شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هل يقع ما بشّر به السيسي من انفصال سيناء؟

هل يقع ما بشّر به السيسي من انفصال سيناء؟
  مع انطلاق حملة أمنية واسعة النطاق في محافظة سيناء المصرية، على إثر سلسلة من الهجمات...

 

مع انطلاق حملة أمنية واسعة النطاق في محافظة سيناء المصرية، على إثر سلسلة من الهجمات المتزامنة الجمعة الماضية، أودت بحياة 33 جنديًا في مدينتيّ العريش والشيخ زويد، يبرز إلى السطح التساؤل المتكرر دومًا، عن نجاعة الحل الأمني في التعامل مع المحافظة التي طالما وصفت بأنها الأقل حظًا وحظوة لدى الحكومة المركزية في القاهرة.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي – كما كتبت أماني السوار على موقع صحيفة الخليج أون لاين الإليكترونية – لم تحمل سياسته حتى الآن، بوادر تبدّل في التعامل النمطي مع سيناء، التي يسكنها مليون ونصف المليون مصري، فقد توعّد في مؤتمره الصحفي السبت الماضي، الذي أعلن فيه عن فرض حالة الطوارئ، بالكثير من الحزم ضد من أسماهم "مئات الإرهابيين" في المحافظة، مواصلًا حشد المصريين لصالح هذه المعركة، بقوله إن البلاد تخوض "حرب وجود".

 

التسخين الملحوظ الذي انتهجه السيسي في ملف سيناء، ألمح خلاله لأول مرة، إلى تورط "جهات خارجية" لم يسمّها، في محاولات زعزعة الدولة المصرية، ولم تتمهل قواته العسكرية كثيرًا، حيث أقدمت في اليوم التالي على قصف ما قالت إنه بؤر تؤوي مسلحين و"إرهابيين" في منطقة المزارع جنوب مدينة العريش، أودت بحياة ستة مسلحين وأصابت 14 شخصًا وفقًا لمصادر محلية.

 

لكنّ السيسي الذي أشهر سلاح الحل الأمني، وسيلة وحيدة للتعامل مع معضلة سيناء، وكان حريصًا على تهيئة الشارع المصري لتحمل مزيد من الدم والأرواح التي ستزهق في "حرب ممتدة، لن تنتهي في شهر أو اثنين"، بدا متناقضًا مع تصريحات سابقة رصدت له، خلال توليه منصب وزير الدفاع في حكومة هشام قنديل، حين قال في جمع من الضباط، إن انتهاج الحل الأمني في المحافظة لن يولّد سوى الثأر والعداوات، ولن يُفضي سوى إلى انفصال شبه جزيرة سيناء عن مصر، على غرار انفصال جنوب السودان عن الدولة المركزية عام 2011.

 

 

 

ولا يبدو الرئيس الذي جاء إلى دفة السلطة عبر انقلاب عسكري، راغبًا في حل أزمة المحافظة، التي تقع على مثلث حساس شرق البلاد، بطرق السلمية والاحتواء كما كان قد أوصى سابقًا في تسجيله المصور، مما يفتح التساؤلات عن أسباب تسخين الجبهة الشرقية المصرية المتاخمة لحدود كل من غزة وإسرائيل والسعودية والأردن، في هذا الوقت الحرج الذي تسعى فيه مصر لترسيخ النظام الجديد، والاستفادة من دعم الدول المانحة عربيًا وغربيًا.

 

مخاطر انفصال أم صنع عدو؟

 

وإزاء الحملة الأمنية التي أعلن أنها تنطلق مع سقف زمني مفتوح، تتسلط الأضواء على محافظة سيناء، التي تعدّ شبه جزيرة صحراوية، تشكل مساحتها 6 بالمئة فقط من مساحة مصر، في حين تطفو على بحيرة من الثروات والكنوز الاستراتيجية، التي لم يذق أبناؤها منها إلا النذر اليسير.

 

فالمحافظة التي يقطنها مليون ونصف المليون نسمة، تزخر بعيون مائية نقية، كما تحاط بالمياه من غالبية جهاتها، وتستحوذ على حصة الأسد من الشواطئ المصرية الساحرة، إذ تمتلك 30 بالمئة من سواحل مصر، مما بوّأها مكانة سياحية مميزة تدرّ على البلاد النسبة الكبرى من دخل السياحة مقارنة بغيرها من المحافظات، كما تحتضن خمسة مطارات دولية ومحلية.

 

وتتمتع سيناء بثروات غنية، لا سيما في مجاليّ النفط والتعدين؛ إذ يُقدّر إسهام النفط المستخرج من خليج السويس، بما نسبته 35 بالمئة من إنتاج النفط المصري.

 

ومن المعلوم أن من يسيطر على شبه جزيرة سيناء، سيكون الحارس والمتحكم في حركة الملاحة عبر قناة السويس، كما سيتحكم بتدفق الغاز الطبيعي المصري المعدّ للتصدير للخارج، عبر أنابيبه الممتدة في صحراء سيناء، مما يمنح هذه المنطقة، ذات السمة العشائرية والقبلية، مقومات الدولة المستقلة، كما تشكّل مسرحًا مغريًا للعديد من اللاعبين الإقليميين، لتحقيق مصالحهم عبر منصّاتها الخلفية.

 

ويبقى السؤال عما إذا كان من مصلحة النظام الجديد في مصر، الدفع باتجاه تململ الجبهة في سيناء إلى نحو تصعيدي يبشّر بالانفصال عن الدولة المركزية، أم أنه يحاول اليوم، توحيد الجبهة الداخلية ضد عضو مفترض يهدد وجودها، في وقت فشل خلاله في خلق حالة إجماع سياسي وشعبي على سياسات الرئيس الجديد، الذي جاء لإنقاذ البلاد من التطرف والتدهور الاقتصادي، فمُنيت البلاد في عهده بفشل إداري وموجات عنف أكثر شدة.

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023