تتميز محافظة أسيوط بوجود العديد من القصور والمباني الأثرية بها والتي يرجع عمرها إلى أوائل القرن التاسع عشر، والتي انتهت حياة معظمها بالهدم فيما يُعرف بـ”مذبحة المباني الأثرية”، رغم ضم معظمها إلى سجلات هيئة الآثار مما يحظر هدمها، لكن في وجود مافيا العقارات بأسيوط تغيرت كل القوانين واللوائح لتخدم هذه المجموعة من الفاسدين.
وبحسب متابعين فقد بدأ الموضوع في محافظة أسيوط بقصر عمر مكرم والذي تم هدمه وبناء مدرسة عليه ثم توالت المذبحة وعمليات هدم القصور والمباني الأثرية بكثافة شديدة؛ آخرها بيع قصر باحثة البادية وبداية هدمه على يد رجل الأعمال صلاح أبو دنقل.
وقصر “باحثة البادية” والذي تحول إلى مدرسة هو قصر من التحف الأثرية النادرة، والمبني منذ 112 عامًا، وكان تحت يد الدولة؛ حيث أجرته صاحبة القصر للدولة عام 1950، ليصبح حينها مدرسة ابتدائية مملوكة لمديرية التربية والتعليم والتي سلمته بشكل مريب ومفاجئ دون حكم قضائي لأحد رجال الأعمال الذي يسعى لتحويله إلى أبراج سكنية.
وكان نجل عم طاهر أبو زيد وزير الرياضة السابق قد اشترى المبنى ثم قام ببيعه لرجل الأعمال صلاح أبو دنقل بعد علمه باحتمالية إدراجه ضمن المباني الأثرية.
ومن جانبه قال محمود عبد الرحمن مدير عام آثار أسيوط إن مديرية التربية والتعليم سلمت القصر لرجل الأعمال صلاح أبو دنقل، برقم 180 من وزارة التربية والتعليم دون حكم قضائي؛ ما أثار حالة من الغضب في الشارع لندرة هذا القصر وتحول القصر من مدرسة لعقار ملكية خاصة.
وأضاف أن قصر باحثة البادية أنشئ عام 1910ميلادية، كما أنه غير مسجل في سجلات هيئة الآثار ولكنه تاريخي وكل ما هو تاريخي لا بد من الحفاظ عليه.
وكذلك مقر الحزب الوطني المنحل سابقًا؛ حيث كان أحد المباني الأثرية بأسيوط، والذي امتدت إليه أيدي التخريب والهدم عقب بيعه إلى بعض رجال الأعمال من مافيا العقارات، والذين سارعوا إلى القيام بأعمال هدم وتكسير للحائط الداخلي من المبنى وكذلك سقف الدور الأرضي من المبنى وذلك رغم صدور قرار يحمل رقم 1117 لسنة 2012 من رئاسة مجلس الوزراء بتسجيله ضمن المباني ذات التراث المعماري المتميز بالمحافظة وحظر هدمه.
كما قام رئيس الحي بتحرير محضر تخريب متعمد برقم 153 لسنة 2013، وتحرير محضر رقم 117 إداري لسنة 2013 ضد الأشخاص وضد مالك العقار.
وتسود موجة من الغضب والحزن على آثار المحافظة لدى المواطن الأسيوطي؛ حيث علق عدد من المواطنين في تصريحات لـ “رصد” على واقعة هدم الآثار واستبدال عقارات جديدة بها بأنها بمثابة هدم للماضي والحاضر.
وقال محمد عبدالواحد، أحد المواطنين: “مفيش حاجه حلوه هتفضل في البلد، كل حاجه ماتت واتدمرت”.
فيما أشار المواطن حسام عبدالله إلى أن رجل الأعمال يستغلون علاقتهم بالنظام للاستيلاء على الأماكن الأثرية وتحويلها لعقارات ومبان سكنية، ومن بين هؤلاء صلاح أبو دنقل، أحد رجال الأعمال المقربين جدًا من النظام، والذي يتردد أنه تبرع بمبلغ 100 مليون جنيه لصندوق “تحيا مصر” الذي أعلن عنه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، ومن حينها أًصبحت كل طلباته قيد التنفيذ من قبل المسؤولين بالمحافظة.