تناولت مجلة "نيوزويك" الأمريكية الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك اوباما للسعودية في الأسبوع الأخير من شهر آذار/ مارس الحالي.
وتساءلت عن جدوى الزيارة، وفيما إن كانت ستغير أو تقنع السعوديين الذين يشعرون بتخلي واشنطن عنهم. كما تحدث كاتب التقرير بيني أفني عن التطورات الجديدة في منطقة الخليج من ناحية الخلافات بين السعودية وحلفائها من جهة، وقطر من جهة أخرى. وتساءلت عن قدرة أمير قطر على المرور من العاصفة الدبلوماسية هذه بدون خسارة الكثير من قوته.
وقالت إن أوباما عندما سيصل السعودية سيجد منطقة مختلفة عن تلك التي كانت عليه قبل شهر حينما أعلن مساعدوه عن الزيارة؛ ذلك أن الزيارة خطط لها أصلا لرأب الصدع مع السعوديين الذين عبروا عن غضبهم من التقارب بين الولايات المتحدة وإيران، وعليه كان الرئيس يأمل بعلاقات سلسة مع أقدم حليف للولايات المتحدة في المنطقة، وليوضح لقادتها وقادة الخليج ملامح الدبلوماسية التي تقودها بلاده مع إيران.
ولكن الآن سيجد أوباما نفسه أمام صراع يدور في داخل الدول المحافظة في الخليج، والذي طفا على السطح في أثناء اجتماع مسؤولي دول مجلس التعاون الخليجي (التحالف الذي ظل منسجما، وناديا متماسكا للدول النفطية والخليجية).
وأشارت المجلة إلى الخلاف مع قطر "الإمارة الصغيرة" التي وجدت نفسها في بداية شهر آذار/ مارس على خلاف مع شركائها في المجلس، عندما أقدمت السعودية والبحرين والإمارات على سحب سفرائها من الدوحة.
ومع أن رد فعل المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جينفر بساكي كان "تشجيع المسؤولين في هذه الدول على التعاون فيما بينهم، وحل الخلافات العالقة وبشكل سريع"، إلا أن الأمر في هذه الحالة قد يكون أعقد مما تتحدث عنه المسؤولة في الخارجية.
فلم يمض على تسلم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني السلطة في بلاده عام بعد، وكان أول حاكم شاب في منطقة يبلغ عمر حكامها ضعف عمره، سيقرر إن كان سيخفف من درجة حرارة التوتر، أو تصعيد المواجهة الدبلوماسية.
وأشارت إلى عامل آخر في الرياض، حيث هناك عدد من النجوم الصاعدين من الجيل الثالث في العائلة الحاكمة، وأهمهم الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية الذي يعزز من قوته داخل المملكة، ويحاول استخدام علاقاته الوثيقة مع واشنطن كوسيلة.
وتقول المجلة إن محمد في منتصف العقد الخامس من عمره، عقد في نهاية التسعينيات من القرن الماضي مع مدير محطة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي إيه) في الرياض جون برينان، المدير الحالي لـ"سي أي إيه"، كما عقد صداقة مع وزير الخارجية الحالي جون كيري.
وفي شباط/ فبراير زار واشنطن، والتقى مع نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، ومستشارة الامن القومي للرئيس سوزان رايس.
وحل الأمير محمد في بداية شباط/ فبراير محل الأمير بندر بن سلطان، نقطة الاتصال الرئيسية بين السعودية والمعارضة السورية.
ورُبط قرار تغييب الأمير بندر بأسباب صحية، بما في ذلك آلام في الظهر، لكن تهميش الأمير ربما جاء -كما تقول المجلة- لتخفيف حدة التوتر مع الولايات المتحدة، خاصة أن السعوديين عبروا عن غضبهم من دبلوماسية أوباما الإيرانية، والحرب في سوريا التي تحولت إلى حرب بالوكالة بين السنة والشيعة.
