تصريحات خاصة لـ “رصد”، إن الموضوع له شقان، الأول أن القرار في حد ذاته يحول الخطباء إلى ببغاوات يرددون ما يُملى عليهم من قبل الوزارة دون إبداع أو ارتجال يقوي من إمكاناتهم ويظهر علمهم الشرعي، والشق الثاني أن اعتراض البرلمان ما هو إلا معبر عن فقر الاهتمامات على المستوى السياسي والتشريعي، وهو الدور الأساسي المنوط به البرلمان على حد قوله.
وتابع: “البرلمان ما هو إلا آلة يتم تحريكها من قبل نظام سلطوي، ومع استمرار هذا الوضع وجد أعضاء البرلمان مسألة خطب الجمعة مادة ثرية لإظهار أي دور لهم على الساحة، فهي مؤسسات مفلسة ليس لديها ما تقدمه للشعب ولا تستطيع أن تلعب دورًا هامًا أو مؤثرًا في الواقع المصري”.
ضبط الأداء الدعوي!
وفي الإطار ذاته، قال النائب عمر حمروش أمين سر لجنة الشؤون الدينية، في تصريحات صحافية له، إن إعلان وزارة الأوقاف رسم خريطة دعوة لخمس سنوات مقبلة أمر ضرورى ومهم لضبط الأداء الدعوي بما يتوافق مع توجهات المرحلة، ويحافظ على الأمن القومى المصرى، ويساعد على محاربة الفكر المتطرف، إلى جانب إرساء مفهوم قبول الآخر.
وأضاف أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، فى تصريحاته أن الخطوة التى اتخذتها وزارة الأوقاف ليست لتكميم الأفواه أو انحيازًا لجمود الفكر والمصادرة على الأئمة والخطباء، موضّحًا أن خطيب المسجد يأخذ بالعناصر التى تحددها وزارة الأوقاف، ثم يستوعب ويبتكر ويضع لمسته الخاصة على الموضوع، ولا يوجد إجبار للإمام ولا تشديد فى الالتزام بالنص الذى تحدده وزارة الأوقاف.
مكانة الشعب
من زاويته قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور خالد فهيم في تصريحات لـ “رصد”، البرلمان والأوقاف يختلفان فيما بينهما هذه ليست هي المشكلة، المشكلة أن هذا الخلاف يوضح مكانة الشعب المصري حاليا، فالشعب هو المتلقي لخطبة الجمعة والمفترض أن يكون هو المستفيد منها إيمانيا وثقافيا، وهؤلاء المختلفون فيما بينهم يعتبرون أن مسلمي الشعب المصري تحت أوامرهم ورؤيتهم هم، حيث صارت السلطة من خلال البرلمان والاوقاف متحكمة حتى في إيمان الشعب وعلاقته بربه! ويستطرد: إن هذا الأمر ما هو إلا تأميم لعقول الناس وسيطرة مباشرة عليهم بحجة الأمن ومكافحة الفكر المتطرف، ومن المفترض أن يكون ظاهرا للشعب الدور الأساسي لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة حتى لا تتسلط عليه بدون أي سند قانوني أو شرعي.
موسوعة ثابتة
من جانبه، طالب النائب شكرى الجندى، عضو اللجنة الدينية بالبرلمان، بإعداد موسوعة ثابتة للخطب، يمكن الرجوع إليها فى أى وقت، كبديل عن فكرة إعداد خطب مسبقة لمدة 5 سنوات، قائلاً: “مصر لديها زخيرة من الأساتذة العظام فى الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ومن لديهم قدرة على عمل موسوعة ثابتة من الخطب يمكن الرجوع إليها والاهتداء بها فى جميع المناسبات الخاصة بالمجتمع المصرى، والخاصة بالمجتمع الإسلامى كله، وهذه الخطب يمكن الرجوع إليها فى أى وقت، وليس لـ5 سنوات فقط، لأن الدين لا يتغير، والإسلام صالح لأى تطور يطرأ على المجتمع.