أبهرت المعارضة التركية العالم عندما وقفت موقفًا مشرفًا بوجه محاولة الانقلاب من قبل مجموعة من عناصر الجيش المرتبطين بحركة غولن التي وقعت في وقت متأخر من، يوم أمس الجمعة، والتي أخمدتها قوى الشعب التركي، والذي نزل بكل أطيافه وانتمائته المختلفة للتصدي لها، دفاعًا عن الديمقراطية والحكم المدني.
يُشار إلى أن الجيش التركي قام بثلاث محاولات للإطاحة بحكومات تركية بين عامي 1960م و1980م، بهدف حماية النظام العلماني في تركيا الذي يصونه الدستور.
المعارضة التركية
زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي رفض محاولة الانقلاب و قال في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم: ” إن محاولة الانقلاب غير مقبولة”، و أشار حسب بيان لرئاسة الوزراء التركية إلى إن حزبه يعلن تضامنه مع الشعب التركي.
و في ذات السياق، أوضح بهتشلي في بيان مكتوب، إن محاولة تعليق الديمقراطية وتجاهل الإرادة الوطنية هو خطأ كبير ضد تركيا، وقال: إن الثمن الذي ستدفعه تركيا سيكون كبيرًا في حال حدوث حرب أهلية. حيث سيحتاج الشعب التركي كل أنواع التدخلات والمخاطرة بوحدتنا وسلامتنا الوطني.
و صرح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو في وقت مبكر من، اليوم السبت، بأن المجتمع يجب أن يبدي رد فعل موحّد ضد أي محاولة انقلاب.
وفي حديثه مع محطة أن تي في، قال كليجدار أوغلو: “إن تركيا تعرضت للخراب بالانقلابات، لا نريد أن نمر بنفس المشاكل، سنحمي جمهوريتنا وديمقراطيتنا، ونحافظ على التزامنا بالإرادة الحرة لمواطنينا”.
كما أضاف زعيم حزب الشعب الجمهوري: “مهما يكن ومن قبل أي كان، يجب أن نقف موقفًا مشتركًا ضد الانقلاب كما نقف موقفًا مشتركًا ضد الإرهاب”.
أما عن حزب الشعوب الديمقراطي فقال زعيم الحزب صلاح الدين دميرطاش وفيغان يوكسيكداغ، وفي بيان مشترك: “بأنه لا يحق لأحد أن يضع نفسه مكان الإرادة الشعبية، و إن حزب الشعوب الديمقراطي يقف ضد كل انقلاب في كل ظرف”.
إشادة الحكومة بموقف المعارضة
وفي مساء اليوم، أعلن إسماعيل كهرمان رئيس البرلمان التركي -بحسب وكالات انباء- إن الأحزاب المعارضة التركية وقفت إلى جانب الحكومة وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، وحزب الشعوب الكردي.
جاء ذلك خلال كلمته بالاجتماع الطارئ للبرلمان، اليوم السبت، في حضور رئيس الوزراء بن علي يلدريم.
وعلى جهته شكر رئيس وزراء تركيا، قادة أحزاب معارضة لدعمهم العملية الديمقراطية والوقوف مع الحكومة في وجه الجنود الذين قاموا بمحاولة انقلاب، وفقًا لصحيفة “حرييت” التركية.
و قال رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم: أشكر القيادة في أحزاب المعارضة الثلاث، إنهم حموا الديمقراطية، إنهم وقفوا مع حكومتنا وأظهروا موقفا واضحا ضد المحاولة الانقلابية”.
بعض الأحزاب تجامل الحكومة
وفي تصريح خاص لـ “رصد” أكد سعيد الحاج الكاتب والباحث والمحلل المختص بالشأن التركي، أن وقف المعارضة التركية موقف مشرف يحسب لها، ويكفي الآن أن تنضم كافة أشكال المعارضة تحت قبة البرلمان ويكفي إشادة البرلمان والحكومة بهذا الموقف.
وأوضح الحاج أن حالة الفشل التي طالت الانقلاب كانت متوقعه منذ اللحظات الأولى له، بيد أن رفض بعض أحزاب المعارضة له كان عبارة عن مجاملة لحفظ ماء الوجه.
وبسؤاله عن نتيجه هذا التلاحم بين قوى المعارضة التركية، قال الكاتب والباحث والمحلل المختص بالشأن التركي، إن هذا التناغم يعطي عمل مشترك بناء لتركيا.
و توقع الحاج أن تشهد الفترة القادمة مزيد من القبضة الأمنية داخل تركيا، وتحقيقات واسعه، إضافة إلى الإسراع بتنفيذ الأحكام، وردًا على حال المؤسسة العسكرية التركية بعد هذا الانقلاب، قال أتوقع مزيدًا من التركيز مع المؤسسة العسكرية.