لقد كنت دائما نشيطة جدا. أعرف تماما ما أريد وانجح في تحقيقه في كل مجالات حياتي. فقد بدأت عملي الخاص الأول في سن الثالثة عشرة ولم انظر أبدا إلى الوراء. فأنا شخص يزدهر على الشعور بالإنجاز. فمحاولة القيام بكل شئ في نفس هي لعبة بالنسبة لي. كم من الأشياء يمكنني أن انجز قبل أن انهار؟ كانت هذه دائما عقليتي الملتوية حتى صدمتني الحقيقة مؤخرا.
كانت الحقيقة واضحة حتى قبل ثمانية أشهر عندما كنت أدفع نفسي إلى الحد الاقصى دون حدوث أي عواقب سيئة. فأنا لازلت شابة, وما السوء الذي قد يحدث إذا فوت بعض الوجبات أو لم أنم بضع ليال هنا أو هناك؟
وبينما كنت أقنع نفسي دائما أنني إذا حاولت أكثر قليلا وعملت أكثر قليلا, فهذا سوف يكون كافيا, إلا أنني كنت دائما انتظر تلك النقطة التي كنت أشعر عندها بالرضا. النقطة التي كان يمكنني عندها قول “لا, أنا مشغولة جدا” أو “لا, سوف أفوت هذا, فهذا ليس أمرا قد استمتع بالقيام به” بكل ثقة. فقد كنت دائما أقول “نعم”. كنت أحاول القيام بكل شئ حتى وصلت لدرجة أنني لم أكن أقوم بأي شئ.
وبعد أربعة شهر من ولادة طفلي البالغ من العمر تسعة أشهر الآن وصلت لنقطة الانهيار. فقد كنت احاول انجاز كل شئ بينما أقوم برعاية إنسان لا حول له ولا قوة في نفس الوقت, وبالطبع لم اتمكن من فعل هذا. ففي هذا الوقت كان وزني ٤٠ كجم, بينما طولي ١٧٧ سم, أي أنني كنت أعاني من نقص الوزن, ولم أكن بصحة جيدة.
لقد كنت انا دائما الأخيرة على قائمة أولوياتي, ولكنني هذه المرة كنت أطعم انسانا آخر, ولم يستطع جسمي تحمل هذا بعد الآن. بدأت الحقيقة تتسلل إليًّ عندما كنت اجد نفسي أشعر بالجوع الشديد في الثالثة صباحا فأدرك أنني لم أتناول أي طعام طوال اليوم. قد أطعمت طفلي, وقمت بالرد على جميع الرسائل الالكترونية, وكان بيتي نظيفا تماما, بينما أنا أتضور جوعا.
وهنا يمكن أن تعتقدوا أن الأمر بسيط جدا ويمكن إصلاحه بسهولة, فقط عليَّ أن أبدأ بتناول الطعام وتحل المشكلة. ولكن الأمر أعمق من هذا. فالمشكلة في طريقة التفكير وتوقع انجاز كل شيئ.
عندما تقدم كل شي وكل الناس من حولك على نفسك فإن هذا سيظهر جليا بطرق عديدة, ونسيان طعامك هو فقط مثال لذلك. لقد كان علي تغيير طريقة تفكيري ولازلت أعمل على هذا حتى الآن. لقد حان الوقت لأضع نفسي على رأس أولوياتي, وهو أمر لم افعله من قبل.
مجتمعنا اليوم يمدح الشخص المشغول والمنتج والناحج. فمن يحوز إعجابنا هم الطلبة الأوائل, والمديرين التنفيذيين, والأشخاص الذين ينجحون في القيام بكل شئ, ولكننا لا نعجب أو نمجد الأشخاص الذين يعرفون متى يتوقفون, والأشخاص الذين يعرفون متى ينفصلون عن العمل ويكونوا حاضرين. هذا أمر يتطلب الكثير من الجهد بالنسبة لي, فأنا يعجبني الأشخاص الناجحين بحياتهم ويعرفون أيضا متى يجب عليهم التوقف.
فأنا شخص يتفهم الضغط جيدا. الضغط للحصول على المزيد والمزيد. فهذا الضغط هو ما جعلني انجح في عملي اليوم أتفهم جيدا الأشخاص الذين لديهم نفس الاحساس. ولكنني أعرف أيضا أنك منهك تماما من الداخل. فجسمك يتوق إلى استراحة قصيرة, ولكنك لا تسمع.
