شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تزامن تفجيرات ٢٠١٦ مع قضايا تشغل الرأي العام.. بين المصادفة والتدبير

تزامن تفجيرات ٢٠١٦ مع قضايا تشغل الرأي العام.. بين المصادفة والتدبير
على الرغم من الحملات الأمنية المكثفة، والتصريحات الرسمية عن دحر الإرهاب في كافة أنحاء مصر، واصلت معدلات الهجمات الإرهابية ارتفاعها في طول البلاد وعرضها، بحسب إحصاءات حديثة أصدرها معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن

على الرغم من الحملات الأمنية المكثفة، والتصريحات الرسمية عن دحر الإرهاب في كافة أنحاء مصر، واصلت معدلات الهجمات الإرهابية ارتفاعها في طول البلاد وعرضها، بحسب إحصاءات حديثة أصدرها معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن في تقرير هذا الشهر.
وسجل المعهد 228 هجومًا في الربع الثاني من عام 2016م، وهو المعدل الذي مثّل ارتفاعًا عن نظيره في الربع الأول من العام الذي شهد 211 هجومًا على مستوى الجمهورية، والذي ارتفع بدوره عن الربع الأخير من عام 2015م، الذي شهد 119 هجومًا.

وبحسب تقرير “المعهد”، وقعت 195 من الهجمات في الربع الثاني من 2016م، في محافظة شمال سيناء وحدها، بينما وقعت ثماني هجمات في الجيزة وست في القاهرة وأربع في الاسكندرية.
 ولكن في الوقت نفسه، رصد تقرير المعهد انخفاضًا في إعلان الجهات الرسمية عن القيام بعمليات لمكافحة الإرهاب في الأشهر الستة الأولى من عام 2016م، بمتوسط 36 عملية شهريًا، في حين قدّر عدد العمليات في النصف الأول من عام 2015 بـ 213 عملية شهريًا، بالإضافة إلى 92 عملية شهريًا في النصف الثاني من العام نفسه.

توقيت الانفجارات

وكان من اللافت للنظر في العمليات الإرهابية، سواء في القاهرة أو المحافظات المختلفة، هو مواكبة توقيت هذه العمليات لوجود قضايا هامة تشغل الرأي العام، وهو ما أثار التساؤل الأهم: هل مواكبة العمليات الإرهابية لهذه القضايا من قبيل الصدفة، أم أن بعض التحليلات القائلة بأنها عمليات مدبرة لإلهاء الرأي العام عن القضايا التي تهم المجتمع هي تحليلات في محلها؟

البطرسية الأكثر تأثيرًا
في ترتيب تصاعدي للعمليات الإرهابية، كان تفجير الكنيسة البطرسية بقلب القاهرة والذي راح ضحيته ٢٥ مصريًا، وأسفر عن إصابة ٤٩ آخرين، كان من أشد العمليات إثارة لمسألة التوقيت، حيث يضج المجتمع المصري بالشكاوى من ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وكان حديث الناس في كل المحافل والتجمعات عن هذا الغلاء واتهام الحكومة بالفشل في إدارة الموقف، فجاء تفجير الكنيسة البطرسية ليضع المصريين جميعا في بوتقة من التعاطف وتغيير وجهة الاهتمام نحو الإرهاب.
عملية زقدان- أكتوبر
وفي ١٤ أكتوبر ٢٠١٦ قُتل 12  جنديًا مصريًا وأصيب ستة آخرين إثر هجوم على نقطة أمنية تابعة للجيش في عمق ٤٠ كيلو متر من وسط سيناء، ولم تعلن أية جهة مسئوليتها عن الحادث وهي الأولى من نوعها في هذا المكان، وأعلن المتحدث باسم الجيش المصري العميد محمد سمير في حينها أن ١٥ من “العناصر الإرهابية” قتلوا في الهجوم.

وقد تزامنت هذه العملية وقتها مع وجود أزمة في بعض السلع وكان على رأسها السكر وكانت وتيرة الأزمة في هذا التوقيت في تصاعد شديد مواكبًا أيضًا للتحضيرات لتظاهرات ١١/١١، التي كانت قد دعت إليها حركة أطلقت على نفسها حركة “غلابة”، ومع عدم سماح السلطات المصرية للصحافيين المستقلين أو الأجانب بالدخول إلى شمال سيناء لم تستطع أي جهة إعلامية التعرف على نتائج التحقيقات أو الوقوف على حقيقة الحدث خاصة أن المنفذين قد أطلقوا الرصاص على الجنود من مسافة قريبة ولاذوا بالفرار كما أفاد مصدر نقلا عن البي بي سي.
محاولة اغتيال زكريا عبد العزيز
وفي سبتمبر ٢٠١٦م، وقع تفجير بسيارة مفخخة مستهدفا موكب زكريا عبدالعزيز النائب العام المساعد في مصر، إلا أنه لم يُصب بأذى.
 وفي نفس التوقيت كانت القاهرة تنتظر النطق بالحكم على 74 متهمًا من الإخوان في قضية ما عرف بـ “اقتحام قسم الطالبية”، والتي حشدت فيها مديرية أمن الجيزة عددا كبيرا من قوات الأمن لنقل المتهمين الـ74.
كمين الصفا بالعريش 
وفي مارس ٢٠١٦م، قال مسؤول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية المصرية إنه تم إطلاق قذيفة هاون على كمين الصفا الكائن بالطريق الدائري بدائرة قسم ثالث العريش، وأسفر ذلك عن مقتل عدد من رجال الشرطة بينهم ضباط وضباط صف و10 مجندين.
وكان شهر مارس حافلاً بقضايا عديدة مثارة لدى الشعب المصري على رأسها قضية نية الحكومة في رفع الدعم عن المحروقات بشكل نهائي خلال عامين، وفي نفس التوقيت كانت العديد من التقارير بدأت في الظهور حول تدني شعبية السيسي ونظامه.

