توجه معتقلو مصر، برسالة من خلف الأسوار، إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ تزامنًا مع زيارته للقاهرة، والتي من المقرر أن تبدأ الخميس المقبل.
يقول المعتقلون: لا نريد أن تكون زيارتكم قبلة الحياة لهذا النظام المجرم، ولا نرضى أن تكون تلك الزيارة كسرًا لحاجز العزلة التي بدأت ملامحها تظهر إزاء الجرائم ضد الإنسانية التي قام بها الانقلابيون، ونحن على يقين أنكم تدركون طبيعة دوركم وحقيقة مكانتكم التي من أجلها تهوي أفئدة الناس إليكم لتكون القبلة المشرفة محور ارتكاز أصيل لتلك الأمة تجمعون حوله شملها وترفعون الظلم به عن أبنائها”.
لقد كانت المملكة ولا تزال بلدًا شريفًا كريمًا له مكانته السامية وقدره العالي والرفيع في نفوس المسلمين جميعًا، كيف لا وهذه هي دعوة أبي الأنبياء إبراهيم الخليل، عليه السلام، حين سأل الله عز وجل أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، إلى هناك حيث البيت الحرام الذي شرف الله به أرضكم المباركة ورزقكم من أجله الطيبات”.
وأضافت الرسالة “كيف لا تكون لكم في نفوس المسلمين تلك المكانة وقد شرفكم الله بالسقاية والرفادة وعمارة المسجد فأدركتم هذا الشرف ورفعتم على رايتكم كلمة التوحيد، تلك الراية التي لا تنكس أبدًا تشريفًا للكلمة المكتوبة على الراية الخفاقة.. لحظة فارقة من الزمن.. لحظة كانت استثناءً حقيقيًا من سجلات الزمان، ساندت المملكة انقلابًا عسكريًا غاشمًا حدث في شقيقتها مصر، ووقفت بجواره وهو يقتل الآلاف ويعتقل عشرات الآلاف، ويغتصب الأعراض ويصادر الأموال، ويلفق التهم ويحارب علماء الدين، ويطارد العاملين للإسلام، ويتطاول على ثوابت الأمة ومقدساتها ويمحو هويتها الأصلية، ويبدل انتماءاتها، ويوالي أعداءها، ويتقرب بالزلفى لمن يدعم بقاءه الهش بالأموال التي يبني بها السجون والمعتقلات وينفقها على آلة القتل والظلم، ومدلسًا على الأشقاء أنه يخوض حربًا بالوكالة عنهم ضد إرهاب مزعوم هو من صنعه بيديه وأطلق شره في الأرض”.
وتابعت: “لكن ورغم قسوة تلك اللحظات إلا أنها لم تدم طويلًا والحمد لله، فلقد شاء الله سبحانه وتعالى أن تتحملوا عبء المسؤولية فاستبشر الناس خيرًا، ووجدنا من قراراتكم ما يدعم تصحيح المسار ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي والإسلامي، فساندتم اليمن الشقيق في دعم شرعيته واستعدتم دوركم الأصيل في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة، وساندتم وبكل قوة أشقاءنا في سوريا أمام آلة القتل الإجرامية التي ينتهك بها النظام السوري المجرم أرواح شعبه ومقدرات البلاد”.
وتستطرد الرسالة: “لقد كنا نتمنى أن تكون زيارتكم لبلدكم الثاني مصر وهي في أحسن حالاتها وهي تتهيأ لاستقبالكم، لكن وللأسف الشديد مصر تستقبل ضيفها الكريم وهي في أسوأ حالاتها حقًا، وأي شيء أسوأ من بلد يأسر خلف أسوار معتقلاته ما يجاوز الخمسين ألفًا من خيرة أبنائه وبناته وصفوة شبابه أطباءً ومهندسين ورجال أعمال وعلماء دين وطلابًا وأساتذة جامعيين.. خمسون ألفًا خلف الأسوار ينكل بهم لأنهم لم يرضوا عن المجازر والانتهاكات ولم يقبلوا بضياع الشرعية والحقوق ولم يستسلموا حين خطفت شرعيتهم بالدبابة والمدفع”.
وأردفت: “نعم إن مصر تستقبل ضيفها الكريم وهي في أسوأ حالاتها حقًا بعد أن بدأت عزلتها الدولية حين شهد الجميع بانتهاكات موثقة لحقوق الإنسان وانحدار في الحالة الأمنية وترد على كل الأصعدة المعيشية والسياسية والإقتصادية وتغول من السلطة على العدالة والتشريع وانقسام مجتمعي حاد وفشل ذريع في تسيير أبسط الإجراءات اليومية وتلفيقًا للجرائم وتزويرًا للحقائق ومظالم جمة وفساد منتشر في كافة الأجهزة”.
وختمت الرسالة: “تأتي المفارقة حين تكون شرارة تلك العزلة مقتل شاب أوروبي واحد، في حين قتل الآلاف من الشباب المسلم على أيدي الانقلابيين، وكأنهم لا يستحقون أن ينتفض لهم أشقاؤهم المسلمون وهم كما يجب كالجسد الواحد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وفقكم الله وأعانكم وجعلكم ذخرًا للإسلام والعرب والمسلمين”.