تفاجئ العالم بشاب عشريني يقوم باطلاق النار على السفير الروسي بتركيا ويرديه قتيلا، ثم إذا به يكبر ويقول: “نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا” وصمم على عدم الخروج من القاعة إلا جثة هامدة، لنعرف بعدها بدقائق أن هذا الشاب ضابط تركي، وعلى الفور أندلعت المعارك الفيسبوكية بين مؤيدي الفعل ورافضيه، وأنقسموا في تحليلاتهم إلى ثلاثة أراء.
الرأي الأول:أن هذا الفعل مؤامرة على النظام التركي
وأنصار هذا الرأي يتهمون منظمة الكيان الموازي التابعة لرجل الدين الهارب فتح الله جولن بتخطيط هذا العمل، وذلك لإحراج تركيا على الصعيد الدولي، وإظهارها في صورة الدولة الفاشلة الضعيفة التي لا تستطيع توفير الأمن للسفراء الضيوف عليها، وإفساد العلاقات المتعافية قريبا بينها وبين روسيا، والتي كانت قد توترت بعد إسقاط تركيا لطائرة روسية على أثر انتهاكها للمجال الجوي التركي -كما قالت تركيا- وظلت العلاقات التركية الروسية متوترة إلى أن بدأت في التحسن بعد فشل الانقلاب في تركيا، ومما يعضد هذا الرأي الى الان التغلغل الرهيب لمنظمة جولن في كافة مفاصل الدولة التركية، والذي ظهر بشكل مرعب في عدد الموظفين الذين تم ويتم فصلهم بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة.
الرأي الثاني: عمل بطولى
يرى قطاع أخر من الناس أن عملية إغتيال السفير الروسي تعتبر عمل بطولي، وخاصة بعد المجزرة التي أرتكبتها روسيا ومازالت مستمرة فيها في حلب وباقي مدن سوريا، وما عزز هذا الأعتقاد عند أصحاب هذا الرأي الكلام الذي قاله الشاب منفذ الاغتيال والذي تضمن ذكر سوريا وحلب، وهذا الرأي يغلب فيه الجانب العاطفي وإن كان يغفل عن حجم المشاكل التي قد يتمخض عنها مثل هذا الحادث، ويكفينا هنا أن نقول أن الحرب العالمية الأولى أندلعت على أثر أغتيال ولي عهد النمسا.
الرأي الثالث: داعش هي المحرض
البعض يرى أن تنظيم داعش قد يكون هو من جند هذا الشاب لاغتيال السفير الروسي، ويستدلون على هذا بالكلام الذي قاله الشاب بعد أطلاقه النار على السفير، أي التكبير وجملة نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا” ولا نستطي هنا أن ننفي هذا الزعم أو نؤيده ولكننا لا نستطيع أن نأخذ بمجرد ظاهر القول في حدث مفصلي كهذا، ولا يجب علينا أن ننسى أن جماعة جولن هي جماعة دينية في الأساس هي الأخرى.
المهم أن هذا الحادث خطير جدا ولن يفيد أي جهة اللهم الا موسكو التي تستطيع أن تتخذ منه الذريعة التي كانت تفتقدها في الأيام السابقة في ممارسة إرهابها تجاه الشعب السوري، فهي هنا سترفع الشعارات الشهيرة التي ترفعها امريكا باستمرار خلال شنها لمعاركها في منطقتنا، وهي شعار “المحافظة على أمنها القومي”، وشعار “القضاء على الأرهاب الذي صليت بناره”، وهي بذلك تكون قد بررت لشعبها أهمية الحرب التي تشنها على الأرهاب في ظل ظروفها الأقتصادية الطاحنة، وهو سيضيف أزمة جديدة إلى قائمة الحكومة التركية المثقلة أساسا بالأزمات، وسيصعب مهمتها الانسانية التي كانت تحاول أن تمارسها في حلب والأراضي السورية.