شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تزايد العمليات الإرهابية في سيناء ٢٠١٦ يضع الدولة في قفص الاتهام

تزايد العمليات الإرهابية في سيناء ٢٠١٦ يضع الدولة في قفص الاتهام
أوضح تقرير أخير لمؤسسة ستراتفور للتحليل الاستراتيجي، أن تهديدات "ولاية سيناء" ارتفعت لمستويات خطرة على النظام في مصر، برغم فشل التنظيم في استراتيجية السيطرة على أراضٍ، كما فعل تنظيم الدولة في سوريا والعراق، إلا أن التقرير

أوضح تقرير أخير لمؤسسة ستراتفور للتحليل الاستراتيجي، أن تهديدات “ولاية سيناء” ارتفعت لمستويات خطرة على النظام في مصر، برغم فشل التنظيم في استراتيجية السيطرة على أراضٍ، كما فعل تنظيم الدولة في سوريا والعراق، إلا أن التقرير أوضح نصًا أن “التهديدات التي يشكلها الجهاديون المصريون خلال السنوات القليلة الماضية ارتفعت لمستويات جديدة”.
وفي تقرير  للمؤسسة ذاتها تحت عنوان “تقييم التهديد الجهادي في شبه جزيرة سيناء المصرية”، أوضح أن الترابط بين جماعة أنصار بيت المقدس والدولة الاسلامية بدأ يظهر في تشابه العمليات والدعاية لها، قبل نوفمبر 2014م، ولكن بعد هذا التاريخ زادت أوجه الشبه ما يبين تعاونًا وثيقًا بين الجماعتين.
وأكد أن التعاون بينهما بدأ يتضح في التكتيكات الميدانية لـ “ولاية سيناء”، وعلى سبيل المثال، نفذت الجماعة في أول يوليو 2015م، هجومًا واسع النطاق على بلدة الشيخ زويد في شمال سيناء باستخدام تكتيكات مركبة تجمع بين تفجيرات انتحارية وهجوم بالأسلحة النارية من قبل عدد كبير من المقاتلين.
وكانت هذه التكتيكات مشابهة لتلك التي استخدمتها الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بنجاح لاجتياح دفاعات والاستيلاء على مدن وقواعد عسكرية هناك.
ويشير تحليل “ستراتفور” إلى أن المسلحين في سيناء لا يحتاجون إلى أسلحة من الخارج للقتال والتفجيرات في سيناء، فهناك حقول ألغام كبيرة خلفتها الحرب بين مصر و”إسرائيل” لم تتم إزالتها من المنطقة، ورغم أن هذه الألغام أصبحت عتيقة، إلا انها تقدم لصانعي القنابل في التنظيم مصدرًا قيمًا للمتفجرات، فتفكيك لغم مضاد للدبابات يمكن أن يوفر أكثر من 5 كيلوجرامات (11 رطلاً) من مادة” تي إن تي”.
وفي 7 نوفمبر الماضي نقل موقع “بازفيد” في تقرير لمراسله في سيناء عن أحد كبار ضباط الجيش الذي تحدث إلى “باز فيد” بشرط عدم الكشف عن هويته، أن نحو 2000 جندي مصري لاقوا حتفهم جرّاء الاشتباكات الجارية مع المسلحين في سيناء، منذ اعتلاء عبدالفتاح السيسي لمنصب الرئاسة، وشنه لحملة ضارية ضد الإسلاميين وكان نصيب عام ٢٠١٦م منهم 532 جنديًا وضابطًا.
فمن تفجير للكمائن إلى العبوات الناسفة إلى الهجوم المسلح بالسيارات رباعية الدفع هل أدرك الجيش المصري ما يتهدد سيناء؟ وهل من إجراءات فنية وأمنية تم اتخاذها لمنع هذه الهجمات؟
فشل التدابير الأمنية
يقول خبير أمني برتبة لواء رفض ذكر اسمه، خدم في سيناء لمدة عشر سنوات، إن تكرار العمليات في عام ٢٠١٦م، مع وجود تقارب في طريقة التنفيذ، لا يعطي أي مؤشر على أن الدولة تتخذ خطوات جدية على المستوى الفني واأمني لمواجهة تلك العمليات، ويقول: ما بين مقتل عشرات الجنود في أكتوبر ٢٠١٤ إلى حادث كمين الزقدان في ٢٠١٦م، عامان ولم يتضح أن القوات المسلحة قد اتخذت أي تدابير لمنع تكرار الهجمات! 

