رغم نمطية البيان الأخير للتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب فإن العنوان (خد حقك) لفت نظري وشد انتباهي، حيث إن هذا العنوان يحمل معاني ثورية جديدة مثل: “انصر دينك المعتدى عليه، استرد حقوقك المادية المنهوبة، اقتص ممن سفك دمك وانتهك عرضك”، إلى آخر هذه المضامين المفهومة بشكل مباشر من هذا العنوان، والذي أعتقده أن الثورة بحاجة شديدة إلى توضيح أمور لطالما التبست على الشباب في الشارع.
ومن هذه الأمور التي تحتاج إلى توضيح أن التصعيد والتطوير للأداء الثوري لا يتعارض مع فكرة سلمية الثورة، وأنا أقول ذلك رغم ما أعرفه من سوء سمعة مصطلح (السلمية) بعد كل هذه الانتهاكات والاعتداءات التي مارسها العسكر ضد الثوار، وما ذلك إلا لأننا التزمنا تفسير السلمية بالمعنى الذي يريده الغرب لثورتنا وليس كما هو مقرر نظريا في كتب (حرب اللاعنف) ولا كما هو مقرر عمليا في الثورات التي لم يقل عنها أحد أنها ثورات عنيفة كما سيظهر من الأمثلة.
فالمثالية المنشودة عند كثير من المنظّرين للثورة المصرية لا وجود لها في أرض الواقع ولا تصلح مع نظام مجرم لا يراعي أي قوانين أو أعراف أو دساتير، كما أنها لا تصلح في ظل نظام عالمي متواطئ ضد المسلمين في كل بقاع العالم، وعندما نريد أن نؤكد على هذا التواطؤ فإننا ننظر على سبيل المثال لتعامل هذا النظام مع مشكلة مسلمي الروهينجا في ميانمار، وحتى موقفهم الأخير من أزمة المهاجرين العالقين في البحر، تراهم فقط يحاولون إنقاذهم (كما يزعمون) دون أن يتطرقوا لأسباب هجرتهم وخروجهم من بلدهم في مخالفة سافرة لما يدعونه ويعلنونه من قوانين يريدون من الحكومات أن تلتزم بها، وهذا الموقف وغيره كثير يجعلني لا ألتفت للنظام العالمي والمجتمع الدولي الذي لا ينتفض أو يتحرك إلا إذا فعل المسلمون شيئا يسميه هو (خروج عن القانون).
علما بأن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بسياسة فرض الأمر الواقع.
إذن:
.. فلنؤكد أن المقاومة وحق الدفاع الشرعي عن النفس لا يتنافى ولا يتعارض مع السلمية أبدا.
.. ونكرر أن القصاص المباشر من القتلة والمعتدين على الأعراض والحرمات عند انسداد الطرق الطبيعية لاسترداد الحقوق أمر غير مناف للقوانين والأعراف الدولية، فضلا عن تأكد ذلك في الشريعة الإسلامية.
.. ونشير كذلك إلى أن تحرير المعتقلين ومنهم بلا شك الرئيس الدكتور محمد مرسي أمر لازم وضروري وليس فيه اعتداء على أحد، وقد فعل ذلك أنصار هوجو تشافيز عام ٢٠٠٢ دون أدنى نكير من المجتمع الدولي. (يعني الرئيس ينبغي أن يكون حرا ووسط الثوار).
.. والجديد الذي أريد لفت الأنظار إليه هو مؤسسات الدولة التي هي ملك للشعب، وينبغي على الشعب أن يستردها من السلطة التي اغتصبتها بقوة السلاح، بدءا من القصر الجمهوري، مرورا بمجلس الوزراء والوزارات والمحافظات والمجالس المحلية وصولا لأقسام الشرطة والنقاط الشرطية الصغيرة، ولا ينبغي أن نقبل بخديعة ١١ فبراير الشهيرة حيث سيطر الجيش على هذه المؤسسات حتى أعادها لنفس النظام مرة أخرى.
بالطبع هذا الذي ذكرته لن يتم بين عشية وضحاها، لكنها أهداف لا بد من وضعها في الحسبان، ووضع الخطط المناسبة لتنفيذها، ومهما استغرق ذلك من وقت فإنها أمور حتمية ولا بد منها حتى تنجح هذه الثورة وتبدأ في تحقيق أهدافها وجني ثمارها.
والله من وراء القصد