أكد الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسى، أنّ ما يُسمى بـ”كابوس الثانوية” اختراع مصري بحت، ناتج عن تهويل الإعلام للامتحانات واتخاذها مادة خصبة له، مشيرًا إلى أن الغش الجماعي في امتحانات الثانوية العامة أحد مظاهر الانفلات الأخلاقي الموجود في مصر، ما يؤكد تدهور منظومة الأخلاق.
وعن أسباب انتشاره، قال عكاشة: “بسبب أضرار العولمة، فالغش الفردي موجود في دول كثيرة، لكن الغش الجماعي أمر لابد أن نقف عنده، وبعد دخول الإنترنت كل مكان وسهولة استخدامه رأينا تسريبات لأسرار سياسية في أميركا وأوروبا آخرها وثائق بنما”.
وأضاف: “وفى المقابل ظهر لدينا الغش الجماعي عن طريق استخدام الحداثة والإنترنت في الحصول على الأسئلة والإجابات النموذجية لها بمساعدة أشخاص معدومي الضمير، فالخلاصة أن العولمة لها جوانب إيجابية وأخرى سلبية، والغش الجماعي من الأضرار التي ظهرت للعولمة، وكلما زادت المعرفة في هذا المجال سنرى تفاقمًا مستمرًا لهذه الأزمة”.
وأشار عكاشة إلى أنه لا يمكن القضاء على الغش تمامًا بسبب انتشار العولمة، ولكن يجب تغيير طريقة الامتحانات، فالطرق التقليدية في مصر عفا عليها الزمن، ولابد من إيجاد أشكال مبتكرة من أجل نجاح العملية التعليمية، فمثلا إلغاء طريقة الامتحانات مرة واحدة آخر العام، بحيث يتم توزيعها على مدار السنة الدراسية مثلما يحدث في معظم دول العالم المتقدمة.
مضيفًا: “لابد من ابتكار طرق حديثة لطبع وتوزيع الأسئلة بعيدًا عن الأنماط التقليدية المتمثلة في المطابع الأميرية والتي يعرفها الجميع، ويجب أن تكون المطابع سرية ومتغيرة وغير معلومة، إضافة إلى استبدال الأسئلة العقيمة القديمة بأخرى حديثة متطورة، فالمطلوب من السؤال قياس مايعرفه الطالب وليس مالا يعرفه، ولنرى في امتحانات الدول المتقدمة أن هناك أسئلة يمكن للطالب أن يأخذها إلى المنزل ليبحث عن الإجابة، فالطرق التعجيزية لاتنتج نجاحات أبدًا، وإنما تجلب لنا أفكارًا فقط للفهلوة”.
وعن محاولة تحديد المتسبب في مشكلة الغش الجماعي، قال عكاشة: “لايمكن اتهام شخص بعينه بأنه السبب في الغش، لأن الموضوع أكبر من فرد، وأقصد من كلامي هذا أن وزير التعليم ليس المسؤول الأوحد عن هذه العملية، والعدل أن نقول إن هناك كثيرين تقع عليهم المسؤولية، وعند توقيع العقوبة لابد أن نأخذ كل من تدخل وساعد وسهل واشترك في هذا الأمر”.
ورأى الدكتور عكاشة، أنه من الضروري أن نهتم بتدريس الأخلاق والمبادئ للأطفال، وغرس القيم النبيلة لديهم منذ الطفولة، كما يحدث في أماكن كثيرة في العالم، حيث تهتم أغلب الدول حاليًا بتعليم الأطفال في مرحلة الحضانة تلك القيم قبل أن يقدموا لهم العلوم المختلفة، لأن التنشئة مهمة جدًا في تشكيل الشخصية، ولذا وجب علينا البدء فورًا بالأخلاق بالنسبة للصغار في المنزل والروضة مع وضع استراتيجية جديدة للامتحانات كما قلت.
