تحل اليوم الذكرى الثالثة لبيان الثالث من يوليو 2013م، في الوقت الذي تولى فيه السيسي رئاسة المجلس الأعلى للأثار، إذ تمر السياحة المصرية -التي تعتبر أحد أهم مصادر الدخل القومي- لأزمة خانقة منذ ذلك الحدث، وتعرّضت مصر لعدة حوادث أثرت سلبًا على السياحة، كان أبرزها سقوط الطائرة الروسية في سيناء، مما تسبب في تراجع أعداد السائحين بشكل غير مسبوق، حيث أظهرت مؤشرات القطاع السياحى تراجع إيراداته، مما دفع النظام لتسول السياح.
ويعد انهيار منظومة السياحة كارثة تعصف بالاقتصاد المصري، حيث يواجه عشرات الآلاف من العاملين في هذا القطاع ظروفًا شديدة الصعوبة، بعدما خسروا مصدر دخلهم وخسر بعضهم مشروعه.
وتعرضت السياحة لكارثة حقيقة أدت إلى انخفاض عدد السياح القادمين إليها بنحو 47% منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء، ثم قرار بريطانيا وقف الرحلات إلى مصر لدواع أمنية، وبعدها اختطاف الطائرة المصرية التي حول مسارها إلى قبرص.
الغضب ضد السيسي
وأشارت صحيفة التايمز إلى أن ما حدث للعمالة المصرية في مجال السياحة، ساهم في زيادة الغضب على عبدالفتاح السيسي”، الذي تعهد بعد وصوله للحكم بإقرار الأمن والاستقرار في مصر وتحسين الوضع الاقتصادي.
وعن مشاريع السيسي المزعومة لانتعاش الاقتصاد، فقد لفتت الصحيفة البريطانية إلى تفاقم الأزمة رغم محاولات دعم السياحة الداخلية، بسبب أن الزوار المصريين لا يقدمون سيولة مضافة بالعملة الصعبة إلى هذا القطاع، كما أن السائحين من منطقة الخليج في الغالب لا يرتادون الملاهي، وبالتالي لا ينفقون بنفس الأسلوب الذي ينفق به السائح الغربي.
اعتراف بالفشل
وبعد أسابيع من الثالث من يوليو شهد قطاع السياحة تدهورًا سريعًا، ما جعل هشام زعزوع وزير السياحة وقتها للقول بأن السياحة في عهد مرسي كانت أفضل مما هي عليه الآن.
وذكر المسئولون أن زائرًا واحدًا فقط زار معبد أبو سمبل، الذي يعد من أبرز معالم مصر السياحية، خلال يوم كامل بدخل قيمته 4.5 جنيهات، أي أقل من دولار واحد.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه شركات السياحة في دول أوروبية عن توقف تسيير رحلات إلى مصر، قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن فنادق القاهرة خالية، وقطاع السياحة يعاني ركودًا حادًا وغير مسبوق بسبب الاضطرابات السياسية.
ولم تتحسن حالة السياحة بعد شهور من بيان الثالث من يوليو، فقد تراوحت نسب الإشغال في فبراير 2014م ما بين 15 إلى 20%.
27 دولة تحظر السفر لمصر
وفي 16 فبراير 2014م، كشف مصدر مسئول بوزارة السياحة عن عودة 27 دولة أجنبية وضع القاهرة على قوائم حظر السفر، مشيرًا إلى أن الدول الأجنبية تحظر رعاياها من المجيء إلى القاهرة، أو زيارة المعالم السياحية باعتبارها منطقة شديدة الخطورة، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية عادت من جديد لوضع مصر، خاصة القاهرة على قوائم الحظر بعد عدة انفجارات شهدتها القاهرة قبل أسابيع من تاريخ حظر السفر.
وذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية أن الشكوك بأن إسقاط طائرة ركاب روسية في شبه جزيرة سيناء ألحقت أضرارًا بالسياحة المصرية فاقت ما أحدثته الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد على مدار 5 سنوات.
وأضافت الوكالة في تقرير لها، أن مليون سائح زاروا مصر في نوفمبر وديسمبر الماضي، بانخفاض %41 عن العام الماضي، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبرج، مشيرة إلى أن السياحة لم تشهد مثل هذا التدهور حتى في نوفمبر وديسمبر 2013م، عندما كانت المواجهات الدامية بين قوات الأمن وأنصار الإسلاميين تحدث بشكل شبه يومي.
ونقل التقرير عن أماني الترجمان عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية، قولها: “لا يمكن أن نسمي ما يحدث انخفاضًا، بل هو انهيار”.
