قال متعاملون في السوق الموازية للعملة في مصر، اليوم الخميس، إن الدولار واصل قفزاته الشديدة بالسوق السوداء ليصل إلى 12 جنيهًا.
وقال مصرفيون بقطاعات الخزانة في البنوك المصرية لرويترز، إن سعر الدولار في السوق الموازية تسارع بوتيرة لم يشهدها من قبل خلال الساعات القليلة الماضية، بعد تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر في مجلس النواب أمس الأربعاء.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن عامر قوله: “لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليًا.. أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب”.
وهذه هي المرة الثانية التي يلمح فيها عامر بإمكانية التخفيض في الوقت المناسب للمركزي؛ حيث شدد في الثالث من يوليو في مقابلات مع ثلاث صحف مصرية على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأً وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها.
وقبل تصريحات محافظ المركزي للصحف المصرية الثلاث كان الدولار يجرى تداوله في السوق الموازية بين 11 جنيهًا و11.05 جنيه في أغلب أيام شهر رمضان.
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيهات، بينما يشتري الأفراد الدولار من البنوك بسعر 8.88 جنيهات. وقال خمسة متعاملين لرويترز إنهم باعوا الدولار يوم الخميس بسعر 12 جنيهًا في عدة صفقات يتراوح حجم كل منها بين 100 ألف و150 ألف دولار. وذكر ثلاثة آخرون أن هناك صفقة بنحو 700 ألف دولار تمت بسعر 11.95 جنيهًا وأخرى قيمتها 550 ألف دولار بسعر 11.85 جنيهًا.
ويسمح البنك رسميًا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشًا فوق أو دون سعر البيع الرسمي، لكن من المعروف أن مكاتب الصرافة تطلب سعرًا أعلى للدولار عندما يكون شحيحًا.
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 21 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام.
وقال متعامل “هناك حالة من الذعر ومحاولة اقتناء للدولار ولكن المعروض مازال ضعيفًا”.
ويقول خبراء الاقتصاد إنه لا مفر من خفض قيمة الجنيه لكن التوقيت هو العامل المهم لتقليص الأثر التضخمي وبصفة خاصة مع سعي الحكومة لفرض ضريبة القيمة المضافة هذا العام بينما لم تستكمل بعد إصلاحات الدعم.
وخفضت مصر العملة المحلية نحو 14 بالمائة في منتصف مارس آذار في مسعى للقضاء على السوق السوداء للدولار التي ازدهرت ونمت وسط نقص شديد في العملة الأجنبية أضر بالأنشطة التجارية والاستثمار.
وقال مصرفي بقطاع الخزانة في أحد البنوك الخاصة مشترطًا عدم نشر اسمه: “تصريحات المحافظ الكثيرة تثير البلبلة في سوق الصرف وآخرها حديثه أمام مجلس النواب أمس”.
وساهم قرضان من الصين والبنك الأفريقي للتنمية قيمتهما 1.4 مليار دولار في دعم احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي منذ بداية العام.
وبلغت الاحتياطيات في نهاية النصف الأول من العام 17.55 مليار دولار. واتفقت مصر على قرض بمليار دولار من البنك الدولي لكنها لم تحصل عليه حتى الآن ولم تعلن الحكومة أسباب عدم الحصول عليه رغم تأكيدها سابقًا أنها كانت ستحصل عليه قبل نهاية 2015.
وتأتي اتفاقيات الاقتراض بعد أن حصلت مصر خلال فترة العامين ونصف العام الماضية على مليارات الدولارات من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت في صورة مساعدات ومنح بعد أن عزل الجيش الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013.
وقالت الإمارات العربية المتحدة في أبريل، إنها ستودع ملياري دولار في المركزي المصري، وأعلن بعدها عامر في عدة تصريحات محلية أن مليار دولار من الوديعة الإماراتية سيصل خلال أيام لكن لم يتم الإعلان رسميًا حتى الآن عن وصول أي من الملياري دولار لمصر.
وتكافح مصر التي تعتمد اعتمادًا شديدًا على الواردات لإنعاش اقتصادها منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من قلاقل أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح – وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة – وانخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.