سلط تقرير لوكالة “بلومبرج” الاقتصادية الضوء على الإجراءات الاقتصادية المحتملة لتعويم الجنيه المصري من أجل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي ، مشيراً إلى فشل الحكومات السابقة في مثل هذه الإجراءات بسبب الخوف من الغضب الشعبي.
وقالت الوكالةإنه “وفقاً لما ذكره الرئيس المصري فإن مستقبل البلاد على المحك ، وسجل الدولار رقماً قياسياً في السوق السوداء، والاحتياطات النقدية تكفي فقط لاستيراد السلع الأساسية لثلاثة أشهر ، واتسع العجز في الميزان التجاري، وتزداد الضغوط على أكبر الدول العربية سكاناً من أجل تقليل قيمة الجنيه أمام الدولار لتخفيف أزمة الدولار التي دفعتها إلى اللجوء إلى البنك الدولي.
وضع التقرير خمسة سيناريوهات للسياسة النقدية وآفاقها لوقف نقص الدولار وزيادة استقرار سعر الصرف .
1- تعويم الجنية المصري
قد تتبع مصر نيجيريا التي تعد أكبر دولة أفريقية خفضت من قيمة عملتها بداية من يونيو ،عندما رضخ صانعوا السياسات إلى ضغط السوق الذي يتجاوز فيه سعر السوق السوداء السعر الرسمي ب 50 بالمائة
وعن فرص نجاح هذه المحاولة قالت الوكالة إنه بالرغم من أن الإستراتيجية النيجيرية بدأت تؤتي ثمارها إلا أن المستثمرين لم يتجاوبوا بسرعة مع هذا الخفض واستمر سعر الصرف في السوق السوداء أعلى من السعر الرسمي بمعدل 20 بالمائة .
وتقول “ريهام الدسوقي” الإقتصادية المصرية “التعويم المباشر أمر ممكن ،لكنه محفوف بالمخاطر، كما أنه يتطلب ثقة الجمهور في النظام ،وبالتالي ضخ مدخراتهم في القنوات الرسمية،ووفقاً لإستقصاء قامت به الوكالة لم يرجح ستة إقتصاديين إتجاه الحكومة المصري مباشرة إلى التعويم .
قد تكرر الحكومة المصرية محاولتها السابقة لجذب رأس المال الأجنبي خلال مارس الماضي ، عندما أضعف البنك المركزي من قيمة الجنيه بأكبر قيمة في 13 عام مرة واحدة ، ورفعت من أسعار الفائدة ووفرت الحماية لمشتري سندات الخزانةمن الأجانب ضد إنخفاض العملة في المستقبل .
وعن فرص نجاح مثل هذه المحاولة قالت الوكالة إن الإستراتيجية فشلت عند تطبيقها في جذب التدفقات النقدية ،ويؤكد “جاسون توفي” الإقتصادي المتخصص بالشرق الأوسط على ضرورة تعويم الجنيه بالكامل من أجل إرضاء البنك الدولي وأن أي إجراء أقل من ذلك لن يحظى برضى البنك والمستثمرين .
٣- التعويم الجزئي
خفضت مصر من قيمة عملتها بحوالي 25 بالمائة في 2003 وطبقت التعويم الجزئي التي تتحكم الحكومة به ،إلا أنها ضخت الدولار بشكل مستمر في البنوك للتحكم في قيمته، وهو ما استمر لعشر سنوات تالية إلى أن انتهى في 2012 عندما تبنى البنك المركزي نظام الحصص .
4- التعويم التدريجي
قد تلجأ الحكومة المصرية إلى التعويم التدريجي خلال المستقبل المنظور ، لأن هناك مقاومة أيدلوجية لدى الدوائر السياسية بالنسبة للتحرر الإقتصادي الكامل إذ يرى إستقرار سعر الصرف مؤشر على إستقرار النظام السياسي ، ولاتعني هذه الإستراتيجية إختفاء السوق السوداء ، بل الأهم هو تضييق الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي .
5- التراجع عن التعويم
للحكومات المصرية تاريخ من التراجع عن الإصلاحات الإقتصادية خوفاً من التأثيرات الإجتماعية ، وهو ما حدث عام 1977 عندما ألغت الحكومة المصرية رفع أسعار الخبز بعد إندلاع أعمال شغب في العاصمة ، ومع تدفق المساعدات الخليجية خلال العام الماضي ارتفعت الآمال بتبني الحكومة لسعر صرف مرن إلا أن ذلك لم يتحقق ، وبقيت البلاد محاصرة بأحد أعلى معدلات التضخم في الشرق الأوسط ، وفي حال عدم تعويم الحكومة للعملة فإنها لن تحصل على قرض صندوق النقد .