بعد شهور علي انتشار الجيش والشرطة في ميادين وشوارع مصر ، وثبات أسطوري لمناهضي الانقلاب العسكري ، وبالرغم من تصريح مسرب لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي نشرته شبكة "رصد" الإخبارية قال فيه نصاً «الجيش ليس مهمته مجابهة ومكافحة الإرهاب، وأفكر نفسي وحضراتكم لما حصل الإرهاب في الصعيد في التسعينات وطلب من القوات المسلحة إنها تقوم بالدور ده رفضنا إن القوات المسلحة تقوم بدور مكافحة الإرهاب في مصر، لأن ده مش دورها، ومش دي مهمتها؛ مهمة القوات المسلحة هي الحفاظ على الأمن القومي المصري وحماية الحدود» .
أعلن السيسي بحسب موقع الوطن الإخباري، عن تشكيل مجموعة من القوات الخاصة للتدخل البري السريع؛ لمواجهة ما وصفه بـ "الإرهاب" والتحديات التي تمر بها البلاد ، موضحًا أن تشكيل مثل هذه القوات تعد الأولى من نوعها في الجيش المصري.
إعلان اليوم يفتح من جديد التساؤلات حول ما تحدث عنه عسكريون في السابق من أن انتشار الجيش في الشوارع يضعف من قدرته الحربية ، إضافة إلي غياب دوره الحقيقي في حراسة الحدود ورفع الكفاءة القتالية للجنود .
كما يؤكد أن الجيش وداخلية الانقلاب علي مدار شهور من القمع الدائم للحراك الثوري لم يقدروا علي إخماد جزوته فكان لزاماً تشكيل "قوات للتدخل السريع تمتاز بالقدرة العالية على المناورة وسرعة الحركة؛ لتنفيذ جميع المهام، بالتسرب البري العميق، تضم أفضل العناصر من المشاة والمدرعات والدفاع الجوى والقوات الخاصة" بحسب تصريحات السيسي خلال تفقده أحد تشكيلات القوات المسلحة اليوم .
السيسي .. "كل حاجه والعكس" !
السيسي الذي تحدث مطولاً عن خطورة نزول الجيش للشارع، وأنه يؤخر البلاد ثلاث أو أربع عقود من الزمن هو أيضاً من أكد " «الجيش آلة قتل، لذلك ليست مهمته مجابهة ومكافحة الإرهاب الداخلي، لأن مخاطرها ضخمة جدًا، ومن الممكن أن تحصد ضحايا من المدنيين».
مضيفاً في التسريب الذي يحاكم بسببه صحفيو شبكة "رصد" الإخبارية أمام القضاء العسكري: «مجابهة الجيش للإرهاب خطر، لأنك النهاردة لما تقول لسرية خش اعمل.. يعمل إيه؟ إحنا مدربينه على كدة؟ هيضرب بقى.. يضرب يعمل ايه؟ طفل مع شاب مع عجوز مع كدة يموت» .
وهو ما أكده المستشار أحمد مكي وزير العدل السابق، حيث كشف أنه كان علي حوار دائم مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي .
وقال مكي أثناء حوار له علي قناة الجزيرة مباشر مصر أنه ذات مرة طالبه بدعم القوات المسلحة للشرطة ولكنه رفض قائلا أن القوات المسلحة مكانها في ثكناتها والاهتمام بتطوير قدراتها القتالية لأن مصر معرضة لأخطار .
وأضاف مكي أن السيسي حدثه عن المخاطر التي تواجه الجيش حال نزوله الشارع وما آل إليه حال القوات المسلحة من فترة حكم المجلس العسكري .
دور الجيش حماية الحدود
كان أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح قد خاطب السيسي في مقال سابق له نشرته بوابة الشروق الإلكترونية، منوهاً إلي خطوة تدخل الجيش في السياسية "دورك الوطنى أن تبتعد عن السياسة فإنها ليست لك ولا يعد الجيش لها، دورك محدد ومحدود فى حماية أمن الوطن والوجود فى الدفاع عن الحدود".
متسائلاً عن دعوى نصرة الشعب من كل حواضر مصر ومدنها وقراها للحماية الضرورية لمطالب ثورته،كما قال في بيان الانقلاب "أى شعب وإرادة شعبية تشير، شعبك شعب واحد لا تنظر إلى فئة منه دون فئة، وأى ثورة تريد ثورة من الثورة أم ثورة عليها".
شاهد من أهلها !
الأمر لم يقتصر علي مناهضي الانقلاب وحدهم، ولا السيسي المنقلب علي حواراته مع جنود وقادة الجيش والرئيس المنتخب محمد مرسي، فقد كتب الإعلامي عماد الدين أديب، وهو واحد ممن يروج الآن للسيسي كرئيس للبلاد ولضرورة تواجد الجيش في الشارع، هو نفسه من كتب في مقال نشره موقع جريدة الوطن المصرية الثلاثاء بتاريخ 11 / 6 أي قبل الانقلاب بأيام معدودات بعنوان "دعاة نزول الجيش" قال فيه: "الذين يريدون نزول الجيش إلى الشارع المصرى من أجل استبدال النظام الحالى بسلطة الجيش لا يعلمون مدى خطورة مطلبهم هذا. إن مثل هذا التصور فيه خطورة على الديمقراطية وعلى الشعب وعلى الجيش ذاته .
مضيفاً: "مؤسسة الجيش عاشت على مر التاريخ بعيدة عن الصدام مع أبناء الوطن، لذلك يخشى أن تأتى الأوضاع على الأرض باضطرار القوات إلى التعامل القتالى مع المواطنين من أى طرف من الأطراف، وهو وضع مرفوض وخط أحمر داخل العقيدة القتالية لأبناء الجيش المصرى، وهو أمر قد يؤدى إلى تفجير الجيش من داخله .
إضرار مع سبق الإصرار
وتمضي الأيام، لينقلب السيسي وأتباعه علي أفكارهم ذاتها، ويتم الإعلان عن تكوين فرقة لمواجهة "الإرهاب" الذي درج استخدامه كمصطلح في وسائل الإعلام المصرية كوصف لمناهضي الانقلاب العسكري، لييثبت بهذه الخطوة أن سلاح السلمية الذي يستخدمه الثوار فشلت في مواجهته الجيش والشرطة مجتمعين، فوجب الإستعانة بقوات أكثر إحترافية، لا لحراسة الحدود، وإنما لمزيد من القمع والقتل .
وأن السيسي كما قال منسق جبهة الضمير حاتم عزام تعمد الإضرار بجيش مصر بإنزاله ميادين الثورة بدلاً من الحدود والثكنات وأنه :" يعي تماما بأن نزول الجيش في الشارع وضرب أي رصاصة فشنك، خطر على حياة الجيش وضرر جسيم يقع على مصر" .