شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السيسي وعقيدة الصدمة – عبادة البغدادي

السيسي وعقيدة الصدمة – عبادة البغدادي
"قال محمود أن المصالح والخدمات كلها تقريبا معطلة، وأن اضطرابات أخرى اندلعت: سرقات...

"قال محمود أن المصالح والخدمات كلها تقريبا معطلة، وأن اضطرابات أخرى اندلعت: سرقات وأعمال نهب وقتل. بدأت هذه الأعمال ضد البنوك والمحلات التجارية الكبرى وبعض المؤسسات العامة ثم امتدت اإلى أملاك الأفراد، خصوصا المناطق الغنية حيث اقتحم كثير من اهالى العشوائيات والأحياء الفقيرة، بل وكثير من الشباب الذى لا يجد سكنا، الفيلات فى الأحياء الجديدة حول القاهرة، ثم الشقق الخالية داخل المدن. لم يكن هناك شرطة بالمعنى المفهوم، بل خليط من اللجان الشعبية فى بعض الأحياء، والمجالس العرفية فى الريف وبعض المناطق النائية“


كلمات متوارية في رواية "باب الخروج" لكنها تحمل وصفا دقيقا لأيام قريبة مقبلة يصنعها السيسي على عينه بقصد او بغير قصد .. انها "ماسر" التي تأخذ ولا تعطي .. ليس لأنها لا تريد .. لكن لأنها "لا تستطيع" هي دائما تعطي من يملكها "اغتصابا" .. تمنحه كل شئ .. أغلى ما تملك .. لكنها تتمنع على من يأتيها "طالبا الحلال".


في جامعة شيكاغو كان مدرس الاقتصاد "ميلتون فريدمان" منكبا على مكتبه يؤسس لنظرية اقتصادية جديدة مبنية على ان "الصدمة" من الممكن ان تشجع المجتمع على قبول اشكال انقى من الرأسمالية المتحررة من القيود التنظيمية للدولة .. حيث يجب على الحكومة أن تتوقف عن تقديم الخدمات وتنظيم الاسواق لانه حينها سيتمكن الاقتصاد من ان يضبط نفسه بنفسه وحيث ان الازمة أو "الصدمة" هي التي تصنع تغييرا حقيقيا.


السيسي اليوم يحاول أن يخلق الأزمة من خلال الاشارة الى "عدو" يجب على الجميع ان يتكاتف من أجل محاربته والقضاء عليه، ذلك الشبح الدخيل الذي يخوض حربا مقدسة لتدمير الوطن .. من الممكن أن ينجح السيسي من خلال خطابه العاطفي باوتار خطاب ديني سطحي يلامس بسطاء المصريين ويداعب مشاعرهم باستدعاء التاريخ في ذكرى الانتصار على عدو قديم في العاشر من رمضان .. من الممكن أن يسكن هؤلاء الان ولفترة .. ولكن نتائج التجارب المكررة لهذا النمط كانت كارثية ؛ تشيلي التي كانت تعد دولة رائدة في تجربتها الاقتصادية وبعد انقلاب عسكري بتدبير امريكي واقرار شكل جديد للنظام الاقتصادي (التشابه مجرد صدفة !! ) النظام المتحرر البعيد عن دعم الدولة وتنظيمها له ( لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله ) وبالرغم من طبيعة العسكر الساعية دوما الى السيطرة والتنظيم التسلسلي ..


بعد عام واحد بلغ التضخم ٣٧٥٪ سنويا .. زاد الأغنياء غنى والفقراء فقرا .. واصبح الفرد يصرف ٧٤٪ من دخله على الخبز فقط ..


لا تزال حيرة سائق الميكروباص في ذلك الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي تمثل تلخيصا لما سيكون عليه المستقبل .. اجمالي دخله بعد المستقطعات ٥٠ جنيها ، وبالامس كان علاج ابنته ٤٠ جنيها .. هل نعي ما نحن مقبلون عليه؟


السيسي يحاول ان يشغل الشعب بحربه على العدو الذي يريد القضاء على مصر ، الشعب ربما سينخدع مرة اخرى .. لكن هذه المره عندما يطرق شبح الفقر الحقيقي ابوابهم .. عندما يموت الابناء والجيوب خاوية الوفاض .. ساعتها ستتبخر سحب الخطابات العاطفية وستذهب "ماسر" إلى الجحيم وسيتحول الجميع إلى حيوانات تبحث عما تسد به افواها ممدودة.


حينها سيكون الامر أكبر من العسكر ومن الاخوان ومن الشرعية ومرسي ..


حينها ربما يكون السيسي نفسه وجبة على مائدة أحدهم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023