أكثر من ١٠ آلاف منزل تم تدميرها، و50 ألف مهجر ونازح، و12 ألف معتقل ما بين تعسفي ودائم، و1500 قتيل من بينهم نساء وأطفال، وتجريف مئات الأفدنة من زراعات موسمية وأشجار وزيتون، ومع كل تلك الكوارث، اعتبرت حكومة محلب سيناء محافظة كباقي المحافظات يمكن إجراء انتخابات برلمانية بها، متناسية أنه منذ اللحظة الأولى التي بدأت قوات الجيش في تفجير المنازل، واعتقال المئات والقصف بالطائرات وإطلاق النار بشكل عشوائي، فإنها قد خسرت المصريين في سيناء بشكل شبه كامل.
وسرد خبراء في الشأن السيناوي أبرز 3 عوامل تجعل عملية الانتخابات في سيناء لاقيمة لها، رغم إصرار الانقلاب العسكري على تجاهلها وإعلانه إجراء الانتخابات بها.
الدمار والحصار
واعتبر عيد المرزوقي، الخبير في الشأن السيناوي، أن تلك الانتخابات ما هي إلا إجراءات شكلية يسعى نظام السيسي إليها بهدف إظهار شكل عام بوجود دوله قائمة في سيناء، واصفا تلك الانتخابات بـ”الديكور”، مؤكدًا أن سيناء تعيش حصارا كاملا منذ عامين، مع قطع الطرق منها وإليها، وقطع شبه كامل لشبكات الاتصال والإنترنت، كما أن معظم الهيئات الحكومية الخدمي، تم نقلها إلى مناطق خارج سيناء وأطراف سيناء.
وقال “المرزوقي”، في تصريح لـ”رصد”: “لن يكون هناك انتخابات في مناطق سيناء الشرقية بل من المستحيل أن تجرى في مناطق خارج سيطرة النظام مثل قرى جنوب رفح والشيخ زويد ناهيك بدائرة رفح التي عصبها الانتخابي المكون الذي يعيش في المدينة المدمرة، إذ دمر 10 آلاف منزل ما بين تدمير جزئي وكلي وقتل 1500 من بينهم نساء وأطفال، وهناك 50 ألف سيناوي ما بين مهجر ونازح”.
وأوضح أن الإجراءات الأمنية مثل حظر التجوال القاتل وصعوبة التحرك الأمني يعيق تلك العملية فما بالك بصناديق ولجان انتخابية، ناهيك بالحرب المستمرة والهجمات اليومية فكيف لدولة تدعي قيام انتخابات نيابية هي بالأساس شأن خاص بالمجتمعات بمصر عامة وسيناء جزء منها، فالمجتمع في سيناء يعاني التهجير والنزوح والاعتقال والحصار، وهناك من يفكر في الهجرة غير الشرعية فلمن تقيم الدولة انتخابات في سيناء تفرز ممثلين عن الشعب الغائب تماما عن معادلة النظام.
وأشار “المرزوقي”، إلى أن سيناء تعيش تحت حكم المخابرات المباشر ومن يدخلون مجالس الشعب طيلة السنوات الماضية بموافقة المخابرات وترشيحهم، فالانتخابات في حد ذاتها ما هي إلا شكليات ورسائل يريد النظام لبس ثوب الديمقراطية من خلالها مثلهم مثل المشايخ التي تعينها الحكومه مشايخ لها، فالدولة الموجودة في سيناء هي دولة المخابرات وفقط وكل شيء يسير من خلالها.
وتوقع “المروزقي” بتجهيز الانقلاب العسكري لنتيجة الانتخابات مسبقًا، قائلا: “أعتقد أن النظام سيأتي بنواب تابعين له بالتعيين عن سيناء وسيكتفي بمظهر وديكور شكلي لإجراء انتخابات بسيناء كما تعودنا في السابق وقد تستخدمها المخابرات ورقة تزيد من تفكيك المجتمعات في مناطق سيناء الهادئة والمستقرة مثل العريش وبئر العبد وجنوب سيناء حتى لا يتجمع الأهالي على مطلب المواطنة والثورة ضد النظام بشكل جماعي”.
الفوضى الخلاقة
وقال اللواء عادل سليمان، الخبير الأمني، إن سيناء منذ الاحتلال الإسرائيلي لها في 1967، فالحديث عنها متصل بالحرب والمعارك والإرهاب، ولكن التنمية فبات أملا صعب المنال في تلك الظروف التي أدت إلى فوضى خلاقة من جميع الأطراف ومناخ مضطرب لا ينتج عنها انتخابات حرة.
وأضاف “سليمان”، في تصريح لـ”رصد”، أن سيناء لا تحتاج إلى انتخابات بقدر احتياجها إلى تنمية حقيقية، حتى يستطيع المواطن أن يعيش كريمًا، فلن يفكر أهالي سيناء في مجلس نواب في ظل تدني مستوى المعيشة والأمن والاستقرار فالوطن قبل الانتخابات.
الإحساس بالغربة
ويقول الدكتور طارق البشري، المفكر الإسلامي، إن حالات التهجير التي تعرض لها أهالي رفح والشيخ زويد، تسبب في عامل نفسي سلبي لهؤلاء المهجرين، فلقد طردوا من ديارهم وتشردوا لأيام فكيف لهم أن يفكروا في انتخابات.
وأضاف “البشري”، في تصريح لـ”رصد”، أنه لن يكون هناك إقبال على الانتخابات في سيناء وإن تمت فسيقتصر على مشاركة نحو 600 من كل مناطق المحافظة، خاصة أن المواطن السيناوي شعر بالعزلة داخل وطنه.