كانت جماعة الإخوان المسلمين تتخذ عدة خطوط حمراء لا تقترب منها خلال تعاملها مع الدولة المصرية، وترى أنها إذا اخترقت تلك الخطوط ستؤدي حتمًا إلى وجود معاداة بينها وبين الدولة، ولذلك كانت تحرص على أمور خمس حتى لا تحدث تلك العداوة.
1- لم تسمح الجماعة بتكوين أسر إخوانية من أفراد الجيش أو الشرطة، وعندما انخرط الدكتور عادل أحد أعضائها، في السلك العسكري وأصبح ضابطًا طبيبًا تم عزله من الجماعة، وكذلك كان أحد المقربين من صف الإخوان، ضابطا في الجيش، ودائما ما كان يأتيني باكيًا لرفض الإخوان انتظامه في إحدى الأسر الإخوانية.
2- غير مسموح بوجود أي سلاح ناري عند أي أحد من الإخوان، سوى الأسلحة المرخصة التي يسمح بها القانون.
3- عدم التصدي لأجهزة الدولة باستخدام العنف حتى اليدوي الخالي من أي سلاح، ويقتصر التصدي لأعمالهم من خلال الاحتجاجات السلمية المتمثلة في المظاهرات والمؤتمرات والاعتصامات والثبات على المبدأ، وعدم الضعف أمام ممارساتهم، وكسب مواقع جديدة على صعيد العمل العام.
4- عدم زيادة عدد المرشحين المتوقع نجاحهم من الإخوان في مجلس الشعب عن الثلث من عدد نواب مجلس الشعب، لأن ترشح رئيس الجمهورية كان يتم على الأقل بموافقة ثلثي مجلس الشعب، ثم يعرض بعدها على استفتاء شعبي، وذلك قبل التعديل الدستوري الأخير في عهد حسني مبارك، فالزيادة عن الثلث كانت تمثل تهديدا لتجديد الرئيس مدة رئاسته.
5- الرفض التام لتشكيل أي جهاز معلومات داخل الجماعة يقوم بمتابعة جمع المعلومات عن الدولة وأجهزتها، ولا حتى عن الأحزاب السياسية أو مؤسسات المجتمع المدنى، رغم أنني حين سافرت اليمن ومعي د.أحمد مطر وأ.عصام سلطان، في شهر (إبريل عام 1993م)، موفدين من الجماعة في مصر لنقل خبرتنا عن الانتخابات البرلمانية لإخواننا باليمن، والذين كانوا على أبواب انتخابات برلمانية، عرفنا منهم أن لديهم داخل الجماعة جهاز معلومات متكامل على رأسه أحد رجال المخابرات اليمنية المتقاعد.
ولكننا في هذا المجال اكتفينا بتوعية الإخوان بكيفية الحفاظ على سرية لقاءاتهم الأسرية واجتماعاتهم الإدارية حتى لا تتمكن الأجهزة الأمنية من خلال معرفة أفرادنا وقراراتنا، ومن ثم تعيق أعمالنا وأنشطتنا وفعالياتنا التي كانت كلها في إطار السلمية، سواء على المستوى الطلابي أو العمالي أو المهني أو مؤسسات المجتمع المدني.
وقد رأست بالإسكندرية لجنة كنا نسميها “تمويهًا” لجنة العلاقات العامة:
1- كانت تتولى هذا النوع من التثفيف سواء من خلال المحاضرات الإخوانية أو النشرات الداخلية.
2- توعية أفراد الإخوان بطرق حصول أجهزة معلومات الدولة -خاصةً جهاز أمن الدولة- على المعلومات من خلال المتابعة الفردية، أو التنصت على وسائل الاتصال، أو الاختراق بأفراد جدد، أو ضعف أحد أفرادنا، أو وقوع أوراق بها معلومات عن أسماء أو أنشطة الإخوان في أيديهم أثناء القبض أو التفتيش أو استدعاء أفراد الإخوان إلى مكاتبهم وكيفية مواجهة هذه المواقف.
3- توزيع نموذج يملؤه أي أخ بعد استدعائه لمقار أمن الدولة من بيته أو أثناء خروجه من السجن، يشمل عناصر توضح محاور الأسئلة التي وجهت إليه، وكيفية إجابته وأسماء الإخوة الذين ذكروا أمامه أو ذكرهم هو ومشاعره أثناء الاستدعاء وتقيمه الشخصى للهدف من استدعائه وتوصياته الشخصية، ثم تمر هذه الاستمارة على مسؤوليه حسب التسلسل الإداري إلى أعلى لكتابة ملاحظاتهم، لتصل أخيرًا إلى اللجنة التي تجمع خلاصة مجمل الاستدعاءات خلال الأسبوع وتقدم تقريرًا للمكتب الإداري مشفوعًا ببعض التوصيات.
4- تحديد مواصفات أفراد الإخوان الذين عليهم أن يعلنوا عن هويتهم الإخوانية أمام العامة أو الأجهزة الأمنية، والآخرين الذين لا يسمح لهم بذلك.
