أثار قرار إدارة الطب الحر بوزارة الصحة بإغلاق مركز “النديم” للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، اليوم الأربعاء، موجة من الغضب السياسي والحقوقي؛ حيث اعتبره حقوقيون استمرارًا لسياسة الدولة في محاربة المراكز الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني.
وتوجه أمين شرطة ومهندس من حي الأزبكية، لتنفيذ أمر الإغلاق بالشمع الأحمر، بزعم وجود مخالفات، وحين سألتهما الدكتورة منى حامد، إحدى طبيبات المركز، عن المخالفة، قالوا: “نحن لا نفهم في هذه الأمور هذا شأنكم مع الإدارة”.
تأجيل الغلق ليوم الإثنين
وقال طاهر أبو النصر، محامي مركز “النديم” لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، إنه توصل إلى تأجيل قرار التشميع حتى يوم الإثنين لحل المشكلة مع وزارة الصحة.
وأضاف “طاهر” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن قرار تشميع المركز صادر من الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية التابع لوزارة الصحة، مؤكدًا أن القرار لم يكن يحمل أية أسباب.
وأوضح أن قرار الغلق إداري، وأن المركز حاصل على ترخيص عيادة طبية لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، من إدارة الطب الحر بوزارة الصحة.
الإغلاق يتعلق بطبيعة عمل المركز في مكافحة التعذيب
وأكدت عايدة سيف الدولة، عضو المركز، أن هناك حالة من التربص لإغلاق المركز، وأن إغلاق المركز يأتي كجزء من أكبر حملة قمع في تاريخ مصر الحديث ضد المعارضة، وأكدت على استمرارها في عملها، قائلة: “سوف نستمر طالما أننا لسنا في السجن”.
وقالت “سيف الدولة” -في تصريح خاص لـ”رصد”- إن المركز يوفر خدمات للفقراء والمحرومين لا يقدمها أحد غيره، وأن الإغلاق يتعلق بطبيعة عمل المركز في مكافحة التعذيب.
وأشارت إلى أن المركز تعرض من قبل للمشكلة نفسها في 2004 ولكنها مرت. وحول خضوع المركز لتفتيش من وزارة الصحة، أكدت أن مفتشي وزارة الصحة حضروا منذ 3 أسابيع ولم يتحدثوا عن وجود مخالفات، وكان حديثهم مع مديرة المركز ماجدة عدلي.
وأكدت أنه في حالة وجودة مخالفات كان يجب على مفتشي الصحة ذكرها وإعطاء فرصة للانتهاء منها خلال زيارتهم، لكنهم لم يفعلوا ذلك، وأنهم فوجئوا بإرسالهم اليوم لقرار التشميع من إدارة الطب الحر بوزارة الصحة، وحضور قسم الأزبكية لتنفيذه.
النظام يستخدم وزارة الصحة والتأمينات لإغلاق مؤسسات حقوقية
واستنكر جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، محاولة إغلاق المركز، مؤكدًا أننا نعيش في دولة بوليسية، وأن هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تحاول فيها الدولة إغلاق مركز حقوقي.
وأضاف “عيد” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن النظام يستخدم وزارة الصحة ووزارة التأمينات لإغلاق مؤسسات حقوقية، وأن هذه الدولة استبدادية.
وأوضح “عيد”، أن من أسباب غلق مؤسسات حقوقية بمصر، عدم وجود طفاية حريق.. عدم تأمين على موظف.. نشر أخبار انتهاكات، لا ترحب الدولة بنشرها.. عدم إطلاق لفظ باشا لضابط، مضيفًا أن الدولة بدلًا من أن تحاول القبض على من عذب الشاب الإيطالي تقوم بإغلاق مركز يحارب التعذيب.
الدولة لا تطيق الهواء النظيف
وعلق الباحث الدكتور عاطف بطرس، على محاولة إغلاق مركز “النديم” لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب قائلًا: “الدولة لا تطيق الهوا النضيف”، قائلًا: “الدولة الفاشلة اتجننت فعلًا، اعتقالات وتعذيب ومنع من السفر ومنع من الخروج وإقصاء لكل الأصوات الحرة وإغلاق لكل شباك بيجيب شوية هوا زي المراكز الحقوقية والثقافية”.
