نشرت صحيفة “الخبر” الجزائرية، أن وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي بن عبدالله، وصل أمس، إلى الجزائر، في إطار زيارة رسمية تستغرق يومين؛ لدعم الجهود التي تقودها السلطة ومنظمات المجتمع المدني لإشاعة الهدوء والطمأنينة في غرداية؛ نظرًا للعلاقة الروحية الوطيدة بين سلطنة عمان ومرجعيات الإباضية في الجزائر.
وأوضح مصدر دبلوماسي لـ”الخبر”، أن “المباحثات ستتطرق على الأرجح لموضوع أحداث العنف في غرداية، وبحث سبل إعادة الهدوء والسلم بين أبناء المدينة الواحدة، في إطار دعم الجهود التي تقوم بها السلطات الجزائرية في هذا الجانب”.
وبحسب الدبلوماسي، فإن وزير الخارجية العماني بوسف بن علوي عبدالله، معروف اهتمامه بمدينة غرداية، وتربطه علاقات جيدة بعلمائها وأعيانها؛ حيث سبق له أداء زيارة رسمية للمدينة في سنة 2013.
وكان بيان وزارة الخارجية، أول أمس، قد أشار إلى أن الزيارة ستسمح بتبادل رؤى الجانبين ووجهات النظر حول التطورات الجارية في الوطن العربي وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويرى الأمين الفيدرالي الأول لجبهة القوى الاشتراكية في غرداية، حمو مصباح، أن هناك ربطًا بين زيارة وزير الخارجية العماني مع أحداث الڤرارة الأخيرة التي راح ضحيتها 25 قتيلًا، خاصة أن مدينة الڤرارة تشكل مرجعية عالمية لأتباع المذهب الإباضي، وثمة طلبة يقصدونها من كل بقاع العالم، وفي مقدمتهم الطلبة العمانيون.
وأبرز مصباح -في تصريح لـ”الخبر”- أن هذه الأحداث أخذت صدى دوليًا، واهتز لها كثيرًا أتباع المذهب الإباضي، لكون حصيلتها من الضحايا كانت ثقيلة جدًا؛ إذ قضى في يوم واحد أكثر من كل الذين سقطوا على مر الأحداث المستمرة منذ نحو سنة، ولذلك سيكون موضوع معالجة أسباب هذه الأزمة حاضرًا في ملف الزيارة؛ نظرًا للعلاقة الطيبة التي تجمع الجزائر بسلطنة عمان من جهة، وعلاقة هذه الدولة الشقيقة المتميزة مع الإباضيين في الجزائر من جهة أخرى.
وتمتد العلاقة الروحية بين الإباضيين وسلطنة عمان إلى أزمنة بعيدة، ويتركز التعاون بخاصة في مجال تلقي العلوم الشرعية؛ حيث يفد العمانيون إلى معهد الحياة بالڤرارة الذي يدرس المذهب الإباضي منذ تاريخ إنشائه سنة 1928، وهو من بين أهم المراكز في العالم التي يأتيها الإباضيون طلبًا للعلم.
كما يجمع مجلس الشيخ عمي سعيد أعلى هيئة دينية في قصور وادي ميزاب، وصاحب السلطة المعنوية على أتباع المذهب، علاقات قوية مع السلطات العمانية. وتجلى ذلك في الزيارة التي قادت وزير الخارجية العماني في 19 جوان 2013 إلى مدينة غرداية رفقة وزير الخارجية الجزائري آنذاك مراد مدلسي؛ حيث التقى مع أعضاء “حلقة العزابة” لمجلس عمي سعيد، وأشرف على التوقيع على توأمة في مختلف المجالات بين مدينة نزوة (سلطنة عمان) ومدينة غرداية.
وعلى الجانب الآخر، تمنح سلطة عمان منحًا دراسية للإباضيين الجزائريين يستقبلون سنويًا في معاهدها الدينية وحتى جامعاتها لدراسة تخصصات علمية وأدبية، وقد كان للإباضيين سفير في سلطنة عمان هو الشيخ ناصر المرموري الذي توفي منذ 3 سنوات، ورغم أنه لم يكن سفيرًا بالمعنى الرسمي للمنصب، إلا أنه كان يتمتع بحظوة كبيرة ويمثل جسرًا للتواصل بين قيادات الإباضية الدينية والسلطات العمانية.
وتضم عمان في تركيبتها المذهبية مزيجًا متفردًا في العالم العربي؛ حيث يتعبد فيها 70% من المسلمين بالمذهب الإباضي، ويعيشون في تناغم مع بقية المذاهب السنية المنتشرة، إلى جانب المذهب الشيعي المنتشر أيضًا.
ومن الناحية السياسية، تعرف عمان بأدوار الوساطة في الخليج، وغالبًا ما يكون موقفها من الأحداث سلبيًا؛ إذ ترفض الانحياز لأي طرف في صراعات المنطقة.
والإباضية هم أحد المذاهب الإسلامية المنفصلة عن السنة والشيعة، سمي بهذا الاسم نسبة إلى عبدالله بن إباض التميمي، بينما ينسب المذهب إلى جابر بن زيد التابعي، الذي كان من تلامذة السيدة عائشة وابن عباس وتنتشر الإباضية في سلطنة عُمان؛ حيث يمثلون حسب بعض الإحصائيات ما يقارب 70% من العُمانيين، وينتشر أيضًا في جبل نفوسة وفي زوارة في ليبيا ووادي مزاب في الجزائر وجربة في تونس وبعض المناطق في شمال إفريقيا وزنجبار.
واندلعت أعمال عنف مذهبي في الجزائرة بين الأباضية والمالكية في مدينة غرداية في نوفمبر وديسمبر 2013.
وبلغ عدد الضحايا في 21 شهرًا 17 قتيلًا، كان آخرهم سقوط 25 قتيلًا دفعة واحدة وأكثر من 100 جريح.