قررت شرطة الاحتلال، في 2014، استخدام الرصاص المطاطي الأسود الخطير، الأمر الذي تسبب بارتفاع عدد الإصابات، خصوصًا لدى الأطفال الفلسطينيين، والذي بدا واضحًا بشكل ملفت خلال محاولاتها إخماد انتفاضة القدس المستمرة في الضفة والقدس منذ أكثر من خمسة أشهر.
وفي تقرير لصحيفة “هآرتس”، قالت إن الرصاص المطاطي الأسود تسبب بموت شخص بعد إصابته برأسه، إضافة إلى عشرات المصابين، وأكثر من عشرة أشخاص من سكان شرقي القدس منهم أطفال فقدوا عيونهم.
وعانى البعض الآخر من كسور في الوجه والأيدي والأرجل، وأصيت أحدهم بضرر كبير في الدماغ، واثنان آخران أصيبا بالطحال والكبد.
ورغم أن بعض الإصابات تثير الشك بالإخلال في اجراءات الشرطة، إلا أنه لم تقدم حتى اليوم ولا لائحة اتهام واحدة ضد أحد أفراد الشرطة، وفق قول الصحيفة.
استخدام مفرط
ويتبين من معطيات حصلت عليها جمعية حقوق المواطن “الإسرائيلية”، أنه في 2014 تم اطلاق أكثر من 35 ألف رصاصة مطاطية سوداء معظمها في شرقي القدس. وفي العام الماضي تم إطلاق 22 ألف رصاصة مقابل 7162 رصاصة في 2013، وأقل من هذا العدد في السنوات السابقة؛ حيث تم إطلاق 3608 رصاصة في 2011، وفي 2012، 5859 رصاصة.
وتشير المعطيات أيضًا إلى انتقال حاد من استخدام الرصاص المطاطي الأزرق الأكثر ليونة إلى الرصاص الأسود الثقيل والأكثر خطورة الذي بدأ استخدامه في 2014.
وكانت عناصر الشرطة “الإسرائيلية” اشتكوا في 2014، من عدم نجاعة الرصاص المطاطي الأزرق في صد المواجهات، فتم استبدال الذخيرة بالرصاص الأسود (طراز 4557).
وتبدو الرصاصة السوداء أطول قليلًا من الزرقاء، ووزنها أكبر، يصل إلى 62 جم (دون القطعة التي تبقى) وهذا ضعف وزن الرصاصة الزرقاء (30 جم). وعند الضغط على طرف الرصاصة السوداء يظهر أنها أكثر كثافة، وهو غير قاتل مصنوع من البلاستيك وعلى رأس الرصاصة إسفنج مضغوط.
في هذه الفترة بدأت تتراكم أيضًا الشكاوى حول إصابات بالغة نتيجة استخدام هذا الرصاص. وحسب قائمة قدمتها جمعية حقوق المواطن، فإن عدد المصابين هو 30 شخصًا منهم قاصرون وكثير من الأطفال، وباستثناء حالتين، جميع الحالات أحدثت إصابة بالغة نتيجة إخلال الشرطة بأوامر إطلاق النار، ورغم ذلك لم تقدم أي لوائح اتهام من قبل قسم التحقيق ضد أي شرطي ولم يتم استدعاء المصابين للتحقيق.
وتنوه الصحيفة إلى أنه في العام الذي بدأ فيه استخدام الرصاص الأسود، فإن نصف عدد الرصاص الذي أطلقته الشرطة كان أسود. وفي العام الماضي شكل الرصاص الأسود 94 في المئة من عدد الرصاص المطاطي الذي أطلقته الشرطة.
إصابات متعمدة
وأوردت الصحيفة قصة الطفل صالح سليمان، من العيسوية، كان عمره 11 سنة في نوفمبر السنة الماضية، وفي صباح ما ذهب إلى المدرسة لكنه اكتشف أنها مغلقة بسبب قلة الحضور. وفي ذلك اليوم ثارت في القرية مظاهرات عنيفة وكانت مواجهات بين شباب القرية وشرطة الاحتلال، وبعد عودة “سليمان” إلى بيته بعثته والدته لشراء الخضراوات من الحانوت. وفي طريق عودته، حسب شهادته، اقترب من مظاهرة عنيفة وأراد قطع الشارع.
وحسب قوله، رآه أحد رجال الشرطة فأرسل إشارات بيديه أنه يريد العبور. لكن الشرطي أطلق عليه رصاصة مطاطية سوداء بسبب غير معروف، لكنه أخطأ. وحينما عبر “سليمان” الشارع أطلق عليه مرة أخرى. وفي هذه المرة اخترقت الرصاصة عينه اليمنى. وقد فقد نظره في عينه اليمنى. وبعدها فقد نظره في عينه اليسرى أيضًا وأصبح مكفوفًا. بعد ذلك أصيب سليمان بإصابات بالغة في أنحاء جسمه وأجريت له ثماني عمليات منذ ذلك الحين.
قبل نحو شهرين، وصل للمحامي “آريه افيتان”، الذي يمثل العائلة، بلاغ حول إغلاق الملف من قبل قسم التحقيق في الشرطة، مفاده “لا يعرفون من الذي أطلق الرصاصة لذلك تم إغلاق الملف. لأنه كانت هناك مظاهرات في القرية في ذلك اليوم”. قال افيتان: سليمان هو واحد من بين عشرات المصابين، منهم أولاد كثيرون، أصيبوا بالرصاص المطاطي الأسود.
ومن بين سكان شرقي القدس الذين أصيبوا حتى الآن بالرصاص المطاطي الأسود، عبدالرحمن أبو غالي (5 سنوات) من العيسوية، الذي أصيب وهو على الرصيف. محمد عبيد (6 سنوات)، يحيى العمودي (10 سنوات)، زكريا الجولاني (13 سنة)، محمد برقان (18 سنة) الذين فقدوا عينًا من عيونهم. علا حمدان (14 سنة) أصيبت في وجهها وتضرر نظرها. غالب درويش (67 سنة) أصيب في وجهه وبطنه وتيسير صندوقة، شاب من شعفاط، فقد هو أيضًا عينه بسبب رصاصة مطاطية سوداء في يوليو 2014. ولسوء حظه فقد كان فاقدًا لعينه الثانية وبسبب إصابته أصبح مكفوفًا.
قبل شهرين، أصيب أحمد أبو الحمص (12 سنة) من العيسوية، برصاصة أطلقت على رأسه. وقد عانى من كسر في الجمجمة وإصابة شديدة في الدماغ. وفي الأسبوعين الأخيرين بدأ يتعافى ويتواصل مع عائلته.
وتزعم شرطة الاحتلال أن استخدام الرصاص المطاطي الأسود يهدف إلى منع الخطر على حياة الشرطة، في حين تلفت الصحيفة إلى حالات تثير الشك أن استخدام الرصاص الأسود تم بعيدًا عن أوامر الشرطة، مثل الأمر الذي يقضي بأنه “لا يجب استخدام هذه الوسيلة ضد الشيوخ والأولاد والنساء اللواتي يظهرن كحوامل”. أو الأمر الذي يقضي بأنه “يجب توجيه السلاح إلى الجزء السفلي من جسم المتظاهر”.