وتابع –في منشور له عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”-: “مركز النديم اتقفل النهارده بسبب ما يسمونه مخالفات قانونية، تاريخ المكان ده يشرف كل مصري وتاريخ الدكتورة العظيمة عايدة سيف الدولة اللي وظفت حياتها وطاقتها من أجل دعم وعلاج ضحايا التعذيب، تغذيب كل النظم الإجرامية”.
وأضاف “مركز النديم كان شباك بيجيب شوية هوا ونور بس انتم خلاص عفنتم وريحكم فاحت فعلًا لدرجة إنكم مش طايقين الهوا النضيف والنور، في الآخر هتتخنقوا بعفنكم”.
ووجهت جميلة إسماعيل، عضو الهيئة العليا لحزب “الدستور”، رسالة إلى وزارتي الدجلية والصحة بعد محاولة إغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب مفادها: “فكر قبل ما تقرب”، مضيفة –في تغريدة عبر حسابها على موقع التدوين المصغر “تويتر”- “الصحة أو الداخلية، فكر قبل ما تقرب، عايدة سيف الدولة+ماجدة عدلي+مني حامد تاريخ طويل مع الآلاف من ضحايا التعذيب، فكر قبل ما تقرب”.
وأدان المحامي الحقوقي خالد علي، محاولات إغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، مبينًا -في تدوينة عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”- أن إغلاق المركز ليس حلًا لمشاكل مصر التي تعاني منها، ولكن الأمر يحتاج إلى حوار مجتمعي، بالإضافة إلى فتح المجال العام للعمل أمام الجميع، على حد تعبيره.
منى مينا تتضامن مع المركز
وأعلنت الدكتورة منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء، تضامنها مع الدور الحقوقي الذي يقوم به مركز النديم، ورفضها لقرار إغلاقه.
وكتبت منى مينا -في حسابها على “فيس بوك”-: “وزير الصحة يصدر قرارًا بتشميع مركز النديم لعلاج ضحايا التعذيب بالشمع الأحمر، حمدًا لله إن محامي المركز أستاذ طاهر أبو النصر تمكن من تأجيل التنفيذ ليوم الإثنين حتى يعرف سبب القرار، وإن شاء الله ستتم معالجة السبب، ولن يغلق مركز النديم”.
وأضافت منى مينا “موقف مركز النديم بقسميه، علاج ضحايا التعذيب، والقسم الحقوقي للدفاع عن الحريات موقف معروف؛ حيث يقف المركز منذ سنوات طويلة، بشجاعة ضد أي انتهاك لحقوق الإنسان، ويقدم ملاذًا للمرضى الذين يسحقهم التعذيب ليتمكنوا من العودة للتماسك ومواصلة الحياة”.
وتابعت: “زملائي وزميلاتي بالنديم، تحملتم أعاصير كثيرة، ستعبرون هذه الأزمة بسلام، كل تضامني وتأييدي للدور الحقوقي الشجاع الذي يقوم به المركز”.
العفو الدولية: “النديم” يوفر شريانًا لحياة المئات من ضحايا التعذيب
وعلقت منظمة العفو الدولية -في بيان لها- على غلق السلطات المصرية لمركز “النديم” الحقوقي بأن القرار بمثابة “توسُّع في الحملة الجارية حاليًا ضد نشطاء حقوق الإنسان في مصر”.
وصرّح نائب مدير المنظمة لشؤون الشرق الأوسط، سعيد بومدوحة، أن “مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف يوفر شريانًا لحياة المئات من ضحايا التعذيب وعائلات الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري”.
وتابع: “هذا يبدو لنا وكأنه محاولة لإغلاق منظمة تعدّ معقلًا لحقوق الإنسان وشوكة في خاصرة السلطات لأكثر من 20 عامًا”.
وشدّدت منظمة العفو على أن “السلطات المصرية يجب أن تجمد قرار الإغلاق وتعطي تفسيرًا واضحًا للقرار”.
وقالت المنظمة -فى بيان لها- إن السلطات المصرية تشن حملة قمع واسعة على أنصار الرئيس محمد مرسي خلفت 1400 قتيل وأكثر من 40 ألف معتقل من أنصاره.
إلا أن القمع امتدّ ليشمل الشباب المنتمين لحركات غير إسلامية تدعو للديمقراطية شاركت في الدعوة لثورة 2011 ومعارضة عبدالفتاح السيسي.