شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تركيا والخليج العربي قراءة في أواصر العلاقات – نزار الحرباوي

تركيا والخليج العربي قراءة في أواصر العلاقات – نزار الحرباوي
لو استقرأنا تاريخ العلاقات التركية العربية لوجدنا أن بين هذه الشعوب الشقيقة من القواسم المشتركة الشيء الكثير ، ثقافة...

لو استقرأنا تاريخ العلاقات التركية العربية لوجدنا أن بين هذه الشعوب الشقيقة من القواسم المشتركة الشيء الكثير ، ثقافة جامعة ، ودين واحد ، وماض واحد ، ومهددات واقعية ومستقبلية واحدة.

 

من اليمن إلى الكويت، ومن السعودية إلى البحرين ، ومن عمان إلى قطر ، مروراً بالإمارات العربية، مكونات ومقدرات تكوين الفرد العربي لا تختلف شكلاً ومضمونا عن الإنسان التركي ، اللهم إلا في بعض الأمور الظاهرية والمسلكيات الفردية.

 

لا أريد هنا الخوض في تفاصيل الاعتراف الدبلوماسي المتبادل بين الدول العربية والجمهورية التركية ، لأن البعد السياسي الرسمي غالباً لا يعوّل عليه في صلات تبادلية فاعلة في مجالات الحياة ، مع إيماني بأهميته في فتح الأبواب لأشكال العلاقات التبادلية الأخرى.

 

الأحرى بنا أن ندرس الواقع الحالي ، لنقف على نقاط القوة والضعف في هذا الواقع ، ونستخلص من التجارب الفاشلة والناجحة في مسارات علاقات قوية ومنطقية بين دول الخليج العربي وتركيا كمثال ونموذج.

 

لا ينكر عاقل ما وصلت إليه هذه العلاقات الثنائية بين الدول في السنوات العشر الأخيرة ، فقد دخلنا جميعاً في بوتقة عهد جديد من الوعي الجبري الذي فرضته ضرورات الواقع، لنجد أنفسنا عرباً وأتراكاً قد فهمنا بعضنا من خلال من فرقوا بيننا في سالف الزمان ، فالأتراك تعرفوا على العرب من خلال الدراسات الغربية – لا سيما البريطانية والأمريكية منها – والعرب بادلوهم المثل بالمثل ، فقرأناها عن تاريخنا وفق ما يرويه هذا المستشرق أو ذاك الحاقد ونسينا أن نتواجه فيما بيننا لندرس ما جرى وما يجري! ما فات قد فات!

 

نحن أبناء اليوم كما يقال ، وعلينا أن نبني منظومتنا المعرفية والقيمية بناءً على ما وصلنا إليه من حالة التفاهم المشترك ومستويات العلاقة الآخذة بالنمو والتوسع بين تركيا والعالم العربي عموماً وبين تركيا ودول الخليج العربي على وجه التحديد.

 

في الواقع الكويتي مثلاً ، تكاد نسبة من زاروا تركيا من سكان الكويت تصل إلى ٥٠٪ من تعداد السكان ، وهناك نسبة عالية ومتزايدة باطراد من بقية دول الخليج العربي ، وهذا مؤشر لا بد وأن يؤخذ بالحسبان.

 

لكن السؤال الأهم هنا : هل وصلت العلاقات المؤسساتية الحكومية والأهلية إلى المستوى اللائق لها بين تركيا ودول الخليج العربي ؟

 

الجواب الحتمي لهذا السؤال هو النفي القاطع ، فما بين تركيا ودول الخليج العربي مجاملات سياسية ودبلوماسية وزيارات تبادلية صورية لا تتم برمجتها على شكل مشاريع وبرامج للتنمية المشتركة والتواصل المعرفي والتكنولوجي والتصنيع والتنمية الزراعية والبحث العلمي المشترك.

 

سؤال على الهامش ، هل لدينا مثال واحد من الدول العربية المبادرة والمقتدرة مادياً في خليجنا العربي تقدمت بمشروع للتطوير التكنولوجي المشترك بينها وبين تركيا في مجالات الطاقة وعلوم الفضاء وهندسة البيئة والإدارات اللامركزية ونحوها ؟!

 

تركيا وصلت إلى الفضاء من خلال القمر الصناعي ( غوك تورك ٢) ، وأطلقت مجموعة كبيرة من الأقمار الصناعية للاتصالات والقنوات الفضائية، والأمر لا يعدوا ذلك في مجال الإدارات اللامركزية والتصنيع العسكري والقدرات في المجال الزراعي ونحوها.

 

عندما ننظر للزيارات والمؤتمرات والفعاليات التركية العربية المشتركة – وقد حضرت وقدمت في الكثير منها – نسمع كلمة يجب ، وعلينا أن ، وينبغي .. أكثر من كل قاموس الكلمات الأخرى ، ولكن إذا نظرنا للواقع فالأمر مختلف تماماً.

 

 

دولنا في الخليج العربي تذهب بشكل مباشر في موضوعات التقنية والتعاون والاستشارات الدولية وعقود الطاقة للدول الغربية ، تستهويهم بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا تحديداً ، ولكن تركيا – برغم كل الامتيازات التي قدمتها للمستثمرين العرب – متروكة للجهود الفردية ، كأن يشتري أحد المستثمرين بيتاً في اسطنبول، أو قطعة أرض في صابانجا أو يلوى أو بورصا أو نحوها.

 

لماذا يا قياداتنا السياسية ؟

 

ألا يحق لنا أن نسال اليوم عن الجدوى والأثر والمردود ؟ز

 

ألا يحق لنا أن نسأل عن عشرات بل مئات الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها بين دولنا العربية وتركيا ؟.

 

أليست تركيا أحرص علينا من دول الغرب أم أن لدينا نظرة أخرى تتصل بالسياسة الخاصة وتحليلات التفاصيل والمحطات السياسية العابرة ؟.

 

برأيي أن علينا من اليوم أن نعيد ترتيب حساباتنا ونوقف هدر الأموال الطائلة التي يمكن إنفاقها استثمارياً في مشروعات ثنائية هادفة ومركزية توفر علينا كأتراك وعرب أن نتوجه للغرب بكل ما نريد ، وتجعلنا نتوجه للمستقبل بخطى جماعية واثقة.

 

ما طرحته هنا بخصوص تركيا ، ينطبق على الباكستان ، الدولة النووية الفقيرة ، وعلى ماليزيا التي تجثم في نهاية العالم متفردة بتميزها بعيداً عن مشروعات التواصل العربي معها بصورة مميزة تعزز من قدراتنا الذاتية وتكسبنا المزيد من عوامل القوة في هذا الزمان المتقلب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023