منذ وفاة الملك عبدالله وتولي الملك سلمان الحكم في السعودية، بدأ الحديث عن توجه جديد للمملكة العربية السعودية يخالف مصر في العديد من الملفات الإقليمية خاصة في الملف اليمني والسوري بخلاف التقارب مع تركيا التي يصنفها البعض أنها العدو الأول لمصر، وهو ما تبعه الحديث عن توجه جديد للسعودية في علاقتها مع مصر؛ إذ تعتبر السعودية الداعم الأكبر لمصر منذ الإطاحة بالدكتور محمد مرسي عن الحكم.
بداية متوترة
وفي خلال الأسابيع الأولى لحكم الملك سلمان بدأت وسائل الإعلام العربية والعالمية الحديث عن توجه جديد للمملكة العربية السعودية ووقف المساعدات عن مصر، ووصل الأمر إلى اتهام بعض وسائل الإعلام المصرية في وقتها بانحياز الملك سلمان لجماعة الإخوان المسلمين، وبدأ التراشق بين وسائل إعلام مصرية وخليجية.
تقارب ودعم سعودي
وعلى الفور خرجت التصريحات من الجانبين المصري والسعودي لتؤكد عمق العلاقات بين الجانبين، وظهر هذا في المؤتمر الاقتصادي المصري، حيث شارك ولي العهد السعودي السابق الأمير مقرن في المؤتمر الاقتصادي، وقدمت السعودية حزمة مساعدات لمصر، بمبلغ أربعة مليارات دولار أمريكى منها مليارا دولار وديعة فى البنك المركزى المصر، والباقى يوزع على مساعدات تنموية من خلال الصندوق السعودى للتنمية،وتمويل وضمان صادرات سعودية لمصر من خلال برنامج الصادرات السعودية، واستثمارات فى المشاريع المختلفة مع القطاع الخاص السعودى والمصرى والمستثمرين الدوليين.
القاهرة تشارك في “عاصفة الحزم”
بدأت مصر في دفع فاتورة المساعدات السعودية التي قدمتها لمصر، فبخلاف موقفها الحقيقي الرافض للتدخل العسكري في اليمن، شاركت مصر السعودية في عاصفة الحزم باليمن، وذلك إثر المحادثات التي جمعت عبد الفتاح السيسي بوزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان وحضرها وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري الفريق أول صدقي صبحي، وجاءت مشاركة مصر في هذه الحرب محدودة وهو ما أثار حفيظة السعودية.
التحالف الروسي المصري
بدأت مصر في التقارب مع روسيا وهو ما أزعج المملكة السعودية، فالعداء بين روسيا والسعودية عداء تاريخي ممتد منذ عقود كثيرة، وبات التقارب المصري الروسي والغزل السياسي والإعلامي بين القاهرة وموسكو، أمرًا مستفزًا للسعودية، وخرج الأمر في صورة تصريحات معلنة.
وتبع التقارب المصري الروسي توافق في العديد من الملفات خاصة الملف السوري واليمني والليبي، حيث بدأ الغضب السعودي من مصر يظهر الي العلن عبر وسائل الإعلام السعودية، في مقابل موقف رسمي متمسك بالعلاقات مع مصر وهو ما قبله تراشق إعلامي من مصر، وظلت المواقف الرسمية تؤكد عمق العلاقات.
قطر وتركيا وعلاقات قوية مع المملكة
في أقل من شهرين قام أمير قطر بزيارتين للسعودية التقي فيهما بالعاهل السعودي الملك سلمان، وهذه الزيارات بما تحمله من دلالات والصداقة التي تجمع بين الأمير تميم والأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي من بين الأمور التي لا تريح دوائر كثيرة في القاهرة.
كذلك التحسن الملحوظ في العلاقات السعودية التركية ورغبة الرياض في إعادة استيراد الدور التركي في المعادلة السنية الشيعية.
الموقف من إيران واليمن
من بين المحطات المهمة التي توقفت عندها العلاقات المصرية السعودية هو الموقف المصري من إيران ومن بشار والموقف السعودي من ليبيا، حيث لم تصدر بيانات رسمية عن القاهرة ضد طهران، التي يصنفها البعض على أنها العدو الكبير للسعودية الآن، أو إعلان موقف حاسم من الحرب السعودية الإيرانية الدائرة الآن في اليمن خاصة في ظل المشاركة الصورية لمصر في الحرب، والحديث عن اتصالات مصرية مع الحوثيون.
