حذرت المعارضة السورية، والعديد من دول العالم، النظام السوري، من إجراء الانتخابات، معتبرة أنها ستكون "مهزلة ديمقراطية" وذات تداعيات سلبية على التوصل إلى حل سياسي للنزاع المستمر منذ منتصف مارس 2011، بينما مضى النظام السوري في إجراءات الانتخابات، مؤكدا عزمه المضي قدما فيها، وحدد رئيس مجلس الشعب السوري محمد جهاد اللحام، اليوم، موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الثالث من يونيو المقبل، مشيرًا إلى أن باب الترشح إلى الانتخابات يبدأ غدًا.
ويزيد عزم نظام بشار على إجراء الانتخابات تخوفات مراقبين من تعقيد الوضع أكثر، وإعاقة التوصل إلى اتفاق مع المعارضة التي تقود ثورة بشقيها (السلمي والمسلح) ضد بشار منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام، بينما يرد مقربون من بشار بعنف على الانتقادات العربية الموجهة للعملية الانتخابية، معتبرين أن "الملكيات الاستبدادية لا يحق لها انتقاد الديمقراطية السورية".
وأعلن اللحام "فتح باب الترشح إلى الانتخابات الرئاسية في سوريا تطبيقا لأحكام الدستور"، داعيًا "من يرغب بترشيح نفسه للتقدم بطلب الترشح إلى المحكمة الدستورية العليا خلال مدة عشرة أيام تبدأ من صباح الثلاثاء في 22 ابريل وتنتهي بنهاية الدوام يوم الخميس في الأول من مايو".
وزعم اللحام أن الاقتراع سيتم "عبر انتخابات حرة ونزيهة بإشراف قضائي كامل عليها".
ودعا رئيس مجلس الشعب السوريين إلى "أعلاء صوت إرادتهم عبر صناديق الاقتراع وتأكيد إرادتهم الحضارية في ممارسة العمل الديمقراطي وحقهم بانتخاب من يرونه مناسبا قادرا وصالحا لقيادة سوريا نحو النصر المبين"، على حد قوله.
وعلى الرغم من أن الانتخابات القادمة ستكون أول "انتخابات رئاسية تعددية" في سوريا -حسب ما ذكر اللحام- فإن قانون الانتخابات الرئاسية الذي أقره مجلس الشعب في 14 مارس، يغلق الباب عمليا على احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج، إذ يشترط أن يكون المرشح إلى الانتخابات قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية.
ويقول محللون إن هذا يجعل من الصعب على معارضي الخارج والداخل خوض الانتخابات.
ولم يعلن بشار الأسد حتى الآن رسميًا ترشحه إلى الانتخابات، إلا انه قال في مقابلة مع وكالة فرانس برس في يناير إن فرص قيامه بذلك كبيرة.
في المقابل، أكّد القيادي في هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي المعارضة في سوريا ماجد حبو، أن "الانتخابات الرئاسية المقبلة منزوعة الشرعية الدولية سلفاً وليس لها أي شرعية وطنية".
وحول ما ستقوم به الهيئة في مواجهة الانتخابات الرئاسية، قال حبو ممثل حزب العمل الشيوعي في الهيئة في تصريحات صحفية، "الموقف الواضح لهيئة التنسيق الوطني واضح، فأي إجراءات أحادية الجانب لكل أطراف النزاع تفتقر إلى الشرعية الوطنية أولاً ولا تصلح لأي حل سياسي للأزمة السورية، وتعتبر إعاقة واضحة للمسار السياسي السلمي، و(تغيير دستور، انتخابات مجلس شعب، حكومة منفى، انتخابات رئاسية) كلها محاولات تتعارض والالتزام الذي تعهدت به كل القوى السياسية السورية نظاماً ومعارضة من خلال قبولها بالنقاط الست لتفاهم جنيف والذي ينص صراحة على التفاوض بين المعارضة والنظام من أجل إعلان دستوري تتشكل على أساسه حكومة كاملة الصلاحيات لإدارة المرحلة والعمل على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة بإشراف دولي.
وأضاف: لذلك (الانتخابات الرئاسية) منزوعة الشرعية الدولية سلفاً وليس لها أي شرعية وطنية داخلية، وسنقوم بفضحها وكشف لا شرعيتها وبالتالي مقاطعتها حتماً، واستمرار كل أشكال النضال المدني السلمي لمواجهتها كشكل من أشكال الديكتاتورية والاستبداد، والهيئة تجد أن النضال المدني السلمي لكل القوى المدنية والسياسية هي الطريق الأنجع للانتقال الوطني الديمقراطي المنشود في سوريا.
