تمثل محكمة النقض قمة الهرم القضائي في مصر، وتعتبر أحكام محكمة النقض واجبة النفاذ، كما تمثل المحكمة الجهة القضائية التي تمثل بارقة الأمل الوحيدة للمحكوم عليهم بالإعدام؛ حيث إن تأييد الأحكام يعني تنفيذ الحكم بلا رجعة، وهو ما حدث لمرة واحدة، بعد تأييد المحكمة لقرار الجنايات بإعدام “محمود رمضان”، بتهمة إلقاء أطفال من أعلى ببناية سكنية بالإسكندرية، لينفذ بعدها بقليل الحكم.
ومن اختصاصات محكمة النقض، الفصل في الطعن على القرار الصادر بالإدراج في القوائم الإرهابية، كما تختص بالفصل في الطعن على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح.
وألغت المحكمة 133 حكمًا بالإعدام في 8 قضايا، وعللت المحكمة قرار إلغاء حكمها بعدة أسباب كان منها:
أولًا: أن محكمة الجنايات التي عاقبت المتهمين بالقضية بأحكام تصل للإعدام، انعقدت ونظرت الدعوى دون حضور محامين للدفاع عن المتهمين، أو انتداب محامين من النقابة، الأمر الذي اعتبرته محكمة النقض “إخلالًا بحق المتهمين، ما يبطل إجراءات محاكمتهم”.
ثانيًا : محكمة الجنايات أخطأت في تطبيق القانون حين أصدرت أحكامًا بإعدام من هم في حكم الأطفال ممن لا تتجاوز أعمارهم 18 عامًا، ما يدلل على أن “دائرة الإرهاب” لم تكلف نفسها عناء مطالعة أوراق القضيتين، وبيان السن القانونية لمن تصدر ضدهم عقوبات.
ثالثًا: أدانت محكمة جنايات القاهرة، المتهمين بالانضمام لـ”جماعة” أسست على خلاف أحكام القانون تتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها، وهي “جماعة الإخوان”، دون أن يدلل على وجود تلك الجماعة والغرض من تأسيسها قبل انضمامهم إليها، وكيفية انضمامهم لها، ومدى علمهم بالغرض من تأسيسها.
رابعًا: محكمة الجنايات تعجلت في فصلها في الدعوى، قبل ورود تقرير الطب الشرعي الذي طلبته عن المتهمين، بعد قولهم إنهم تعرضوا لإكراه مادي ومعنوي للإقرار بأمور غير صحيحة، إلى جانب عدم استكمالها التحقيق في القضية كما أوصت النيابة العامة، ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
خامسًا: حكم محكمة الجنايات قد اقتصر في التدليل على ارتكاب المتهمين للجريمة، بما حصّله من أقوال ضابط الأمن الوطني، علاء الدين محمد أحمد يونس، من أن تحرياته أكدت انضمامهم لجماعة مخالفة للقانون، دون أن يورد دليلًا يعزز هذه التحريات ويساندها.
وحيث إن حكم محكمة الجنايات اتخذ من التحريات دليلًا وحيدًا على المتهمين لثبوت تهمة قتل اللواء نبيل فراج عمدًا، وعاقبتهم بناءً على ذلك، الأمر الذي اعتبرته محكمة النقض فاسدًا في استدلاله قاصرًا في بيانه، بما يتعين معه نقض الحكم “إلغاؤه”.
في السياق نفسه أكد المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، أن الهدف الرئيسي من وجود محكمة النقض كمحكمة وحيدة تتربع على قمة التنظيم القضائي في البلاد، يكمن في تحقيق وحدة القضاء في الدولة، ومن ثم وحدة القانون نفسه؛ فهي تضمن التطبيق الصحيح للقانون، أي أن يكون القانون كما تعلنه المحاكم.
وأضاف “سليمان” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن تلك المحكمة لعبت دورًا مهمًا في وقف عدد لا بأس به من الأحكام التي صدرت ضد المعارضين خاصة الإخوان، والتي جاءت نتيجة لأخطاء المحاكم السابقة.
ونستعرض في السطور القادمة، أبرز الأحكام التي ألغتها محكمة النقض، منذ 3 يوليو، وأنقذت بها رقاب 133 شخصًا من الإعدام.