وفي السياق ذاته رأى خبراء أمنيين أن القوات المسلحة لم توضح نظريًا أو عمليًا رؤيتها لكيفية التعامل مع الجماعات المسلحة في سيناء، سوى الإعلان من حين لآخر عن قصف جوي لمواقع ” تكفيريين” والإعلان عن مقتل عدد منهم، ثم نفاجأ بعمليات جديدة لتلك الجماعات أقوى من سابقاتها، ويستطردون: في مسألة الكمائن الثابتة لم تتخذ القوات المسلحة ولا الشرطة خطوة نحو مواجهة استهداف هذه الكمائن سوى التحصين بالدُشم والخرسانة والتي لم تمنع الهجمات ولم تقلل من عدد الضحايا، ففي حادثة كمين ” كرم القواديس” على سبيل المثال لا الحصر سمح وجود المدرعات في مفترق طرق متقارب مع الكمين بتفجير سيارة مفخخة وسط الحاجز، ما حسم قدرة الجنود على المقاومة، بوقوع غالبيتهم ما بين قتيل ومصاب. كما أن حالة الصدمة، سمحت باقتراب باقي العناصر المهاجمة والإجهاز على الجنود الأحياء والمصابين، صاحبه تأخر وصول الإمداد والدعم لأفراد الكمين بالطائرات، سمح للإرهابيين بالفرار، بعد الاستيلاء على الأسلحة والذخيرة.

إلا أن اللواء حمدي بخيت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب في تصريحات صحافية له قال، إن القوات المسلحة على مدار عام ٢٠١٦ كانت تقتل ما بين عشرة إلى عشرين إرهابيًا يوميًا، على حد قوله، وأوضح أن هناك تطورًا نوعيًا فى عمليات القوات المسلحة ضد الإرهابيين، مشيرًا إلى أن أسلوب العمليات أصبح أكثر قوة وخشونة، حيث تتعاون القوات البرية مع القوات الجوية.
 حلول مقترحة
من جانبها ترى الكاتبة الأردنية توجان فيصل، إن الحلول ليست فقط فنية لتقليل هجمات الجماعات المسلحة في سيناء بل أيضًا سياسية، فترى أنه يحب على النظام في مصر أن يتحرك لتخفيف الضغط والحصار على قطاع غزة.

وتستطرد، الشباب في غزة عندما يجدون أن المأكل والمشرب والمأوى لن يتوافر لهم إلا من خلال “ولاية سيناء” وغيرها لن يترددوا في الالتحاق بتلك الجماعات عن قناعة بأن النظام في مصر شريك فيما يقع عليهم من ظلم وحصار.
وتقول خلال تصريحات صحفية: لقد ثبت أن أغلب القابلين “للتدعيش” هم من قطاع المظلومين فاقدي الأمل، وجلهم موطّنون على أشكال معلنة أو غير معلنة من العنف. وهؤلاء لا تلزم غالبيتهم أية درجة من الإقناع، بل يكفي غضبهم المتراكم الذي لا يجد متنفسا، أوهم يجندون فقط باعتبار أن التجنيد يمثل وظيفة ليائسين ممن لا يملكون قوت يومهم، هذا في مقابل قطاع آخر موسر ولكنه أقل يبحث عن الإثارة. ولكن المشترك بين كل هؤلاء أن عليهم إعلان قناعاتهم بالفكر الداعشي وولاءهم المطلق للخليفة، والالتزام العسكري بكل الأوامر والتعليمات بحرفيتها، ما يؤدي بهم لطريق لا عودة منه في الأغلب الأعم.

