حذرت هدى بدران رئيسة الاتحاد العام لنساء مصر أمس الأحد، من تكرار حوادث التحرش والاغتصاب ف المدارس مؤخرًا، مشيرة إلى رصد من 3 لـ 4 حالات تحرش واغتصاب بأطفال يوميا.
واعتبرت بدران، في مؤتمر صحفي عقده الاتحاد أمس بالمجلس الأعلى للثقافة، أن تكرار حوادث التحرش والاغتصاب بالمدارس في الآونة الأخيرة، يدق ناقوس الخطر حول الخلل الكبير الذي أصاب العملية التعليمية بمختلف مراحلها في مصر.
وقالت إن عدد حالات التحرش واغتصاب الأطفال التي ترصدها الكيانات الحقوقية، يوميا يتراوح من 3 لـ 4 حالات للجنسين.
وأشارت إلى أن آخر إحصائية، أجراها “المجلس القومي للأمومة والطفولة” ، رصدت 1000 حالة اغتصاب تعرض لها الأطفال في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2014.
وبحسب بيان وزعه الاتحاد على هامش المؤتمر، تقدم عدد من أولياء أمور مدرسة في محافظة دمياط ، بشكاوى ضد اثنين من العاملين بها يتهمونهما بـ”الاعتداء الجنسي على أبنائهم”.
وبحسب البيان ذاته، “شهدت مدرسة بمحافظة الشرقية حادث اغتصاب طالبة بالصف الثاني الابتدائي”، وكذلك تعرضت “طالبة بالصف الرابع الابتدائي للاغتصاب على يد أحد المدرسين”.
وطالبت “بدران” بأن يخضع كل القائمين على العملية التعليمية في مصر لاختبارات نفسية واجتماعية قبل أن يتقلدوا وظائفهم كما هو متبع في بعض دول العالم، لاستبعاد النماذج غير السويّة وتصحيح مسار العملية التعليمية في مصر.
وحمّلت الناشطة النسوية ما اسمته بـ”الفتاوى الدينية المتطرفة” مسؤولية تكرار تلك الجرائم معتبرة أن سيل الفتاوى الذي لا يتحدث عن المرأة إلا كوسيلة لإمتاع الرجل شجع على انتهاكها في أي وقت وسن حتى لو كانت طفلة.
وقالت “تارة نسمع فتاوى عن جواز زواج القاصرات، ما دمن يطقن المعاشرة، وتارة نسمع فتاوى عن “معاشرة الوداع ” التي تحل للزوج معاشرة زوجته عقب وفاتها، فضلا عن الفتاوى التي تحلل انتهاك الفتيات بالختان”.
وأضافت أن “جزءا كبيرا من حل المشكلة يكمن في تنقية الخطاب الديني في مصر، وإعادة توجيهه”.
وأعربت عن أسفها من وصول أوضاع الأطفال في مصر لهذا المستوى وهي أول دولة عربية، تسن قانونا للطفل وتنشئ المجلس القومي للأمومة والطفولة في التسعينيات من القرن الماضي، كما أنها الدولة التي ترأست اللجنة الدولية لحقوق الطفل لمدة 6 سنوات.
وقالت إن “260 جمعية حقوقية منبثقة عن “الاتحاد العام لنساء مصر”، ستعمل في كل المحافظات المصرية، لرفع وعي الأمهات بكيفية التعامل مع أطفالهم إذا ما تعرضوا لحادث تحرش أو اغتصاب”.
وأوضحت أن الحملة التي تحمل عنوان “متخافيش”، هدفها نقل شعور الخوف من الفضيحة والعار من المجني عليها إلى الجاني، كأحد الأساليب الاجتماعية اللازمة لمواجهة تنامي ظاهرة التحرش والاغتصاب.
وكان “الاتحاد العام لنساء مصر” قد أطلق حملة “متخافيش” بالمشاركة مع “الائتلاف المصري لحقوق الطفل” ، التي تستهدف الفتيات ممن يتعرضن للتحرش أو الاغتصاب، وتحث الأمهات على احتوائهن، ودفعهن إلى حكي ما تعرضن له دون خوف.
من جانبها، قالت سمر يوسف مدير “الائتلاف المصري لحقوق الطفل” إلى أن آخر دراسة أجراها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ، رصدت مليونا ونصف طفل عامل في مصر، وأن 80% من الأطفال العاملين يتعرضون للتحرش الجنسي”.
و”الائتلاف المصري لحقوق الطفل”، يهدف إلى بحث القضايا المتعلقة بالطفولة كالتحرش والعمالة، ويضم في عضويته 107 جمعيات حقوقية منبثقة عنه تعمل في كل المحافظات المصرية على ذات القضايا.
وتوقعت الناشطة الحقوقية، أن تكون هذه الأرقام مرشحة للزيادة، لأن الدراسة أجريت عام 2012، لم يتم تحديثها، ولم تشمل كذلك الأطفال العاملين في المزارع والمنازل.
وأشارت إلى أن الائتلاف رصد أن 85% من حوادث التحرش التي يسجلها ضد الأطفال، يكون الجناة فيها من الدوائر المقربة من الطفل.
واعتبرت أن قانون الطفل الذي صدر في مصر عام 1996، وتم تعديله عام 2008 يعد أفضل قانون للطفل بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك لأنه يلتزم تماما بكل ما جاء في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وقالت “لكن الثقافة المجتمعية غالبا ما تمثل ثغرة كبيرة يفلت بسببها الجناة من العقاب، وذلك لأن أسر المجني عليهن خاصة ما إذا كنّ فتيات أو نساء، يعتبرن تعرض أنثى ولو كانت طفلة لواقعة تحرش أو اغتصاب “وصمة عار”، فيفضلون الصمت ولو كان ثمنه إفلات الجاني من العقاب وعدم تطبيق القانون”.
وطالبت “يوسف” بضرورة إيقاف العمل بالدبلوم التربوي ، الذي بمقتضاه يتمكن أي شخص من مزاولة مهنة التدريس، بعد أن يحصل على دبلومة، ما أدى لتسلل الكثير من الأشخاص غير الأكفاء مهنيا وأخلاقيا إلى مهنة التعليم، ومن ثم زادت حالات التحرش بالمدارس تماما، كما زادت حالات العنف ضد الأطفال، ما يؤدي أحيانا إلى وفاة بعضهم.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من السلطات المصرية بشأن ما أعلن خلال المؤتمر.
وتحتل مصر المركز الثاني عالميًا، بعد أفغانستان، في قائمة الدول التي تعاني من التحرش، حيث إن 64% من المصريات يتعرضن للتحرش في الشوارع، سواء باللفظ أو بالفعل، وفقا لدراسة حديثة للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر ، وهناك دراسات أخرى تحدثت عن نسب أعلى من ذلك.