من حين لآخر تستيقظ مصر على نبأ انتحار مجند من أبنائها، ودائما ما تصدر التحريات بيانات لتسرد سببا وحيدا في كل مرة، إذ تعلن أنه بعد تكثيف التحريات حول الواقعة تبين أن المجند كان يعاني من حالة نفسية سيئة، كما أن حالات الانتحار داخل السلك العسكري لا تقتصر على الجيش إذ وثقت “رصد” انتحار عدد من المجندين في إدارات الشرطة.
ونستعرض لكم في هذا التحقيق عدد المنتحرين في القوات المسلحة والأمن المركزي وطرق ودوافع الانتحار.
الجيش
جندي الحرب الإلكترونية
أحدث منتحري القوات المسلحة، علمت “رصد” من خلال وثيقة حصلت عليها، قيام جندي من قوات الفوج 705 حرب إلكترونية بإطلاق النار على نفسه من سلاح خدمته العسكرية.
شنق نفسه رفضا للعودة للجيش
وانتحر مجند شنقًا داخل شقته الكائنة في محافظة الإسماعيلية، حيث قالت أسرة محمد السيد إسماعيل الحنتري، إنهم اكتشفوا انتحاره داخل غرفته في عزبة أبو ناجع التابعة لمركز القصاصين، وكان جثمانه معلقًا في سقف الغرفة، ورقبته مربوطة بحبل ممتد من السقف.
يذكر أن الشاب مجند بالقوات المسلحة ويقضي خدمته بمحافظة بورسعيد، وبحسب تصريحات بعض أقاربه، فإنه كان يرفض العودة للخدمة مرة أخرى، فشنق نفسه.
أطلق النار على نفسه
انتحر مجند بالجيش المصري بوسط سيناء يدعى أحمد عبد العال (21 عاماً) من محافظة سوهاج ويقضي خدمته بالقرب من مدينة نخل حيث لقي مصرعه بعد أن أطلق النار على نفسه من سلاحه الشخصي.
وتم نقل الجثة إلى مستشفى نخل المركزي وأمرت القوات المسلحة بنقله إلى أسرته بواسطة طائرة عسكرية من مدينة نخل بوسط سيناء إلى محافظة سوهاج.
وكان المجند يعاني من حالة نفسية سيئة قبل أن يطلق النار على نفسه وأصيب باكتئاب منذ فترة حسبما قال زملاؤه في الموقع العسكري، حسب مصدر أمني للشروق.
شنق نفسه
وأقدم مجند بالقوات المسلحة على الانتحار عن طريق قيامه بشنق نفسه، في ساعة متأخرة من مساء أمس، داخل منزله.
تلقى اللواء منتصر أبو زيد مدير أمن الأقصر، إخطارا من مستشفى الأقصر الدولي، باستقباله جثة مجند بالقوات المسلحة “إجازة” مقيم بنجع الجالس في منطقة الكرنك.
وبسؤال شقيقه أفاد بأنه فوجئ فور دخوله غرفة شقيقه بجثته معلقة في “جنش” السقف بالسلك، وأنه جار تحرير محضر بالواقعة، وإخطار النيابة العامة.
في 30 إبريل العام الماضي، تلقى أهل المجند “علاء مبروك صقر” تقريرا مبدئيا عن وفاته في وحدته العسكرية “منتحرا”.
تضاربت الأقوال عن وفاته بطلق ناري في الرأس، داخل الوحدة العسكرية أثناء تنظيفه سلاح، وأنباء أخرى عن إطلاق نار عليه من مجهولين.
إطلاق الرصاص على نفسه
وفي يناير 2015، لقي مجند بالجيش حتفه اليوم إثر إطلاقه الرصاص على نفسه بإحدى دوريات مبنى الإذاعة والتليفزيون “طيبة” بمقر خدمته بأسوان.
وأكد زملاء المجند، ﺷﻼﻟﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، 22 ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺃﺳﻴوط، ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺑﺘﻮﺟﻬﻪ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻟﻴﺘﻮﺿﺄ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩًﺍ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ، ﻭﺳﻤﻌﻮﺍ ﺻﻮﺕ ﺍﻷﻋﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺗﻮﺟﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻟﻴﺠﺪﻭﻩ ﻏﺎﺭﻗًﺎ ﻓﻲ ﺩﻣﻪ ﺇﺛﺮ ﺇﻃﻼﻕ ﺃﻋﻴﺮﺓ ﻧﺎﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻤﻪ ﻭﻟﻔﻆ ﺃﻧﻔﺎﺳﻪ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ.
وسجلت مصر رقما قياسيًا منذ أحداث 30 يونيو في حالات الانتحار التي عادة ما يكون سببها الفقر والضنك.
