إذا تتبعنا مسار السيسي بعد ما رقّاه الرئيس محمد مرسي رتبتين من لواء إلى فريق وفريق أول، وعينه وزيرًا للدفاع، نجد أنه لم يترك بابًا إلا طرقه في دروب الخيانة؛ فمنذ اللحظة الأولى بالغ في إظهار تدينه وإخلاصه، لدرجة أنه حينما كان يصلي مع الرئيس، وينصرف الجميع بعد الصلاة، كان يحمل حذاءه ويقف هو الوحيد في تواضع مصطنع حتى يفرغ الرئيس من أوراده! وحينما تمكّن من الأمر بتواصله مع القوى المعارضة لمرسي، وتهييج الشارع عليه، قام بخيانة الأمانة ونقض العهد، بحجة إنقاذ مصر من الدخول في حرب أهلية، وانقلب على رئيسه، وسيّطر على كل مؤسسات الدولة، واعتقل كل القيادات الداعمة للرئيس، ولفّق لهم التهم، وقتل منهم الآلاف، وشرّد مئات الآلاف خارج مصر.
ولم يكتف السيسي بذلك بل بالغ في اضطهاد كل من يُظهر تعاطفًا أو قُربًا من الإخوان المسلمين، إما بالاعتقال وتلفيق التهم الجاهزة، أو مصادرة الأموال وإغلاق مصادر الرزق، أو المنع من السفر وترقّب الوصول. بل وصل الأمر إلى تسخير مؤسسات الدولة لخدمة أغراضه وفساده، وخصوصًا الجيش والشرطة والقضاء، مستخدمًا الآلة الإعلامية الجهنمية في الترويج لخياناته، وتغييب وعي البسطاء من الشعب، وقلب الحقائق، بالكذب على الناس، بالمشاريع الوهمية، التي تستنفذ أموال الشعب والدولة دون عائد مجزي!
ومن علامات خيانة السيسي لمصر أنه أهدر كرامة المصريين، وخصوصًا في سيناء، باعتقال أهلها، وهدم منازلهم، وقتل شبابهم وشيوخهم وأطفالهم، بحجة مواجهة الإرهاب، الذي هو من صنيعته، ودمَّر كل مقدرات الحياة في سيناء خدمة للكيان الصهيوني، الذي لا يزال يقدِّم لهم الخدمات المجانية دون مقابل. والأدهى من ذلك أنه يعادي كل من يعادي إسرائيل، سواء كانت حماس، أو غيرها، بتدمير الأنفاق التي كانت المخرج الوحيد لإيصال الأغذية لأهالي غزة، بل يسعى بكل السبل لخنق كل فلسطين خدمة لأعداء الأمة!
والسيسي يسير في طريق الخيانة للوطن بشكل غير مسبوق، حيث باع الأرض، وأهدر حقوق مصر التاريخية في ماء النيل، بتوقيعه على وثيقة إعلان مبادئ لسد “النهضة” الإثيوبي في قمة ثلاثية بالخرطوم، الذي سيكون أثره فادحًا على الأجيال القادمة، وسمح للعديد من الدول بالاستفادة بغاز مصر دون وجه حق، مع حاجة المصريين الملحة لكل شبر أو مصدر دخل، بإعادة ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان وإسرائيل، والتي تتضمن أيضًا تنازل مصر عن حقول الغاز والبترول الواقعة ضمن حدودها البحرية، وهو ما يعدُّ خيانة للشعب وإهدار لثرواته وتبديدها.
ولا يترك السيسي سبيلا للوصول إلى ما يصبو إليه إلا ويفعله، على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، فأصبح خنجرًا في صدر مصر وعروبتها، ويصطف مع كل أعداء الوطن والأمة العربية لخدمة أغراضه، فيخون من قدّم له العون ووقف معه في انقلابه، ويساهم في تثبيت الإجرام في المنطقة، بمساعدته للحوثيين في اليمن ودعمهم بالسلاح، وتسهيل نقل الأسلحة إليهم، ودعمهم استخباراتيًا، بل أكثر من ذلك وقوفه المتكرر مع المجرم بشار الأسد بدعمه بالسلاح، ومساندته دبلوماسيًا في مجلس الأمن، لعدم إصدار أي قرار يدين إجرامه، ويصطفّ مع روسيا وإيران، ضد الدول العربية في أكثر من موقف!
كل هذا وغيره من الخيانات، التي أدت إلى تقزيم دور مصر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وإهدار ثرواتها، وإضعاف موقفها؛ وتهميشه خلال زياراته التي قام بها لكل من: (الصين – اليابان – ألمانيا – إثيوبيا – فرنسا – إيطاليا – أميركا – روسيا.. وغيرها)؛ حيث يكون في استقباله إما رئيس برلمان أو رئيس وزراء أو وزير خارجية أو مندوب بشكل مهين!
فالحاكم الذي أفقر شعبه ونهب خيراته، وسرق أمواله هو وعصابته، واقترب رصيده من مئات المليارات من الدولارات؟ وترك المنكرات في طول البلاد وعرضها؟ ويدوس على الدستور ويخالفه، ويمتهن كرامة الشعب ويسحق المواطنين، وسلَّم البلاد للفساد والمفسدين، أفلا يستوجب كل هذا على قطاعات الشعب المصري، الخروج ضدّ هذا الخائن لوطنه وشعبه، الظالم لأبناء أمته، الخادم لكل متربص بمصر، القاتل للعلماء والشباب، الهاتك للأعراض، الذي اختطف الوطن بكل مؤسساته، وضيّع آمال الشباب في الحياة الطبيعية، والعيش الكريم؟