وأوضح التقرير أن تراجع عائدات السياحة منذ سقوط الطائرة في 31 أكتوبر، عقّد الجهود الرامية لتعزيز الاقتصاد المصري، وأنحى باللائمة على نقص العملة الأجنبية في انكماش النشاط التجاري غير النفطي في البلاد العام الماضي، مما أثار جدلاً حول ما إذا كان ينبغي على السلطات خفض قيمة العملة والمخاطرة بتأجيج التضخم.
وأشار التقرير إلى أن تحطم الطائرة بعد وقت قصير من إقلاعها من منتجع البحر الأحمر في شرم الشيخ، دفع دولاً من بينها روسيا وبريطانيا لتقييد الرحلات الجوية إلى مصر، للاشتباه في أن الطائرة أسقطت من قبل تفجير نفذه تنظيم “الدولة الإسلامية”، الأمر الذي تسبب في إخماد التعافي الوليد في مجال السياحة، بعد الضربات التي تلقاها إثر سقوط الرؤساء في عامي 2011م و2013م.
إغلاق 31 فندقًا
وتنشر الصحف كل يوم أخبار إغلاق عدد من الفنادق في المدن السياحية، فلا يكاد يمر يوم دون نشر أخبار إغلاق الفنادق، أو تحويلها إلي أنشطة أخرى، مثلما حدث في الاقصر وتحولت بعض الفنادق إلى مستشفيات، وأخرى تحولت لصالات أفراح، مما يعد مؤشرًا علي انهيار السياحة المصرية بشكل شبه تام، وشهدت مدينة شرم الشيخ فى الآونة الأخيرة أزمة في النشاط السياحى، بسبب قلة الإشغالات فى الفنادق.
وتم إغلاق عدد كبير من الفنادق وتسريح العمالة التى كانت بها، وتقليل نسبة العمالة فى الفنادق بشكل عام نتيجة قلة الإشغالات، فعدد الفنادق التى تم إيقاف تشغيلها حتى الآن 31 فندقًا ومنشأة سياحية بثلاث مناطق سياحية، وهى 11 فندقًا بخليج نبق و6 فنادق بخليج نعمة و10 فنادق بمجموعة ترافكو و4 فنادق فى الهضبة .
التسول السياحي
وفي مارس الماضي أقام الدكتور سمير صبري المحامي، دعوى أمام محكمة القضاء الادارى، لإلزام رئيس الجمهورية بإقالة وزير السياحة السابق لإساءته للمصريين وللدولة المصرية في بورصة ITB السياحية في برلين.
وقال صبرى :”أراد وزير السياحة المصري أن يوثق فشله في إدارة وزارة السياحة ليخرج فى مؤتمر صحفي خلال مشاركته في بورصة السياحة ITB ويلجأ لطريقة “الشحاتة السياحية”، عندما طالب الشركات السياحية الغربية بإعادة السياح لمصر حتى لا يجوع عمال القطاع السياحي.
وأوضحت الدعوى، أنه أمام هذه الأزمة لجأ وزير السياحة المصري هشام زعزوع خلال مشاركته في بورصة “ITB” السياحية ببرلين، لطريقة “مبتكرة” لإنقاذ السياحة المصرية المنهارة، والتي أساءت إلى مصر والمصريين إساءة بالغة، وأحدثت جدلًا جديدًا يضاف إلى معاركه الجدلية، والتي كان آخرها نظريته الشهيرة لحلّ أزمة السياحة بـ “سدّ الخرم”، تعبيرًا عن سد الفجوة بين متطلبات السائحين وإمكانيات مصر.
واستعان الوزير بصور للعاملين بالسياحة المصرية وأطفالهم، خاصة من أبناء مدينة الأقصر للإشارة إلى مدى سوء أوضاعهم المعيشية وتردي حالتهم المادية، لاستعطاف الشركات المشاركة لوضع مصر على أجنداتها في موسم السياحة القادم، وذلك خلال حفلٍ تم تنظيمه للشركات الألمانية المشاركة في الحدث.
وفيما اعتبره البعض إمعانًا في استعطاف الحاضرين، روى الوزير قصة صاحب الصورة، الذى قال للوزير “أين السياح يا معالى الوزير؟”، وفي تعليقه على صورة أخرى قال الوزير “إن ما يمدّنى بالطاقة كل يوم هو هذا الشاب صاحب الابتسامة الجميلة، والذي يعتمد على السياحة لينفق على عائلته، إذا لم يكن لدينا سياح، فإنه لن يجد ما ينفقه على عائلته”، والتمس صبري الحكم بإلزام رئيس الجمهورية بإصدار قرار بإقالة وزير السياحة من منصبه، وقدم المستندات المؤيدة لدعواه.