الأمن المركزي
مشنوقا بسلك سخان بعد معارضته الانقلاب
في فبراير الماضي، أعلن انتحار المجند حسن يحيى محمود الذي عثر عليه مشنوقًا باستخدام سلك سخان كهربائي في معسكر قوات الأمن الكائن بشارع كورنيش النيل بمدينة المنيا.
وفجر أهله مفاجأة من العيار الثقيل، باتهامهم الفريق السيسي بقتل حسين الذي كان محبوسًا بسبب معارضته للانقلاب العسكري وفقًا لما قاله الأهالي.
وقالت أسرة المجند إنهم علموا بوفاته عبر اتصال تليفوني من المعسكر أخبرهم بأن حسين قام بشنق نفسه في محبسه التأديبي، ونفى أحد أقاربه ادعاءات الداخلية التي أشارت إلى أنه بالسجن العسكري بفرق قوات الأمن لتغيبه كثيرًا ولسوء سلوكه، وأنه كان يعاني من حالة نفسية سيئة، مؤكدا أن الحادث وراءه شبهة جنائية وأن حسن لم ينتحر وإنما قتل.
وتقدم أهل المجند ببلاغ ضد اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، واللواء أسامة متولي، مدير أمن المنيا، بتهمة قتل المجند والتخلص منه داخل محبسه داخل معسكر قوات الأمن، وتم فتح تحقيق حول ملابسات مقتله دون فائدة.
اللجوء إلى القضبان
في ديسمبر العام الماضي ألقى مجند بقطاع الأمن المركزي، بنفسه أمام أحد قطارات المترو بمحطة الشهداء، في أثناء دخوله المحطة قادمًا من حلوان.
والمجند “طاهر فاروق الفولي”، ويبلغ من العمر 23 عامًا، وكان القطار رقم 123 قادمًا من اتجاه حلوان، عندما قام المجند بإلقاء نفسه أمامه عند دخوله للمحطة. وبعد جولة من الإرباك تم رفع الجثة واستعادة حركة القطارات، دون معرفة الأسباب.
أثناء الحراسة
وقيل إن روماني عدلان عبده البالغ من العمر 21 عاما و المجند بقوات أمن مطروح، انتحر أثناء خدمته بالحراسة على إحدى نقاط الخدمة القائمة على شركه للبترول بمنطقة الكيلو 8 شرق مطروح، وتم العثور عليه مصابا بطلق ناري.
وتم اكتشاف الجثة عند تغيير ورديات الحراسة على نقطة الخدمة التي كان كُلف المجند بحراستها، وأرجعت التحريات حينها أن السبب حالة نفسية.
ولنفس السبب انتحر مجند بشرطة المسطحات بأسوان بإطلاق النار على نفسه من سلاحه الميري لمروره بظروف نفسية ومادية سيئة.. مات كيرلس وطني لمعي 21 سنة من قوة قسم شرطة مسطحات السد العالي بعد إصابته بطلق ناري أسفل الذقن أطلقه على نفسه من السلاح عهدته مما أودى بحياته.
ينتحر بسبب فسخ الخطوبة
أما كريم خالد عبد المنعم، 22 سنة المجند داخل مبنى قوات أمن الجيزة بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي انتحر بعد اختطافه بندقية آلية من زميله الذي كان يتولى عملية تأمين المعسكر.
وأطلق الرصاص على نفسه ولقي مصرعه في الحال، و أكد زميل المجند المنتحر أن المجني عليه قرر الانتحار بعد تلقيه مكالمة هاتفية من خطيبته تخبره فيها بإنهاء الخطبة، وذلك بعد مشاجرة نشبت بينه وبين شقيقها قبل حضوره إلى المعسكر بيومين.
منتحر بـ3 رصاصات لضائقة مالية
عُثر بمركز تدريب الشرطة بمدينة طنطا التابع لمديرية أمن الغربية على جثة أمين شرطة بها ثلاث رصاصات قيل إنها أطلقت من سلاحه الميري علي نفسه داخل مقر عمله.
وقالت المباحث الجنائية إن أمين الشرطة قام بإطلاق النار على نفسه داخل مقر عمله بمركز تدريب الشرطة بمدينة طنطا أودت بحياته لمروره بضائقة مالية وفشله في حل بعض المشاكل فقرر الانتحار بثلاث طلقات في البطن ليصبح جثة هامدة -على حد قولهم.
على طريقة فيلم “البريء”
عثرت الأجهزة الأمنية على جثة المجند “محمد محمد عزام” والمتهم بقتل ضابط الأمن المركزي النقيب أحمد عطية المليجي، ووُجدت مشوهة ومتعفنة بالصحراء بطريق السويس الصحراوي بجوار مدينة الرحاب، بعد أن نهشت الحيوانات الضالة جثته وعُثر على ساعده الأيمن مبتورا.