وأشار التقرير إلى مخاوف الولايات المتحدة من الجهاديين، رغم أن أوباما أعلن عن فقدان الأسد شرعيته. وقال مسؤول في الإدارة "نحن قلقون حول زيادة التطرف في سوريا"، مستدركا: "ما نزال نعتبر السعوديين شركاءنا" على الرغم من ذهاب معظم التمويل من دول الخليج للجماعات "المتطرفة".
وتنقل عن علي أحمد، وهو معارض سعودي يقيم في العاصمة واشنطن، قوله إن الأمير بندر ربما كان مسؤولا عن الوضع، لكن الأمير محمد منشغل بصعوده للسلطة أكثر من اهتمامه بسوريا. وعليه يقول علي إن الولايات المتحدة تأمل تعاون الأمير على كبح دعم السعوديين للمتطرفين في سوريا.
وينقل أفني عن دبلوماسي غربي يزور الرياض وعواصم الخليج بشكل دائم قوله إن السعوديين مثل القطريين، ينظرون للأسد باعتباره دمية إيرانية، وتظل إيران هي العدو الحقيقي.
وحتى تقاتل الأسد وإيران، يقول الدبلوماسي إن دول الخليج تنظر حولها وتسأل "مَن بإمكانه هزيمة الأسد؟"، بالطبع ليس المعتدلين ولكن الجهاديين الذين يتلقون دعم هذه الدول.
ويشير التقرير إلى تعقيد آخر في الحرب السورية، وهي جماعات المقاتلين التي تتحارب فيما بينها، حيث ينقل عن مصادر داخل سوريا زعمت أن الداعمين السعوديين، وليسوا بالضرورة الحكومة هنا، يفضلون دعم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فيما يدعم القطريون جبهة النصرة.
ويمضي أفني للقول إن التنافس القطري- السعودي واضح ومتكرر في معظم أنحاء العالم العربي؛ حيث تدعم الدوحة جماعة الإخوان المسلمين التي تثير مخاوف السعودية؛ لأنها "تقدم نموذجا سياسيا" للسعودية -بحسب المعارض علي في واشنطن-.
ولا ينسى الكاتب هنا الإشارة إلى قرار الحكومة السعودية بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الجماعات الإرهابية، وفي اشارة واضحة للولايات المتحدة ضمنت جبهة النصرة في القائمة مع الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ويضيف أفني أن السعوديين يقدمون بسعادة الدعم المالي للحكام العسكريين في القاهرة الذين يقومون بشراسة بقتال الإخوان المسلمين.
ويشير الكاتب هنا إلى قناة "الجزيرة" التي تملكها قطر، والتي تسبب كدرا للحكام في السعودية والخليج؛ بسبب نقلها أحاديث الشيخ يوسف القرضاوي؛ ولأنها تخصص مساحة واسعة لشجب النظام العسكري في مصر، "المهتمون منا بالشؤون العربية أبعد من مصر لا يتابعون" الجزيرة -حسب الدبلوماسي الغربي-.
ويزعم الكاتب أن الشيخ تميم منذ اعتلائه عرش قطر بعد تنحي والده عن السلطة، قد رفع مستوى طموحات الإمارة لأعلى مستوى، خاصة أن والده الشيخ حمد حول قطر "لامبراطورية صغيرة".
والسؤال هنا: "هل سيكون الشيخ تميم قادرا على المرور فوق العاصفة الدبلوماسية بدون أن يخسر الكثير من قوته؟".
وينقل عن عيران سيغال المحاضر في شؤون الخليج بجامعة حيفا الذي قال: "نميل في العادة للتعامل مع الملكيات من خلال المنظور الغربي، وفحص الشخصيات على القمة"، و"لكن السياسة في هذه الدول عادة ما تحدد من خلال التشاور داخل العائلات الحاكمة، حيث يبنى الإجماع".
وعليه؛ يرى أن اوباما قد يجد صعوبة في إقناع السعوديين، "لا أعرف ماذا سيحمل معه أوباما من أفكار"، خاصة بعد انزعاجهم من تردد أوباما في معاقبة الأسد على تجاوزه "الخط الأحمر"، ومن هنا: "كيف ستغير الزيارة هذا الوضع؟".
عربي 21
http://arabi21.com/Story/734371