شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هكذا استفادت إسرائيل من حرب أكتوبر! – أحمد نصار

هكذا استفادت إسرائيل من حرب أكتوبر! – أحمد نصار
ما الهدف إذن من دخول الحرب دون تحقيق هذه الأهداف السياسية؟؟ وماذا يكون الحال إذا دخلنا الحرب فحقق العدو الأهداف التي يريدها من قبل، عجزعن تحقيقها قبل الحرب؟؟

(أسرع طريقة لإنهاء الحرب هي أن تخسرها. – جورج أورويل)
1- العبرة في الحروب بنهايتها:
تأتي ذكرى حرب أكتوبر كل عام والكل يستغلها حسبما يروق له! قل أن تجد من يتناول هذه الحرب بموضوعية، بدون استغلال للحدث، خاصة من جانب السلطة المتحالفة مع عدو الأمس!

ببساطة؛ الحرب يمكن تشبيهها بمباريات كرة القدم. وكما في مباريات كرة القدم التي تكون فيها العبرة بالنتائج، فإن العبرة في الحروب تكون بنتائجها أيضا!

يمكن اختزال الحروب بلا إخلال في نهايتها، وانتصار أحد الفريقين فيها يكون بتحقيقه أهدافه التي دخل الحرب من أجلها من عدمه! فالحرب كما تعرف في العلوم السياسية هي “أعلى قرار سياسي”، وهو قرار يتخذ لأسباب سياسية ولتحقيق أهداف سياسية لا يمكن تحقيقها بالسبل الدبلوماسية، فالحرب تبدأ حين تنتهي الدبلوماسية كما قال هتلر!

ما الهدف إذن من دخول الحرب دون تحقيق هذه الأهداف السياسية؟؟ وماذا يكون الحال إذا دخلنا الحرب فحقق العدو الأهداف التي يريدها من قبل، عجزعن تحقيقها قبل الحرب؟؟

لقد بدأت حرب أكتوبر بتنفيذ تعليمات الفريق الشاذلي فحدث عملية العبور الناجحة، وانتهت بتنفيذ أفكار السادات فحدثت الثغرة القاتلة. بدأت الحرب وقواتنا في سيناء، وانتت الحرب وإسرائيل على بعد 100 كم من القاهرة وتحاصر مدينة السويس والجيش الثالث فيها بالكامل!!

*** 
2- أهم نتائج حرب أكتوبر أن إسرائيل لم تعد عدوا:

وإليكم ما هو أسوأ من ذلك؛ لقد بدأت حرب أكتوبر وجميع المصريين يؤمنون أن إسرائيل هي العدو التي احتلت سيناء وقتالها فريضة دينية ووطنية، وانتهت وفريق منهم يعتقد أن إسرائيل ليست دولة عدوة وأنها صارت صديقة لمصر، وجيشها شريك للجيش الصهيوني في محاربة الإرهاب، وطبعا الإرهابي هو كل من يؤمن بوجوب قتال إسرائيل! هكذا يمكن تلخيص الحرب ببساطة، بغض النظر عن كل القصص التي يتباهى بها البعض وينشغلون بتفاصيلها كل عام!

وإذا أخذنا في الاعتبار أن أحد أهم تعريفات السياسة أنها فن التفريق بين العدو والصديق friend-enemy distinction ، فيمكننا أن نرى بوضوح أن إسرائيل خرجت من حرب أكتوبر وقد حققت نصرا سياسيا هاما، ربما هو الأهم منذ تاريخها، متمثلا في نقل الدولة العربية الأهم (مصر) لها من خانة العدو إلى خانة الصديق!

لقد كانت وجهة نظر السادات منذ اليوم الأول للحرب أن الحرب مع إسرائيل ليست حرب وجود، بل حرب حدود، وأنه إذا أعادت إسرائيل ما أخذته يوم 5 يونيو فيمكن أن تصبح دولة جارة وصديقة أيضا! وشيئا فشيئا؛ سيطرت وجهة نظر السادات على الجيش ثم على الدولة ككل! وصارت كل وظيفة الجيش والدولة حماية اتفاق التبعية مع إسرائيل وقبض الثمن من أموال الشعب!

*** 
3- دور الأنظمة العسكرية في حماية إسرائيل:
ولقد أدركت إسرائيل حاجتها للأنظمة العربية المستبدة لاستمرار بقائها في هذا المحيط العربي المسلم الغريبة عنه والغريب عنها!

في حوار مع شيمون بيريز في خمسينيات القرن الماضي حين كان وكيلا لوزارة للدفاع قال أن العلاقة مع الأنظمة العربية لا تعنيه، وأن كل ما يعنيه العلاقة مع القوى الكبرى! لكنه في أواخر أيامه وقبل وفاته بساعات أشاد ببوتين الذي يدعم بشار وأوصى بالسيسي الذي خدم إسرائيل بإخلاص!

ولقد كانت جنازة بيريز فرصة لإسرائيل أمام العلم لإثبات أن صراعها ليس مع الدول العربية بل مع بعض “الإرهابيين” المصرين على تحرير فلسطين!

