إذا غاب القصاص هانت الأرواح، وهانت معها معاني الإنسانية والكرامة.. ما أصعب أن يقتل ابنك أو أخيك بطريقة بشعة، لكن الأصعب بلا شك أن تجد قاتله مبتسمًا أمام الكاميرات هاربًا من العدالة، أو مُهربًا بطريقةٍ ما
في سياق مهرجان البراءة للجميع، قضت محكمة جنح الخانكة، برئاسة القاضي محمد عبد الله عباس، الثلاثاء، في جلستها المنعقدة بمقر أكاديمية الشرطة، بالسجن لنائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة 10 سنوات، وحبس 3 ضباط آخرين بالقسم، سنة مع وقف التنفيذ، في قضية اتهامهم بالتسبب في وفاة 37 مواطنًا وإصابة آخرين من المعتقلين المرحلين بسيارة الترحيلات من قسم مصر الجديدة إلى سجن أبو زعبل، عقب مجزرة رابعة العدوية.
استنكر الناشط الحقوقي جمال عيد "مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، الحكم الصادر، وقال جمال عيد من خلال تغريدةٍ له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "حرقة القلب على ضحايا مذبحة أبو زعبل تزيد حرقة القلب على كل شهداء الثورة، وحقوق لم تُرد".
10 سنوات لنائب المأمور فقط!.. هو المقابل لوفاة 37 مواطنًا على مرأى ومسمع من الجميع، والسؤال هنا هل الإعدام والأحكام القاسية مقتصرة على من ناهض الانقلاب فقط؟!
وفي رد فعلٍ لأهالي الشهداء، الذين أصابتهم حالة من الانهيار التام المصحوبة بالبكاء، فور سماعهم الحكم الذي قضت به محكمة جنح الخانكة، حيث وصفت منى والدة رفيق جمال صيام، بدموعها وأنفاسها المتقطعة أن الحكم الذي صدر ما هو إلا مسرحية هزلية قام بها المسئولون، ولكن الغلطة الأساسية هي أننا لم نحول تلك القضية إلى جنايات بدلًا من الجنح، فيما أكدت في تصريحات صحفية، أن الخطوات التي من المقرر أن تتم الآن هي الاستئناف في هذا الحكم، وأنه لم يشف غليلها كأم شهيد حتى لو تم الحكم عليهم بالإعدام وأن "الله هو المنتقم الجبار". وطالبت التدخل السريع من جانب منظمات حقوق الإنسان لتحويلها إلى قضية دولية.
ومن جانبه، قال أحمد الديب، الأخ الأكبر لأحد شهداء قضية "أبو زعبل" في تصريحات صحفية، إن هذا الحكم في منتهى السوء، مؤكدًا أن القضاء المصري غير نزيه بالمرة، وكان من المتوقع أن يتم التضحية بعمرو فاروق نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة للتستر على الجناة الحقيقيين.
وأكد الديب، أن المحاكمة سيتم تحويلها إلى المحكمة الجنائية الخاصة بالتعويضات، ولكن أموال مصر كلها لن تعوضنا عما حدث ونطالب بالقصاص العادل والحقيقي من القتلة.
ليس حكم المحكمة هو أسوأ ما واجهه أهالي الشهداء، ولكن الابتسامات التي اعتلت أوجه الجناة، التي تلوح بالنصر في الظاهر، وبالظلم البين في الباطن جراء هذا الحكم.
وقد لاقت هذه الابتسامات، استنكار النشطاء أيضًا، مرددين: "حسبنا الله ونعم الوكيل".