شنت مقاتلات عراقية أمس (الأحد) غارات على مواقع مفترضة لمسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار التي قتل فيها الأحد عشرات العسكريين والمدنيين في اشتباكات جديدة. ويخطط الجيش العراقي لمهاجمة مدينة الفلوجة التي باتت تخضع لسيطرة العشائر بعد اشتباكات الأيام القليلة الماضية.
وبحسب تقرير للجزيرة قال مسؤولون محليون في الرمادي إن المقاتلات استهدفت مواقع في الأحياء الشرقية بالمدينة, وتحدثوا عن مقتل 25 شخصا يشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. لكن مصادر أخرى أكدت لوكالة أسوشييتد برس مقتل 22 جنديا عراقيا و22 مدنيا وجرح نحو ستين آخرين في معارك الأحد.
وبعد ساعات من تلك الغارات الجوية, قصف الجيش بالمدفعية منطقة البوفراج التي تقع في محيط مدينة الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار.
وتفجرت الأزمة في الأنبار نهاية الشهر الماضي إثر اعتقال القوات العراقية النائب أحمد العلواني، ونزعها خيام الاعتصام بالرمادي.
واندلع القتال بالرمادي وامتد إلى الفلوجة وبلدات أخرى بالمحافظة, وشاركت فيه عشائر رافضة لتدخل الجيش, و"الصحوات" الموالية للحكومة, بينما تتحدث تقارير عن سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية على بعض المواقع في المحافظة.
والأحد, أعلن مصدر أمني عراقي أن الجيش يستعد لشن "هجوم كبير" على الفلوجة لاستعادة المدينة التي تقول الحكومة إن مسلحي القاعدة يسيطرون عليها, بينما تؤكد العشائر أنها خاضعة لسيطرتها.
تصعيد بالأفق
وينذر القصف الجوي والمدفعي للرمادي, وقبل ذلك للفلوجة, بتفاقم الأزمة وامتدادها لمحافظات أخرى كنينوى وصلاح الدين وديالى, خاصة مع ازدياد الخسائر بين المدنيين.
فقد دعا "المجلس العسكري لثوار الأنبار" أبناء الفلوجة والموصل وأبو غريب للالتحاق بالعشائر المناهضة للحكومة.
كما دعا من سماهم "المغرر بهم" في الجيش العراقي ومن تعاون معه من الميليشيات والصحوات إلى الانسحاب من هذه التشكيلات والانضمام إلى مسلحي العشائر. بدورها، دعت "القيادة العامة لقوات الدفاع المناطقي" ضباط الجيش العراقي السابق وفصائل المقاومة وأبناء العشائر إلى تشكيل "الجيش المناطقي للدفاع عن مناطق سنة العراق".
وكان مسلحو العشائر قد هاجموا في اليومين الماضيين ثكنات في محيط الرمادي والفلوجة, وسيطروا على بعضها, وقطعوا الطريق التي تصل بغداد بالأنبار, وتحدثت تقارير عن استسلام وحدات من الجيش لهم.
وتوسع نطاق القتال السبت إلى منطقة "الرفوش" بمحيط ضاحية "أبو غريب" غرب بغداد. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن اشتباكات متفرقة وقعت الأحد في الرمادي وفي ضواحي الفلوجة, بينما تحدثت تقارير عن سيطرة تنظيم الدولة على قرية "بودالي" قرب الرمادي.
وقال مراسل الجزيرة أحمد الأنباري إنه عثر الأحد شرق الفلوجة على جثث جنود قتلى وعلى جوازات سفر أحدها مختوم بتأشيرة دخول إلى إيران, كما عثر على 11 دبابة وآلية عسكرية. منجهته, قال الجيش إنه قتل الأحد 11 مسلحا على الطريق بين بغداد والفلوجة.
ووفقا لبعض التقديرات, فقد قتل الجمعة والسبت ما يصل إلى 160 شخصا، بينهم مدنيون أثناء الاشتباكات في الأنبار.
وفي ظل الاحتقان الشديد بالأنبار, ضربت سلسلة تفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة مناطق في بغداد بينها حي الشعب مما أدى إلى مقتل ما يقرب من عشرين شخصا وإصابة أربعين وفق مصادر أمنية وطبية عراقية.
مبادرة للحل
وقد عرض رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي الأحد مبادرة تشمل سحب الجيش من المدن وإطلاق سجناء لإنهاء الأزمة.
وقال علاوي الذي يرأس ائتلاف "القائمة الوطنية" إنه يتعين سحب الجيش من المدن ونشر قوات الأمن الداخلي فيها, وتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين في الأنبار وغيرها من المحافظات.
ودعا في هذا الإطار إلى إطلاق السجناء الأبرياء, ووقف الحملات التحريضية والتصريحات الاستفزازية.
وحذر علاوي من أن العراق مقبل على "صراع شنيع" في حال استمرت الأزمة, وحث الوزراء غير الأعضاء في "ائتلاف دولة القانون" بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي على الاستقالة في حال استمر التصعيد من جانب الحكومة.
وتعليقا على المبادرة, قال عدنان السراج العضو في ائتلاف دولة القانون للجزيرة إن رئيس ائتلاف الوطنية طرف غير محايد, وبالتالي لا يمكنه تقديم مبادرات.
وكان المالكي أعلن بعيد بدء القتال في الأنبار تصميمه على الاستمرار في العملية العسكرية التي يقول إن الغرض منها القضاء على المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة هناك.