وأفادت التحقيقات بأن المجند المتهم تخلص من نفسه بالانتحار عقب ارتكاب الجريمة بساعات، كما أشارت المعاينة إلى أنه وضع ماسورة السلاح في فمه وأطلق رصاصة أنهت حياته على طريقة أفلام السينما.
السم للهروب من الحالة النفسية
انتحر مجند شرطة يدعى “م.ش” في إبريل العام الماضي بتناول السم داخل منزله بمنطقة بولاق الدكرور بسبب مروره بحالة نفسية سيئة.
وقالت التحريات إن المنتحر يعاني من أمراض نفسية، وأضافت أنه أثناء وجوده بمنزله تناول “السم” ولفظ أنفاسه الأخيرة داخل شقته، وأبلغت شقيقته عن الحادث، وأمر اللواء محمود فاروق، مدير الإدارة العامة للمباحث بتحرير محضر بالواقعة.
مجند الشروق
لجأ مجند شرطة السبت الماضي إلى الحبل لشنق نفسه، داخل حمام بمعسكر في منطقة الشروق.
وعثر عليه زملاؤه معلقًا في مشنقة داخل الحمام صنعت بالحزام الميري الخاص بالمجند، ورجحت التحريات أنّ الضحية أنهى حياته بسبب إصابته باضطرابات نفسية.
وقررت النيابة الكشف الطبي، على جثة المجند للتأكد من وجود شبهة جنائية من عدمه، وطالبت باستدعاء 5 مجندين من زملائه، بالإضافة لقائد الكتيبة للاستماع لأقوالهم في الواقعة.
شنق نفسه لخلاف مع زميل
في أكتوبر الماضي، انتحر مجند بقوات الأمن إذ شنق نفسه داخل السجن عقب القبض عليه، بعد أن قتل زميله بوحدة مرور بين السرايات بالجيزة بسبب خلافات مالية.
وكان مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، اللواء مجدي عبد العال، قد تلقى إخطارا بمقتل مجند بوحدة مرور بين السريات، بعدما انهال زميله عليه طعنا في أنحاء مختلفة من جسده، حيث كشفت تحريات المباحث، نشوب مشاجرة بين المتهم والمجني عليه بسبب خلافات مالية، طعن على إثرها المتهم زميله بعدة طعنات وسط زملائهما، الذين نقلوه إلى المستشفى إلا أنه لقي حتفه قبل وصوله.
وثيقة
ونشرت “رصد” وثيقة تحتوي على أوامر الفريق محمود حجازى رئيس أركان حرب القوات المسلحة بقيام قادة الجيوش والأفرع بعقد اللقاءات الدورية باستمرار وبحث المشاكل الخاصة بالمرؤوسين، ثم إجراء المسح الاجتماعي للأفراد داخل الوحدات والتأكيد على إعداد الكارت الاجتماعي لكل جندي للتعرف على مشاكله الخاصة والعمل على حلها بواسطة القادة.
كما أمر على التأكيد على تنفيذ أنشطة اجتماعية ورياضية ودينية وثقافية ورياضية لشغل أوقات الفراغ ورفع الروح المعنوية للأفراد .
كما شدد على ضرورة مراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية وخاصة العوز المالي، وتفعيل دور ضباط التوجيه المعنوي والخدمة الاجتماعية داخل الوحدات مع عقد لقاءات مع المستجدين عقب عودتهم من الإجازات الميدانية، ومراعاة وجود فاصل 24 ساعة بين الخدمة والأخرى لكل فرد.
الانتحار بدأ منذ النكسة
ويقول اللواء طلعت مسلم الخيبر العسكري، إن حالات المنتحرين داخل الحيش المصري لم تكن حديثة، ففي ظل ظروف الحياة الصعبة، تجد حالات انتخار في كل مكان وليس في الجيش فقط، ولكن لأن الجيش هو المؤسسة الأولى في مصر فحالات الانتحار به تأخذ سيطا إعلاميا كبيرا.
وأضاف مسلم: “بدايات حالات الانتحار كانت في الستينيات وخاصة بعد نكسة 1967، إذ تعرض الآلاف من المجندين لحالة نفسية صعبة بسبب الهزيمة في ظل تباهي النظام بقدراته المسلحة وانتشاره في حروب خارج البلاد، فكانت حينها ظروف مصر الاقتصادية متدهورة وكان هناك مجندون قد قضوا نحو 7 سنوات متتالية في الجيش دون خوض حرب، الأمر الذي يولد انفجارا داخليا لدى المجند”.
كما أكد مسلم على ضرورة اتجاه القوات المسلحة، لاتخاذ خطوات جادة لحل مشاكل المجندين النفسية والاجتماعية والاقتصادية من خلال زيادة الرواتب، مع التحضير النفسي للتكيف مع المهام وسط الأزمات الاجتماعية التي يمرون بها.