لقد قامت الأنظمة العربية المستبدة بدور الأوتاد بالنسبة للخيمة التي زرعت في قلب هذه النطقة! فإسرائيل كانت ولا تزال تخشى من الشعوب العربية الرافضة للتطبيع حتى اليوم، وما منع هذه الشعوب عنها هي الأنظمة العسكرية التي قامت بدور حائط الصد في وجه الشعوب الثائرة.

بل إن أهم أهداف إسرائيل التي حققتها من خلال حرب أكتوبر هو ترميم شرعية نظم يوليو التي تهدمت في نكبة يونيو 67! لقد عاد حائط الصد ضد الشعب يعمل من جديد، وبتأييد شعبي هذه المرة!
***

4- الإرهابيون قاتلوا إسرائيل في حرب أكتوبر! 
لقد امتنعت الأنظمة العسكرية العربية عن إطلاق رصاصة واحدة على الصهاينة، سواء في مصر أو في سوريا! والاستثناء الوحيد لذلك كان في حرب أكتوبر بعد أن أيقن السادات أن إسرائيل لن تعطيه شيئا بالمفاوضات، فقام بتغيير القيادة العسكرية وأتى بالفريق سعد الدين الشذلي وجعله يتخطى 42 قيادة لتحقيق انتصار في الحرب، يحقق به هدفه الأساسي، وهو تحقيق سلام مع الصهاينة بأي شكل ينهي الحرب، ويعيد سيناء للسيادة المصرية ولو صوريا، والتفرغ لحكم مصر بعد ذلك؛ حتى لو أدى ذلك لنقل إسرائيل من خانة العدو إلى خانة الصديق، فالسادات لم يعتبرها عدوا استراتيجيا على كل حال!

وبمجرد تحقيق الهدف الذي أراده السادات، عادت ريمة لعادتها القديمة، فقام بتنحية الشاذلي وترقية المطبعين، حتى أتى يوم تصوت فيه مصر لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، وترسل وزير خاريجاتها للتعزية في رئيس كيان الاحتلال! وصار من يقاتل إسرائيل إرهابيا، رغم أنهم يسيرون على نهج من حقق نصر أكتوبر الذي يتفاخر به الجيش الآن!

وإذا سألتهم عن تلك المهانة تذرعوا بأنهم يريدون السلام! وكأن السلام مع الصهاينة انتصارا كاسحا، وكأنه ليس خيانة، وكأن الصراع معهم ليس صراع وجود لا صراع حدود! وكأن الهدف كان إنهاء الحرب في حد ذاتها وليس “إزالة آثار العدوان”!

وإذا كان الهدف إنهاء حالة الحرب فقط فقد فعل السادات الصواب حين مضى في طريق كامب ديفيد، فأقصر الطرق لإنهاء الحرب أن تخسرها! وقد باع السادات مصر وجعلها رهينة لأميركا وإسرائيل في كامب ديفيد! هذه نتيجة المباراة باختصار! بغض النظر عن أي أهداف حققها أثناء الحرب!

5- ما الأهم: الوطن أم النظام؟؟

ورغم ذلك، فإن من يريد أن يحافظ على السلام عليه أن يكون مستعدا دائما للحرب، كما قال جون كينيدي، فهل السيسي مستعد للحرب؟؟ بل السؤال هي خيار الحرب مطروحا لدى السيسي؟؟ هل يرى إسرائيل عدوا؟؟ وعلى كل؛ لقد جرى تخريب مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا واجتماعيا منذ كامب ديفيد حتى اليوم، لمنع مصر من مجرد التفكير في الحرب مجددا، فضلا عن جيل من القادة المطبعين الرافضين لاعتبار إسرائيل عدوا تحت أي ظرف!

بل عادت الأنظمة العسكرية لسابق عهدها، وصارت مهمتها حفظ أمن إسرائيل! وهي فخورة بهذا الدور، وتمنع الشعب من التعبير عن رفضه للتطبيع!

ولقد ذكر الفريق الشاذلي رحمه الله أن السادات منع وصول دبابات حديثة من الاتحتاد السوفييتي إلى الجيش واحتفظ بها للحرس الجمهوري خوفا من حدوث انقلاب عسكري عليه من داخل الجيش بهذه الدبابات الحديثة، رغم أن هذه الدبابات كان يمكن أن تمنع الثغرة! فهل الهدف حقا تحرير الأرض أم الحفاظ على السلطة؟؟

ويبقى السؤال الأهم؛ هل المهم الحفاظ على الوطن أم على النظام؟؟ بأي وجه يردد أنصار عبد الناصر بعد ضياع سيناء أن العدو لم ينتصر طالما أن النظام لم يسقط!! وكيف يجوز لأنصار السادات أن يتباهو بحرب أكتوبر وقد أنهاها بهذا الشكل المخجل؟؟

لهؤلاء جميعا نقول ما قاله الشاعر الفلسطيني ابراهيم الطوقان لهؤلاء الحكام من قبل في بيت الشعر الشهير: في يدينا بقية من أراض.. فاستريحوا كي لا تضيع البقية! البقية التي يدافع عنها المقاومون رغم الحصار والتشويه، والذين يراهم السيسي الآن إرهابيين! وصدقوني لو كان السيسي موجودا وقتها لوصف الشاذلي ورفاقه بالإرهاب!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023