ومن جانبه، حذر الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، من إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا، بأنها تهدد جهود التفاوض مع المعارضة وتزيد الأزمة المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات تعقيدًا.
وعلى نفس النهج، وجهت الحكومة البريطانية، اليوم الاثنين، انتقادات حادة لإعلان البرلمان السوري موعد الانتخابات الرئاسية في يونيو القادم، مؤكدة أن أي انتخابات تجرى حاليًا بعيدة كل البعد عن أي معايير دولية ونتيجتها لا قيمة ولا مصداقية لها.
وقال الوزير بوزارة الخارجية البريطانية مارك سيموندز: "إن الانتخابات الرئاسية السورية التي تجرى على خلفية اعتداءات يشنها النظام وفي أجواء من الخوف والرهبة لن تحمل أي مصداقية".
وتعليقا على إعلان مجلس الشعب السوري بأن انتخابات الرئاسة سوف تجرى في الثالث من يونيو 2014، قال الوزير سيموندز: "إن خطط الأسد لإجراء الانتخابات هدفها فقط استدامة دكتاتوريته".
وأضاف: "ستجرى هذه الانتخابات على خلفية اعتداءات متواصلة يشنها النظام ضد المدنيين، وبوجود مئات آلاف المواطنين يحاصرهم النظام في ظروف فظيعة، وفي أجواء من الخوف والرهبة حيث آلاف المعارضين السلميين للأسد قد تعرضوا للاعتقال أو أنه لم يعد لهم أثر، ولن يتمكن ملايين السوريين الذين اضطروا للنزوح عن بيوتهم أو أنهم يعيشون كلاجئين خارج سوريا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات".
وتابع: "إن القانون الانتخابي السوري الجديد يستثني مشاركة المعارضة الفعلية من المشاركة بالانتخابات وإن أي انتخابات تجرى على هذا الأساس بعيدة كل البعد عن أي معايير دولية، ونتيجتها لا قيمة ولا مصداقية لها".
وأكد على أن المملكة المتحدة تؤيد الرؤية الديمقراطية والتعددية التي حددها الائتلاف الوطني السوري، قائلاً: "نؤمن بأن عملية جنيف 2 السياسية هي المكان المناسب لتفاوض الأطراف السوريين على عملية الانتقال السياسية والدستورية ويجب على النظام السوري استئناف المشاركة في هذه العملية، بدل أن يقوضها".
وفي السياق ذاته، قالت الأمم المتحدة اليوم الاثنين، إن الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون حذر من أن الانتخابات الرئاسية التي أعلنت عنها سوريا ستعرقل الجهود للتوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية المندلعة في البلاد منذ ثلاث سنوات إذا أجريت في الثالث من يونيو حزيران.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن بان والوسيط الدولي في سوريا الأخضر الابراهيمي "حذرا من أن إجراء الانتخابات في الظروف الحالية وسط الصراع الدائر والنزوح الواسع سيضر العملية السياسية ويعرقل احتمالات التوصل إلى حل سياسي".
وأضاف "مثل هذه الانتخابات لا تتوافق مع نص وروح إعلان جنيف" مشيرا إلى اتفاق ابرم في يونيو حزيران 2012 بشأن السعي لانتقال سياسي في سوريا.
وعلى الجانب الآخر، نقلت مصادر صحفية، عن طبيب علّم الأسد في كلية الطب في دمشق إنه سيصوّت لمصلحته على الرغم من أنه لا يعتبره "ديمقراطيًا 100 في المائة"، لأن البديل الوحيد منه هو الحكم الإسلامي.
واعتبر الطبيب، الذي رفض الكشف عن هويته، أن "الملكيات الاستبدادية –أي قطر والسعودية- التي تدعم المعارضة المتشددة لا يحق لها أن تنتقد شرعية الانتخابات، لأنها لا تمارسها أساسًا على أراضيها".
وأضاف: "إذا شكك الأميركيون في شرعية الانتخابات السورية، لديهم الحق، لأن لديهم ديمقراطية. لكن قطر أو المملكة العربية السعودية ليس لديهما هذا الحق".