ويقترح اللواء فؤاد علام وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، حلول أمنية تناسب طبيعة سيناء الجغرافية، فيقول: “تتطلب عمل أبراج إسمنتية للمراقبة ودوريات متحركة تعتمد على معلومات استخبارتية دقيقة، وأن تحول الكمائن الثابتة لصيد للإرهابيين، خلق حالة من السخط لدى الأهالي، الذين أصبحوا مضطرين لسلك الدروب الجنوبية البعيدة عن الكمائن، مما جعلهم تحت رحمة الإرهابيين المتمركزين بتلك الدروب، إضافة إلى أن المسافة بين الشيخ زويد والعريش، أصبحت تأخذ أكثر من 4 ساعات، رغم أنها في العادي لا تستغرق سوى نصف ساعة، بسبب الكمائن”.
ويقول اللواء محمد نورالدين الخبير الأمني ومساعد وزير الداخلية الأسبق، في تصريحات صحافية، إن الأستراتيجية الأمنية لقوات الجيش والشرطة في سيناء تغيرت بالفعل بعد ثبوت فشلها أمام الهجمات الخاطفة للارهابيين، نظرا للطبيعة الجبلية الوعرة لأراضي سيناء.
وأوضح أنه لا عيب في مراجعة أخطاء الماضي وتصحيحها، لتتناسب مع الوضع الراهن، في ظل التطور النوعي للعمليات الإرهابية.
وذكر الخبير الأمني أن القوات المشتركة في سيناء قلصت الكمائن الثابتة لحساب الدوريات المتحركة التي يرافقها خبراء مفرقعات لتمشيط المناطق قبل عبور القوات والمعدات، مضيفًا أن تعيين اللواء أحمد جمال الدين، مستشارًا لرئيس الجمهورية لمكافحة الإرهاب، يأتي بسبب أخطاء وقعت مؤخرًا، بسبب اعتماد استراتيجية أمنية لم تستوعب حقيقة الوضع في سيناء.
وأردف: “البديهيات التي يلقنها خبراء الأمن لطلاب الشرطة، تشترط وجود نقطة عدم ارتداد قبل الكمين بـ100 متر، لإحكام القبضة على المهاجمين، ونقطة عدم خروج عقب الكمين بذات المسافة، ووضع جميع الأفراد في حالة استعداد بالذخيرة الحية طوال الوقت، وللأسف تلك التصميمات لا تتوافر في معظم كمائن سيناء”.
يُذكر أن ضباط وجنود القوات المسلحة في سيناء واجهوا في عام ٢٠١٦م، الهجمات بشكل مضطرد، ابتداءً من شهر يناير الذي شهد سبعة عمليات هجوم لجماعات مسلحة أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود، مرورًا بشهر مارس من العام ذاته، حيث الهجوم الشهير على قسم ثالث العريش ومقتل ١٨ في عملية استُخدمت فيها قذائف الهاون والسيارات والأسلحة الخفيفة.
وكذلك في يونية حيث قتل ستة مجندين، وأصيب خمسة آخرين في عملية نفذها مجهولون في مدينة العريش شمالي سيناء واستهدفت عناصر الجماعات المسلحة رتلًا أمنيًا في منطقة شرق العريش بعبوتين ناسفتين انفجرتا في طريق مدرعتين أثناء سيرهما في المنطقة. وفي أكتوبر قتل 12 جنديا وأصيب 6 آخرون في هجوم على نقطة تفتيش ” زقدن”  التابعة للجيش في شمال سيناء.
فهل ينبئ تكرار تلك الحوادث على مدار العام بعمل أمني احترافي؟ ويظل السؤال مطروحا: هل تعي الدولة الدرس في سيناء وتتخذ خطوات إيجابية نحو الحل؟

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023