تحل على المصريين الذكرى الرابعة والثلاثون لتحرير جزء مهم وبقعة غالية من أرض الفيروز، ألا وهي مدينة طابا، تلك المدينة التي شهدت عملية تحريرها العديد من المفاوضات والتي استمرت لبضع سنوات حتى تم استردادها من الكيان الصهيوني عام 1982، وتم رفع العلم المصري عليها بعد سنوات عجاف من الاحتلال والهيمنة عليها من قبل المحتل الصهيوني.
أراد مبارك ونظامه أن يوهم المصريين بأن سيناء تم تحريرها بالكامل، ولذلك فقد تم إطلاق عيد تحرير سيناء على اليوم الذي تم استرداد مدينة طابا وهو 25 إبريل، وقد تناسى النظام المصري آنذاك أن هناك مدينة غالية على المصريين وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من سيناء هي مدينة “أم الرشراش” أو ما يطلق عليها مدينة “إيلات”، وإلى الآن لم تتفاوض الدولة المصرية على حقها في استرداد تلك المدينة المحتلة والمغتصبة من قبل دولة الكيان الصهيوني.
ومنذ اللحظة الأولى أدرك الكيان الصهيوني أهمية “أم الرشراش” فتلك المدينة تمثل للصهاينة الرئة الوحيدة لهم على البحر الأحمر وخليج العقبة، لذلك هم الصهاينة منذ بداية المفاوضات على إخراج “أم الرشراش” من أية محادثات بينهم وبين القاهرة واعتبروها خطًا أحمر لا يمكن المساس به لما تمثله من أهمية جيوسياسية، ومن ثم رفض الصهاينة التنازل عنها أو فتح باب النقاش حول تلك المدينة المصرية “أم الرشراش”، ومع ذلك ظل المصريون يتذكرون هذه المدينة في ذكرى تحرير سيناء من خلال أهم عملية بحرية قام به كوماندوز البحرية المصرية بتدمير ميناء إيلات التابع للكيان الصهيوني على ساحل “أم الرشراش”.
جاء تحرير طابا بعد عدة أعوام من إبرام اتفاقية السلام بين القاهرة والصهاينة والتي كان أحد بنودها تقسيم سيناء إلى ثلاث مناطق “أ، ب، ج” واشترط هذا التقسيم أن تكون بعض تلك المناطق خالية من وجود الجيش المصري فيه وإنشاء مقرات لقوات حفظ السلام في تلك المناطق، واستمر العمل بتلك الاتفاقية في سيناء على الرغم من انتهاكات الكيان الصهيوني لها أكثر من مرة، وهكذا كانت عودة سيناء إلى مصر منقوصة السيادة، ما أثر سلبيًا على عملية التنمية والتعمير بأرض الفيروز.
ظل المصريون ينتظرون اليوم الذي يحتفلون فيه بتحرير سيناء، ويكون هذا التحريرحقيقيًا حيث تكون لمصر كامل السيادة على أرض الفيروز، وأن تكون كل سيناء تحت إدارة الدولة المصرية، وأن تصبح سيناء منصة للتنمية الحقيقة والتعمير، وأن تظل البوابة الشرقية لمصر مصدر قوة في الحفاظ على الأمن القومي المصري.
وأثناء انتظار المصريين لتحقيق حلمهم، فوجئوا بصاعقة ألا وهي تنازل السيسي ونظامه عن جزيرتي تيران وصنافير -وهما جزء لا يتجزأ من أرض سيناء- إلى المملكة العربية السعودية مقابل 2 مليار سنويا و25% من الثروات الموجودة بتلك الجزيرتين وفقًا لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
كان هذا التنازل صادم للمصريين فبدلًا من أن يسعى السيسي لحل مشكلات سيناء بدأ في بيعها، وهنا كانت تلك الاتفاقية بمثابة انتفاضة ثورية جديدة شاركت فيها جميع طوائف وشرائح المجتمع المصري وكانت بدايتها في الخامس عشر من إبريل، وكانت جمعة الأرض يومًا مهيبًا لم تشهده القاهرة منذ سنوات، وكان يومًا محمودًا لعودة جموع المصريين إلى الاتفاق على قضية واحدة ألا وهي أن هاتين الجزيرتين مصريتان بعد أعوام فرقهم فيها الانقسام والاستقطاب.
الدولة المصرية بهذا التنازل ارتكبت مخالفات دستورية وخالفت اتفاقيات دولية ومنها اتفاقية كامب ديفيد، وأغلفت حقائق تاريخية، وتناست أن كلًا من تيران وصنافير محمية طبيعية مصرية مسجلة في منظمة اليونسكو، وادعت أن ما يدرسه الطلبة المصريون في الصف السادس الابتدائي في كتاب الدراسات الاجتماعية خطأ.
مع كل ما سبق ادعى نظام السيسي أن ما حدث هو رد للأمانة التي كانت لدى مصر، بل ذهب أحد المسؤولين في الدولة المصرية إلى القول بأن مصر كانت محتلة هاتين الجزيرتين، وبدلًا من أن يقنع السيسي المصريين لماذا أبرم تلك الاتفاقية طالبهم بألا يتحدثوا في هذا الموضوع مرة أخرى.
إن التحرير المنقوص والتفريط السريع لأرض الفيروز لم ولن يثني المصريين عن المطالبة بكل حبة رمل تابعة لسيناء، وأن المصريين لن يهدأ لهم بال ولن يستقر لهم حال حتى تعود أم الرشراش وتيران وصنافير، ويصبح لمصر كامل السيادة على كل بقعة في سيناء، عندها يحتفل المصريون بعيد تحرير سيناء ولعل وعسى يكون 25 إبريل القادم هو بداية الاحتفال.