على الغرب أن يعلم أن الديكتاتور العسكري يُلاحق المعارضين السياسيين ويُعذّب المعتقلين ويسجن الأطفال .
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد أن استولى على السلطة من خلال الإنقلاب الذي أطاح بمرسي ، فإنّ الوضع فيما يتعلق بسيادة القانون وحقوق الإنسان أصبحت أسوأ من ذي قبل.
بعد مضي عامين على الإنقلاب على أول رئيس مصري منتخب, محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلون, تحولت بعد الإنقلاب أغنى دولة عربية من حيث عدد السكان مرة أخرى لدولة مستبدة.
منظمة العفو الدولية تتحدث عن تدهور كبير ودراماتيكي في قضايا حقوق الإنسان منذ الإنقلاب على مرسي في يوليو 2013, وذكرت أيضا في تقرير لها حول اعتقال عشرات الآلاف من معارضي النظام أو مُجرّد المتهمين بذلك, حيث يتم تعذيبهم بشكل روتيني و مُمنهج.
وكالة المخابرات تستخدم العنف الشنيع ضد المتظاهرين, بما في ذلك حالات الإعدام خارج نطاق القضاء, حيث تم قتل حوالي 1400 شخص في العام الذي وقع فيه الإنقلاب, وقد صدرت مئات أحكام الإعدام في محاكمات صورية ونفّذت أول عملية إعدام منذ 2011.
كما أصبح من الشائع وبشكل متزايد إدانة المدنيين في المحاكم العسكرية وفي ذلك انتهاك للإتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر, كما وتؤكد منظمة العفو الدولية أنّ الأطفال القصّر يتعرضون للإعتقال أيضا, وتستمر منظمة العفو الدولية بالحديث عن محاكمة الإسكندرية 2014 والتي حكمت على 78 طفلاً بالسجن لمدد تترواح بين سنتين وخمس سنوات فقط لأنّهم أعربوا عن تأييدهم للرئيس المنقلب عليه.
الدكتاتورية العسكرية التي يتم تأسيسها حاليًا لا تضطهد وتلاحق أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فقط ولكنّها قامت بحظر حركة 6 أبريل العلمانية أيضًا والتي لعبت دورًا رئيسيًا وحاسمًا في موجة الإحتجاجات ضد مبارك, وكذلك قامت سلطة الإنقلاب بالحكم على مجموعة من الصحفيين البارزين بالسجن لمدد طويلة, كذلك النقابات الحرة وغيرها من مؤسسات الدولة المستقلة باتت تجد صعوبة كبيرة في العمل والنشاط.
باستثناء لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة, فإنّ العالم الخارجي بشكل عام والغرب على وجه الخصوص قد قام بالتعامل مع النظام الجديد في القاهرة بكل لطافة ودماثة. وقد تم مؤخرًا استقبال الرئيس المصري, المشير عبد الفتاح السيسي في زيارة رسمية لبرلين, وتم الترحيب به في لندن.
يجب على الحكومات الغربية أن تبدأ بتطبيق مبادئها الديمقراطية بجدية وإعطاء الأولوية لبناء علاقات وثيقة و طويلة الأمد مع شعوب العالم العربي بدًل من العلاقات قصيرة الأمد مع مضطهديهم وظالميهم. هذا ما تعلمناه من دروس أحداث الربيع العربي.
يجب الضغط على النظام المصري للإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين, بما في ذلك الـ 176 نائب في مجلس الشعب والذين تم اعتقالهم بعد محاكمات صورية, وفي حال إرتكاب أحدهم أي جريمة – حقًا – فيجب التحقيق في ذلك تحت إشراف دولي ومن خلال محاكمات نزيهة وآمنة قانونيًا, يتعين على الإتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الإستمرار بالضغط على المشير العسكري في القاهرة وتوضيح أنّ سبيل الإنقلابات والإعتقالات والحكم بالإعدام على رئيس مدني منتخب من الشعب ليس أمرًا مقبولًا.
إذا ما تم حظر كل الوسائل الديمقراطية والسلمية للتغيير فإنّه يُخشى أن يسود منطق العنف, وليس من قبيل المصادفة أنّ عدد الأعمال الإرهابية ينمو حاليًا بسرعة في جمهورية مصر العربية, فقد تم مؤخرًا استهداف المدّعي العام المصري وتفجير موكبه, وفي شبه جزيرة سيناء يتقدم “تنظيم الدولة” في السيطرة على مواقع جديدة.
تُشكّل الديمقراطية أهدافها الخاصة وهي ليست – في المقام الأول – وسيلة لتحقيق أهداف ثانوية, إذا كانت الديمقراطيات الغربية ستقف مع اختيارات الشعوب ومبادئ الإدارة العامة للبلاد عندما يكون ذلك في صالحها ومصالح سلطتها الخاصة, بينما لا تتورع في الجانب الآخر بإقامة شراكات مع الطغاة والمستبدين, فإنّها إذ ذاك تُخاطر بمبدأ الثقة بالديمقراطية كشكل من أشكال الإدارة وآلية من آليات الحكم.
الديمقراطية لا يُمكن أن تكون أداة للوصول للسلطة عند العالم الغني والمترف بينما تُصبح مُثل عليا عند بقية الإنسانية والبشرية!
– فالتر موتت “عضو البرلمان السويدي, والمتحدث باسم السياسة الخارجية “حزب البيئة – الخضر”.