ليس الأمر أنني لم أحاول. فقد كنت أعرف أنني احتاج للتغيير, وأنه علي دائما محاولة تطبيق خطة جديدة أسبوعيا. “هذا الأسبوع سآكل جيدا, وسوف أنظم وجباتي. هذا الأسبوع سوف اتغير”. نجحت في هذا لأيام قليلة ولكنني سرعان ما كنت أعود لعاداتي القديمة. لم تتغير حياتي بشكل حقيقي حتى عملت على تغيير نظرتي وطريقة تفكيري بدلا من أفعالي.
بدأت اطرح على نفسي سؤلا هاما, “هل هذا سيجلب لي السعادة؟” في كل ما أقوم به؟ إذا كانت الإجابة “لا”, كنت أقوم بالتغيير.
فقد طردت عميلا كان يسبب لي الضغط والتوتر، قلت “لا” لكل المناسبات الاجتماعية التي كنت أشعر أنني مجبرة لحضورها ولم أكن أرغب في ذلك، سامحت نفسي لرغبتي في ترك طفلي والذهاب للمنتجع الصحي لثلاث ساعات. توقفت عن تغيير نفسي لشخص يقوم بالطهي يوميا, ووجدت طرقا أخرى لتجهيز الوجبات والحصول على طعام جاهز، طلبت المساعدة ووظفت فريق عمل ليقوم بدعمي.
تعلمت أن أقول “لا”
فإذا كانت وظيفتك لا تشعرك بالسعادة في نهاية اليوم, ما الفائدة؟ وإذا كانت علاقاتك لا تجلب لك السعادة, فما الفائدة؟ وإذا كنت تشعر أنك لست بخير ولا تهتم بنفسك, فما الفائدة؟
من السهل جدا التحلي بعقلية “قوائم المهام”. متنقلا من مهمة لأخى ومتطلعا للمستقبل. إذا نجحت في تحقيق هذا الأمر فإنك ربما تشعر بالرضا. لكن لا. فهناك دائما المزيد هنا وهناك وسيكون دائما هناك المزيد والمزيد.
اعتدت أن اشعر بالتوتر حيال كل شئ, وكنت أشعر بالتوتر لكوني متوترة. لقد أردت ان أجد التوازن, ذلك التوازن المثالي الذي يتحدث عنه الناس, حيث يمكنني أن انجز كل شئ بذلك الترتيب المثالي الذي تخيلته في رأسي. أن أكون الزوجة والأم وسيدة الأعمال المثالية, وأن يكون لدي وقت لنفسي بعد كل هذا. حتى الآن لم يحدث ذلك الترتيب المثالي الخالي من الأخطاء. وما اكتشفته هو أن التوازن مجرد هراء.
ليس هناك شئ يسمى “التوازن المثالي في الحياة” لأن حياتك مختلفة. فقد يعني التوازن بالنسبة لي أمرا مختلفا كليا عما يعنيه لك. وبدلا من السعي لتحقيق حياة متوازنة بشكل مثالي, ابدأ في التفكير في الحياة التي تجعلك سعيدا وبصحة جيدة في نهاية اليوم.
إن كان هذا يعني ان تنام كل صباح وتمارس التمارين الرياضية في وقت متأخر, فلا بأس.
وإن كان هذا يعني أن تبدأ عملك في الحادية عشرة صباحا, فلا بأس.
وإذا كان هذا يعني ألا تنظفي بيتك وأن تستأجري شخصا ما للقيام بالأمر بدلا منك, فلا بأس.
وإذا شعرت بالارهاق وكأنك تشد في مليون اتجاه, أو كأنك لا تعمل بشكل كاف بغض النظر عن مدى محاولاتك الجادة, أريدك أن تتوقف اليوم وتسأل نفسك سؤالا, هل أنت سعيد؟هل تحب كل ما تقوم به في الحياة؟ عملك؟ شريك حياتك؟ أصدقاءك؟ صحتك؟ إذا كنت تشعر أن هناك ما ينقصك, قم بالتغيير. اطلب المساعدة. اخلق لنفسك حياة تدعم نقاط قوتك, وتشجعك على طلب المساعدة في الجوانب التي تواجهك فيها مشكلة. وأعدك أنك إذا بدأت في اتخاذ القرارات بناء على ما يحقق لك السعادة, فسوف تتغير حياتك بشكل كبير. وقتك ثمين, لا تضيعه في القيام بأمور تشعرك بالاحباط وتبدد طاقتك.