كما أسهم لقاء سامح شكري مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، وبحث معه ملفات عديدة من بينها الملف السوري، في خلق حالة من الفتور بين الجانبين المصري والسعودي.
الموقف من سوريا
كما أن طهران والقاهرة يملكان رؤية واحدة بشأن بشار الأسد، فكلا النظامين المصري والإيراني متمسكان ببقاء بشار الأسد في السلطة في سوريا وأن أي حل للأزمة السورية يجب أن يكون في إطار سياسي ويضمن بقاء بشار في السلطة.
ولاشك أن هناك تباينًا واضحًا في الرؤى بين مصر والسعودية بشأن سوريا خصوصًا حول ضرورة تغيير نظام الحكم أو القيادة السورية، وهو ما أكده سامح شكري خلال أحد تصريحاته بأن مصر تعارض تغيير الحكم، ولا تتبنى النهج السعودي في هذا الإطار.
تيران وصنافير
جاءت زيارة الملك سلمان لمصر حيث قدم حزمة من المساعدات إلى الحكومة المصرية وقدم العديد من الاستثمارات لمصر، وفي المقابل وقعت مصر مع السعودية اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، وبموجب هذه الاتفاقية تنازلت مصر عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، وهو ما أثار غضب الشعب المصري وخرجت التظاهرات الرافضة للاتفاقية وانتقل الأمر الي القضاء.
ولم تخط القاهرة أية خطوات جادة فيما يتعلق بالتصديق على اتفاق ترسيم الحدود البحرية الخاص بجزيرتي تيران وصنافير، لاسيما بعد التوتر الذي حدث في شوارع القاهرة، والمظاهرات التي خرجت لترفض التنازل عن هذه الجزر، وهو ما قابلته السعودية بوقف الحديث عن جسر الملك سلمان والاستثمارات التي وعدت بها لصالح مصر.
مؤتمر جروزني
كما أججت علاقة البلدين، المشاركة المصرية المكثفة في مؤتمر جروزني الذي انعقد قبل شهر في العاصمة الشيشانية، تحت عنوان “من هم أهل السنة والجماعة؟”، حيث شاركت في هذا المؤتمر الذي اعتبر “الوهابية” خارج هذا التعريف، أربعة من أهم المرجعيات الإسلامية المصرية وهم، شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب، ومفتي مصر الشيخ شوقي علام، ومستشار الرئيس للشؤون الإسلامية أسامة الأزهري، والمفتي السابق الدكتور علي جمعة.
تصويت مصر لصالح روسيا في مجلس الأمن وأول تراشق رسمي بين البلدين
ظهرت الخلافات بين مصر والسعودية على المستوى الرسمي لأول مرة وبدأ التراشق بينهم رسميًا أول أمس، بعد أن صوتت مصر لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية، إلى جانب الصين وفنزويلا.
وأثار موقف مصر هذا في مجلس الأمن انتقادات سعودية وقطرية. فقد وصف المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المُعلمي تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي، بالمؤلم.
وقال المعلمي بعد التصويت: “كان مؤلما أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي (المصري).. ولكن أعتقد أن السؤال يُوجه إلى مندوب مصر”.
أرامكو” السعودية توقف الإمدادات البترولية
أكد مصدر مسؤول بالحكومة المصرية،مؤخرًا، أن الحكومة المصرية تلقت رسالة شفهية من شركة أرامكو السعودية للخدمات النفطية مطلع شهر أكتوبر تفيد بالتوقف عن إمداد البلاد بالمواد البترولية.
وأضاف المصدر خلال تصريحات صحفية، لإحدى وكالات الأنباء العالمية “أن شركة أرامكو أبلغت مصر بعدم قدرتها على إمدادها بالشحنات البترولية.”
وكانت مصر وقعت اتفاقاً مع السعودية خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر يسمح بتصدير نحو 700 ألف طن شهريًا للمواد البترولية لمدة خمس سنوات بقيمة 23 مليار دولار.