شهدت مصر منذ أحداث 30 يونيو 2013م عددا من حالات تعذيب للأجانب، كان آخرهم الشاب الإيطالي جوليو ريجيني الذي اختفى في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير الأخيرة، ونستعرض لكم في هذا التقرير أبرز تلك الحالات.
الطالب ريجيني
يعد الحادث الأكثر مأساوية للأجانب في مصر هو مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، والذي تسبب في موافقة البرلمان الأوروبي بأغلبيته على قرار يوصي بوقف المساعدات العسكرية وتصدير الأسلحة إلى مصر.
واختفى ريجيني في ذكرى ثورة 25 يناير الأخيرة، وبعد أيام من إعلان اختفائه وجدت الشرطة جثة ريجيني ملقاة في الصحراء وعليها آثار تعذيب.
وأكد قرار البرلمان الأوروبي على القلق البالغ من أن قضية جوليو ريجيني ليست بالحادث المنعزل، في مصر، لكنه يأتي في سياق من حالات التعذيب والموت في السجون، والاختفاءات القسرية، عبر أنحاء مصر في السنوات الأخيرة.
وبعد أسبوع من قرار البرلمان الأوروبي، أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عن قلقه العميق إزاء التدهور في وضع حقوق الإنسان في مصر، وفي بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، في 18 مارس 2016، وصف تحقيقات النظام المصري مع منظمات المجتمع المدني الحقوقية، بالقرار الذي “يأتي في سياق أوسع من الاعتقالات وترهيب المُعارضة السياسية، والصحفيين والناشطين وآخرين”.
وكانت إيطاليا قد أرسلت فريق تحقيقات لمتابعة ما آلت إليه تحقيقات النيابة المصرية حول الواقعة، وطالبت بتقديم الجناة الحقيقيين للعدالة.
كما توجه المدعي العام الإيطالي جوسيبي بيغناتوني، الأسبوع الماضي إلى القاهرة لمتابعة آخر المستجدات في التحقيقات الخاصة بقضية ريجيني.
وتأتي الزيارة بعد تصريحات عدة من الجانب الإيطالي تشير إلى عدم تعاون الجانب المصري بشكل كامل في التحقيقات.
وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتوليني، إن هذه الخطوة تأتي بهدف دفع التحقيقات غير المجدية حتى الآن، مضيفًا “هذه الزيارة شديدة الأهمية لدفع التحقيقات المشتركة بخصوص الاغتيال البربري لباحثنا والتي لم تكن مجدية حتى الآن”.
تعذيب كنديين بسبب “اللكنة”
تأتي واقعة تعذيب للكنديين طارق اللوباني وجون جريسون، ضمن حالات الانتهاكات التي تعرض لها الأجانب في مصر، والتي حدثت في إحدى نقاط التفتيش التابعة للشرطة أثناء عودتهما إلى الفندق، بعد محاولتهما مساعدة المصابين في مظاهرات رمسيس أغسطس 2013.
وأثارت لكنة اللوباني الفلسطينية الشكوك بداخل أحد ضباط الشرطة، حيث أكد اللوباني أنه أخطأ عندما قال إنه فلسطيني، لافتًا إلى أنهما لم يتفهما بالكامل السياق الجغرافي والسياسي لوضعهما.
وحاول الكنديان التأكيد على أنهما غير مهتمين بمصر وأنهما في طريقهما إلى قطاع غزة، وهو الأمر الذي زاد من غضب الضباط، حيث ذكر جريسون أنه “في اللحظة التي تقول فيها غزة يقولون حماس”.
جاء ذلك، خلال أول حوارات اللوباني وجريسون الكنديان اللذين تم احتجازهما في سجن طرة عقب أحداث رمسيس، وقال جريسون: “إنه عقب وصوله إلى سجن طرة تعرض للضرب والركل حتى حُفرت إحدى الكدمات على ظهره، وكذلك صديقه اللوباني تعرض لذات المعاملة الوحشية”.
وأضاف “أنهما كانا يتخذان الوضع الجنيني لحماية نفسيهما من الضرب، وأنه ظل يشعر بالألم لحوالي أسبوع”، مشيرًا إلى مدى ضيق الزنزانة للدرجة التي جعلتهم ينامون ملتصقين ببعضهما البعض.
وعندما وصل الكنديان إلى سجن طرة، تعمد الحراس ترك عدد كبير من المساجين داخل الشاحنة المكتظة حتى يتألموا بفعل درجة الحرارة المرتفعة من شمس القاهرة الحارقة، وكان أحد المساجين على وشك الدخول في غيبوبة قبل أن تُفتح أبواب الشاحنة في نهاية المطاف.
وأشار اللوباني إلى أن المشهد خارج الشاحنة كان مخيفًا، حيث وقف صفان من رجال الشرطة المسلحين بالهراوات والعصا الكهربائية وضربوا الناس، وعقب ذلك بقليل تعرضا للإهانات التي خلفت كدمة في ظهر جريسون.
وأكد أن الظروف في الزنزانة مروعة، فكان ينام الـ38 مسجونا على الخرسانة وبينهم صنبور واحد فقط، وبحسب قول اللوباني كانت الرعاية الطبية يرثى لها، فقد وصل أحد المساجين وإحدى قدميه مصابة بكسر لم يتم علاجه لمدة ثلاثة أسابيع حتى تدهورت الحالة وتم بتر القدم.
وذكر الكنديان، في حوار لصحيفة الجارديان أنه تم توجيه المعاملة الظالمة للجميع، سواء كان بريئًا أو مذنبًا “إنهم لا يستحقون الضرب والظروف المروعة وانعدام الرعاية الطبية، نداؤنا الأكبر هو: “قوموا بتوجيه التهم إليهم أو أطلقوا سراحهم”.
وأوردت الصحيفة أنه تم إطلاق سراح الكنديين عقب مجيء والد اللوباني إلى مصر للعمل على حملة لإطلاق سراحهما، ومن خلال الجهود الدبلوماسية والضغط، التقى اللوباني مسؤولين بارزين حتى وجد نفسه يتحدث عبر الهاتف مع مجلس الوزراء المصري بأكمله.
زكريا السوداني
وتعرض أحد المواطنين السودانيين ويدعى يحيى زكريا للتعذيب في السجون المصرية، عقب القبض عليه بشارع طلعت حرب، عشية وصوله للقاهرة، حيث جاء يطلب علاجًا لمرض “البواسير” الذي أنهك جسد ابنه الصغير.
وكانت السفارة السودانية بالقاهرة، قد سلّمت مذكرة لوزارة الخارجية المصرية، احتجاجًا على ما سمته تجاوزات ضد مواطنيها بالقاهرة، وطالبت فيها بالتحقيق، ووقف التجاوزات فورًا بعد احتجاز عدد من السودانيين بتهمة الاتجار في العملة وتقليد الدولارات واستخدامها في الاحتيال على المواطنين.
ونقلت وسائل الإعلام السودانية، عن نائب رئيس المجلس الأعلى للجالية السودانية بمصر قوله: “إن نحو 15 سودانيًا تعرضوا لمضايقات وحالات اعتداء من قبل المصريين في أقسام وسط القاهرة في عابدين والأزبكية تتعلق أغلبها بحمل السودانيين لدولارات”.