أحداث مكتب الإرشاد
ألغت محكمة النقض، اليوم الإثنين، عقوبات الإعدام والمؤبد بحق المتهمين في قضية “أحداث مكتب الإرشاد”، وقررت المحكمة إعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام دائرة مغايرة بمحكمة جنايات القاهرة، وذلك في ضوء قبول الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان.
وأوصت نيابة النقض، في رأيها الاستشاري غير الملزم، بقبول الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن الإخوان، شكلًا، وفي الموضوع بنقض (إلغاء) الحكم المطعون عليه وإعادة محاكمة المتهمين.
أحداث مطاي بالمنيا
ألغت محكمة النقض، حكمًا بإعدام 37 من معارضي حكم العسكر، وأمرت بإعادة محاكمتهم في قضية شغب وقعت بمحافظة المنيا عام 2013.
وألغت المحكمة عقوبة السجن المؤبد التي قضت بها محكمة جنايات المنيا على 115 آخرين من مؤيدي الجماعة في القضية.
كانت محكمة جنايات المنيا، قد عاقبت أيضًا 377 من مؤيدي الإخوان بالسجن المؤبد غيابيًا، وستعاد محاكمة من يسلم نفسه للشرطة أو تلقي الشرطة القبض عليه دون حاجة للجوء إلى محكمة النقض.
أحداث العدوة بالمنيا
وقضت محكمة النقض، برئاسة المستشار يحيى خليفة، بقبول الطعن من 36 متهمًا، وتعيد المحاكمة في قضية أحداث العدوة بالمنيا، على الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا في 21 يونيو 2014، وتأييد حكم معاقبتهم بالإعدام.
غرفة عمليات رابعة
قضت محكمة النقض، برئاسة المستشار عادل الشوربجي، بإعادة محاكمة محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان، و37 متهمًا آخرين، أدانتهم محكمة الجنايات في قضية “غرفة عمليات رابعة”، بواقع 12 متهمًا محكومين بالإعدام و26 آخرين بالسجن المؤبد.
ومن المقرر أن تعود القضية إلى محكمة استئناف القاهرة لإعادة توزيعها على دائرة أخرى لنظرها، بدلًا من دائرة المحاكمة الأولى التي يرأسها المستشار محمد ناجي شحاتة.
قضية عادل حبارة
وألغت محكمة النقض، برئاسة المستشار محمد عيد سالم، الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، ضد عادل حبارة و 6 متهمين بمذبحة رفح الثانية، بمعاقبتهم بأحكام تتراوح بين الإعدام والمشدد.
اقتحام قسم كرداسة
ألغت محكمة النقض، أحكام الإعدام الصادرة ضد 6 متهمين في قضية اقتحام قسم شرطة كرداسة، وقتل ضباطه والتمثيل بجثثهم.
يذكر أن محكمة جنايات الجيزة، قد قضت في فبراير الماضي، بإعدام 6 متهمين صدر ضدهم حكم غيابي بالإعدام لإدانتهم بقتل ضباط شرطة قسم كرداسة بعد اقتحامه عام 2013، والتمثيل بجثتهم؛ حيث تم ضبطهم ومحاكمتهم حضوريًا بالإعدام.
الهروب من سجن وادي النطرون
وأصدرت محكمة النقض، في القضية التي عرفت إعلاميًا بقضية “وادي النطرون”، حكمًا بإلغاء حكم الإعدام على 24 متهمًا.
قتل اللواء نبيل فراج
قررت محكمة النقض، برئاسة المستشار أحمد جمال الدين عبداللطيف، نائب رئيس محكمة النقض، قبول الطعن المقدم من المتهمين بقتل اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة، على الأحكام الصادرة ضدهم وإعادة محاكمتهم.
وقال مصدر قضائي، إن الطعن الذي تم نظره خلال الجلسة تقدم من 11 متهمًا فقط في القضية، والذين صدرت أحكام ضدهم حضوريًا، منهم 7 كان قد تم صدور حكم الإعدام شنقًا و5 آخرين تم الحكم عليهم بالسجن المؤبد.