أكد تقرير لمركز “ستراتفور” أن العلاقات التركية الإسرائيلية شهدت الأسبوع الماضي دلائل إضافية على أن التقارب بين الجانبين مستمرٌ على قدمٍ وساق.
توقع المركز في 26 يوليو أن التطورات الإقليمية سوف تُقارِب أكثر بين المصالح التركية والإسرائيلية، مستندًا في الأساس إلى لقاء سريّ بين مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري جولد، ووكيل وزارة الشؤون الخارجية التركية فريدون سينيرلي أوغلو.
قال التقرير: منذ فترة طويلة، يُعتَقَد أن تركيا وإسرائيل يمكن أن يتعاونا في قطاع الطاقة، ورغم تعثُّر الجهود الإسرائيلية لتطوير حقل ليفياثان الكبير نسبيًا نتيجة السياسة الداخلية، والإعلان عن اكتشاف حقل غاز أكبر في مصر يوم 30 أغسطس، يمتلك الجانبان قدرا كبيرًا من الإرادة السياسية لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا في نهاية المطاف.
واستشهد المركز بتأكيد خبير النفط التركي نصرت جومرت، ورئيس شركة “توركس” باتو أكسوي في مقابلات مؤخرًا أن تركيا لا تزال مهتمة بتطوير واستيراد الغاز الإسرائيلي.
وحول الأسباب التي تدفع تركيا إلى هذا الموقف، برغم الخلافات التي لا تزال عالقة بين البلدين، أوضح ستراتفور أن “تركيا تريد أن تكون الدولة الرئيسية التي يمر عبرها الغاز الطبيعي من الشرق المتوسط إلى أوروبا، ولأنها تخشى استبعادها من التفاهمات الإسرائيلية-المصرية-القبرصية، فإنها حريصة على العمل مع إسرائيل”.
على الجانب الآخر، رجَّح المركز أن اكتشاف الغاز الجديد في مصر سيدفع إسرائيل إلى إلقاء نظرة فاحصة على تركيا، مستشهدًا بوجود تفاهم بين التركي فريدون سينيرلي أوغلو الذي عين مؤخرًا وزيرا للخارجية، والإسرائيلي دوري جولد، الذي بعث برسالة تهنئة إلى الأول بمناسبة توليه المنصب الجديد، مشيدًا أمام الصحفيين في القدس بشخصيته، ووصفه بأنه دبلوماسي من الدرجة الأولى، قائلاً: إن تركيا محظوظة أن لديها مسؤولاً مثله.
الأكثر إثارة للاهتمام -على حد وصف ستراتفور- هو وصول وفد من رجال الأعمال الأتراك إلى الأراضي الفلسطينية، بقيادة الرئيس التنفيذي لمعهد السياسات والدراسات الاقتصادية التركي البروفسور جوفان ساك، وهو أول وفد يزور إسرائيل منذ حادث السفينة مرمرة.
وزار الوفد غزة يوم 30 أغسطس، وتحدث عن إمكانية إنشاء منطقة صناعية في القطاع، أيضًا قابل الوفد نائب زعيم حركة حماس ورئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية لمناقشة تطوير اقتصاد غزة، والتقى كذلك وزير العمل الفلسطيني مأمون أبو شهلا، الذي صرَّح بعد اللقاء بأن تركيا تبرعت بـ20 مليون يورو (نحو 22.5 مليون دولار) لصندوق العمل الفلسطيني.
في اليوم التالي، توجه الوفد إلى إسرائيل؛ حيث التقى نائب وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي أيوب كرا.
ويُعتَقَد أن “ساك” وزملاءه من رجال الأعمال الأتراك مهتمون بتطوير مناطق صناعية مشابهة في الضفة الغربية أيضًا، بالقرب من مدينة جنين.
ووفقًا لصحيفة “ديلي صباح”، أعرب الوفد التركي عن رغبته في استثمار 100 مليون دولار في المنطقة الصناعية المحتملة.
وأردف المركز: تسعى تركيا لإحياء مشروع المنطقة الصناعية، في محاولةٍ لِصَقل أوراق اعتمادها كقيادة إقليمية من خلال اهتمامها بمعاناة قطاع غزة.
في هذا السياق، سافر وزير الخارجية التركي آنذاك عبد الله جول إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية في يناير عام 2006، أملاً في توقيع اتفاقيات من شأنها خلق 10 آلاف وظيفة للفلسطينيين.
وبعدما كانت مصلحة تركيا تقضي في وقت ما الابتعاد عن إسرائيل، فإن مصالح البلدين تتقارب الآن مرة أخرى، بحسب ستراتفور.
ويوضح التقرير أن إسرائيل غاضبة من اتفاق الولايات المتحدة مع إيران، وفي حين أن تركيا أكثر ترحيبًا بإيران من إسرائيل، إلا أن أنقرة لا تزال تعتبر طهران منافسًا، إضافة إلى ذلك الخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا حول تنظيم الدولة والأكراد، والرؤية التركية والإسرائيلية حيال سوريا.
برغم ذلك كله لم يعلن “جولد” مصالحة مفتوحة بين البلدين، فيما يرجح المركز أن التنبؤ بحدوث ذلك سابق لأوانه.