سبعة أيام مرّت على إنفجار بنك لبنان والمهجر ولا تزال تردادته السياسية والمالية مستمرة. وما قيل عن تفاهمات جرى ترتيبها بين البنك المركزي وبين “حزب الله” هو أشبه بحكاية “جحا وخالته” لإن الكلام في بيروت لم يصل الى واشنطن، وبالتالي لم يغيّر حرفاً في قانون العقوبات الاميركية الذي يغطي العالم قاطبة.
ففي عز الجدل حول ما ينفع ولا ينفع في هذا القانون لبنانياً، أوردت وكالة مهر الايرانية للانباء أن وزارة الخارجية الايرانية تؤكد “أن جميع المسؤولين في حكومة الرئيس روحاني ليس لهم أي صلة بفيلق القدس من قريب أو من بعيد”. وهذا التوضيح يهدف الى تجنيب المسؤولين الايرانيين أي شبهة تندرج في جدول الارهاب الاميركي.
إذا كانت الحكومة الايرانية سعت ولا تزال الى الفصل بين مصالحها وبين أدوات نظام وليّ الفقيه التي تملك قوة هائلة، فكيف يمنع لبنان من حماية قطاعه المصرفي الذي هو الملاذ الاخير لعافية هذا البلد؟
ما قاله نصرالله في وقت سابق حول عدم إكتراثه بالقانون الاميركي عبّر بدقة عن حقيقة موقفه باعتبار أن “حزب الله”، الذي يمثل الذراع الاهم لفيلق القدس، لا يتكل على ودائع مصرفية ليقوم بدوره طالما أن هناك شبكة متكاملة من الادوات التي تتيح له القيام بإدواره وما تتطلبه من إمكانات باهظة كما هو الحال الآن في الحرب السورية. لكن ما دفع نصرالله الى صب جام غضبه على القانون هو حالة الهلع التي سادت بيئته الحاضنة التي تتحدث المعلومات عن ودائع لها في المصارف تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وليتصوّر المرء كيف هي حال الامين العام لـ”حزب الله” وهو يسمع يوميا من حوله في الضاحية الجنوبية عن المصيبة التي ستحل بهم إذا ما فقدوا الصلة بما بات يمثل الرمق الاخير لهؤلاء الذين منحوا الحزب كل أنواع الدعم ليشيد أمبراطورية تجاوزت حدودها لبنان؟
يتحدث خبراء في القطاع العقاري أن أكثر من 50 مليار دولار وظفها متمولون شيعة منذ عشر سنوات في القطاع العقاري بلبنان بإعتبار أن هذا القطاع يوفر أرباحا مضمونة ليست متوفرة في قطاعات أخرى.
وبالفعل مرّ هذا القطاع بفترة ذهبية منذ أعوام حتى جاء وقت وتبدّلت أحواله بعدما غرق في عزلة ناجمة عن تداعيات الحرب السورية وتورّط “حزب الله” فيها بما أدى الى إبتعاد المستثمرين لا سيما في دول الخليج العربي كليا عن لبنان، وانهيار القطاع، فتكبد المتمولون الشيعة خسائر تقدّر، بحسب هؤلاء الخبراء، بما يقارب الـ15 مليار دولار، والحبل على الجرّار.
إذا كان شيعة القطاع العقاري عضّوا على خسائرهم ولاذوا حتى الان بالصمت، فإن شيعة القطاع المصرفي، وهم الكثرة الساحقة من هذه الطائفة التي تمثل مكونا أساسيا للبيئة الحاضنة لحزب الله، صار همسهم مدوياً أكثر بكثير من متفجرة البنك.