وفي فبراير ٢٠١٦م، وفي ظل انشغال الشارع السياسي باقتراب موعد النطق بالحكم على الرئيس محمد مرسي في قضية ” التخابر مع قطر”، فوجئ الشعب بخبر تفجير عبوة ناسفة شديدة الانفجار على الطريق الدائري بالشيخ زويد، وهو ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وضابط برتبة عقيد وركز الإعلام الرسمي وقتها على الحادث بشكل فائق ووضع الشارات السوداء على جوانب الشاشات.

يناير ٢٠١٦ الأكثر عنفًا
شهد شهر يناير 2016م، تنفيذ 7 عمليات، حيث شهدت مدينة رفح هجومًا استهدف قوات الجيش المصري في 3 يناير، حيث تم استهداف مدرعة تابعة للجيش باستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة قرب طور سالم، الأمر الذي أدى إلى مقتل أحد رجال الجيش وإصابة نحو 7 آخرين.
وفي 14 يناير هاجمت مجموعة مسلَّحة  أحد الكمائن التابعة للجيش جنوب الشيخ زويد، مما أسفر عن مقتل 4 من رجال الجيش.
وفي 20 من الشهر نفسه قام مسلحون بإطلاق النار على كمين أمني للشرطة بمنطقة “العتلاوي” بالعريش، الأمر الذي أوقع 8 قتلى في صفوف رجال الشرطة، بالإضافة إلى عدد من المصابين.
 
وفي 29 يناير قُتل ضابطان ومجند، بالإضافة إلى إصابة خمسة آخرين، وذلك جرّاء هجوم بعبوة ناسفة استهدف مدرعتهم قرب نقابة المعلمين وسط مدينة العريش، وأعلن تنظيم “ولاية سيناء” مسئوليته عن الهجوم
 ولم يكن خافيًا وقتها انشغال الشارع السياسي بالتحضيرات لذكرى ثورة ٢٥ يناير وكان لوقوع هذه الأعمال تأثير لا يُنكر على الاهتمام بذكرى الثورة.
وسيلة مفضوحة
في تصريحات لـ”رصد” قالت المحامية والناشطة الحقوقية نيفين ملك، “إن استدعاء السيسي لملف الإرهاب أصبح أمرًا مفضوحًا محليًا وإقليميًا ودوليًا، وأكدت أن النظام يسعى لإرباك الرأي العام وليس فقط إشغاله عن القضايا المهمة، وهي ثقافة مخابراتية معروفة هدفها صرف الرأي العام عن قضايا المجتمع من ناحية وإضافة المزيد من الضبابية لدى الشعب بما يدفعه لعدم الاكتراث بالسياسة والنظام بشكل عام.
مسؤولية النظام
وقال الدكتور محمد العادل سياسي أكاديمي، إنه من الوارد أن يكون النظام وراء بعض العمليات الإرهابية لأهداف سياسية مختلفة، وإن لم يكن مدبرًا لتلك العمليات فهذا لا يخلي مسئوليته عنها فالإرهاب – كما يرى العادل- هو ابن شرعي لبيئة التضييق على الحريات التي يكرس لها النظام في مصر حيث لت يجد الشباب طريقا للتعبير عن رأيه أو اتباع القنوات الشرعية والرسمية لممارسة السياسة فيلجأ للعنف مدفوعا بمزيد من الغضب.
احتمالات ثلاثة
أما الإعلامي والمهتم بشؤون الجماعات الإسلامية مسعد خيري فيرى أن هذا الأمر وارد فيه احتمالات عديدة، منها أن تكون تلك العمليات من تدبير النظام وهذا مشهود به تاريخيًا، بما ثبت في مذكرات عبداللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة، والتي أقر فيها باعتراف عبد الناصر له بتدبير بعض التفحيرات في القاهرة وبعض الاعتصامات داخل المصانع للإبقاء على حكم العسكر.
ويستطرد: وهناك احتمال ثان أن تكون هذه العمليات بالفعل من تنفيذ شباب متطرف ساهم النظام في صناعته بالقمع والتضييق والاحتمال الأكبر، والذي يرجحه خيري، وهو أن الجهات المنفذة لهذه العمليات هي جهات مخترقة مخابراتيًا بما يسمح بتتفيذ العمليات من خلال عناصر مخلصة بالفعل لأفكارها لكن بإقناع مخابراتي تايع للدولة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023