انتقد رجال قضاء وفقهاء مشروع قانون الهيئات القضائية واعتبروه اعتداء على العدالة والدستور، ومحاولة لإحكام قبضة السلطة التنفيذية على القضاء المصري، وتحقيق مزيد من الهيمنة بإطلاق يد السلطة التنفيذية في القضاء، من خلال منح رئيس الجمهورية الحق في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وإلغاء مبدأ الأقدمية المعمول به في القانون الحالي تمهيدًا لتسييس القضاء والتخلص ممن لا تريدهم السلطة.
واعتبروا القضاة ورجال القانون ما يجري اعتداء على الدستور خاصة المادة 184 التي تنص علي عدم التدخل في القضايا أو العدالة، واعتبار ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم، وأن ما يقوم به مجلس النواب هو مخالفة لكافة الدساتير المصرية التي تنص علي استقلال القضاء والفصل بين السلطات الثلاث.
وكانت أندية القضاة أصدرت بيانًا مؤخرًا أكدت فيه رفضها لهذا القانون، ورفض تدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء وعدم احترام مبدأ الفصل بين السلطات، وهو ما نص عليه الدستور الحالي وكافة الدساتير المصرية.
من جانبه قال المستشار أحمد مكي – وزير العدل الأسبق – إن قانون الهيئات القضائية المزمع مناقشته بمجلس النواب مرفوض ولا يمكن القبول به؛ لأنه مخالف للدستور، بل وكل دساتير مصر منذ دستور 1923 حتى دستور 2014، والتي أصّلت لاستقلال القضاء وأكدت على الفصل بين السلطات الثلاث، والسلطة القضائية هي أحد أضلاع هذه السلطات، وبالتالي لا يحق للسلطة التنفيذية التدخل في شأنها طبقًا للقانون المطروح، والذي يقر بحق رئيس الجمهورية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، في حين أن كل الدساتير المصرية نصّت بشكل واضح على عدم التدخل في القضايا أو العدالة والمقصود بالعدالة هنا شؤون الهيئات القضائية.
وأشار مكي إلى المادة 184 من الدستور الحالى، والتي تقول “إن التدخل في شؤون القضايا والعدالة يعد جريمة لا تسقط بالتقادم”، وبالتالى فإن مجلس النواب بطرحه لهذا القانون يصرح بارتكاب جريمة في حال تم إقرار مشروع القانون المطروح؛ لأنه يعطي لرئيس الجمهورية سلطة التدخل في شؤون القضاء، وتعيين رؤساء الهيئات القضائية؛ بحجة الاختيار حسب الكفاءة بالمخالفة للدستور وتدخل السلطة التنفيذية في شأن السلطة القضائية، وبالتالى لم يتحقق الفصل بين السلطات طبقًا للدستور.
وأكد وزير العدل الأسبق على أن الهدف من هذه القوانين هو إحكام السلطة التنفيذية قبضتها على القضاء أكثر فأكثر، وتقنين ذلك عبر قوانين وتشريعات، رغم أن التدخل في الشأن القضائي منذ 3 يوليو حتى الآن لم يحدث في تاريخ القضاء المصري، مطالبًا جميع المصريين بالدفاع عن ثوابت هذا الوطن وعن استقلال القضاء والصحافة والإعلام، والحفاظ على ذلك؛ لأنه لا يصح أن تترك مهمة الدفاع عن هذه الهيئات لأبنائها فقط؛ أولاً – لأنها تمس كل المصريين، وثانيًا – لأن هناك فئات بهذه الهيئات ضعيفة النفوس ولها مكاسب ومصالح شخصية تريد الحفاظ عليها، وبالتالي لا يهمها الدفاع عن المؤسسات من عدمه.
فيما قال المستشار نور فرحات، الفقيه الدستوري، أن مشروع القانون – الذي تقدم به وكيل اللجنة التشريعية لمجلس النواب – الذي يحدد اختيار رؤساء الهيئات القضائية يهدد السلم والأمن الاجتماعي؛ لأنه ينذر بتصادم بين السلطات، والدستور نص صراحة على مبدأ الفصل بين السلطات واحترام استقلال القضاء، واصفًا البرلمان بأنه خطر على أمن مصر.
وانتقد الفقيه الدستوري – على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك – قانون السلطة القضائية والتدخل في اختيار رؤساء الهيئات القضائية، مؤكدًا أنه بعد قانون الجمعيات ومن بعده قانون المؤسسات الإعلامية، ومن بعده مقترح قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية؛ استقر عندى اقتناع أن برلماننا: (تأديب وتهذيب وإصلاح).